سولارابيك – مصر – سبتمبر 2022: أصدر مركز المعلومات ومركز اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصريّ، رؤيةً بحثيةً ضمن سلسلة رؤى على طريق التنمية بعنوان “توطين مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.. الفرص والتحديات والتوصيات”. تناولت الدراسة إمكانيات إنتاج الهيدروجين الأخضر، دوره في عمليات التحول الطاقي وتحدياته، وتوصيات تسرّع توطين مشاريع الهيدروجين الأخضر في مصر.
أهمية توطين مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر
لتوطين مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر أهمية كبيرة للدولة المصرية من النواحي التنموية والاقتصادية والقومية. فمن شأنها أن تخلق فرصاً جديدة للاستثمارات المحلية والعالمية وأن توفر فرص عملٍ للمواطنين.
مِصر تتمتع بوفرة موارد الطاقة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، والتي باستطاعتها تحقيق دخلٍ إضافيٍ للخزينة يُقدَّر بمليارات الدولارات سنوياً. وتوطين مشاريع الهيدروجين الأخضر المُنتَج من مصادر الطاقة النظيفة سيحقق الاستدامة بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 والتي تُعَد الطاقة المستدامة إحدى مرتكزاتها. من جهةٍ أخرى، تلعب مشاريع الهيدروجين الأخضر دوراً مهماً في حماية الاقتصاد المصري من الأسعار المتقلبة للغاز الطبيعي.
الوضع الحالي لمشاريع الهيدروجين الأخضر في مصر
مصر حالياً هي إحدى الدول الرائدة على مستوى المنطقة العربية في توطين مشاريع الهيدروجين الأخضر. فيها 9 مشاريع للهيدروجين، منها 5 لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مشروعٌ لإنتاج الأمونيا الخضراء، اثنان للهيدروجين الأزرق وواحدٌ للأمونيا الزرقاء. ولعلّ من أبرز العوامل التي ساعدت على زيادة توطين هذه المشاريع ما يلي:
- إعداد دراسات الجدوى لمشاريع الهيدروجين الجديدة باستثماراتٍ تتراوح بين 3-4 مليار دولار من قِبَل عددٍ من الجهات المختصة، كوزارات الكهرباء والبيئة والبترول والثروة المعدنية وبالتعاون مع صندوق مصر السيادي.
- تشجيع الاستثمار في قطاع الطاقة الخضراء في مصر، والتي تشمل مشاريع الهيدروجين الأخضر. إذ أقرّت الحكومة عدداً من الحوافز لمشاريع الهيدروجين الأخضر الحالية والمستقبلية، إلى جانب إصدار وزارة المالية عدداً من السندات الخضراء.
- تعاون الحكومة المصرية المستمر مع المؤسسات المختصة والشركاء الدوليين في القطاع. كتعاونها مع المفوضية الأوربية للعمل على الاستراتيجية المصرية المتكاملة للطاقة المستدامة «ISES» لعام 2040، وتوقيعها اتفاقية تعاونٍ مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD» لوضع الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين.
- منح الإعفاءات الضريبية لمشاريع إنتاج وتصدير ونقل وتخزين الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء. إذ من الممكن أن تصل نسبة هذه الإعفاءات الضريبية إلى 50% من تكاليف استثمارات الأرباح الخاضعة للضريبة.
- تعاون القطاع الخاص مع الحكومة من خلال إعداد دراسات جدوى والمشاريع التجريبية، لفهم المخاطر المالية والتقنية المصاحبة لمشاريع الهيدروجين الأخضر. ومن هذه المبادرات:
- المشروع التجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بنظام EPC +Finance بواسطة الشركة القابضة لكهرباء مصر وشركة سيمنز الألمانية.
- مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات تتراوح بين 50-100 ميجاواط كمادةٍ وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء بواسطة شركتي «Fertiglobe» و«Scatec» النرويجية بالتعاون مع صندوق مصر السيادي.
- إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لتنفيذ مشاريع إنتاج الهيدروجين وتخزين والتقاط الكربون، بواسطة الشركة المصرية القابضة للغازات وبالتعاون مع « Técnicas Reunidas » الإسبانية.
- مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر كوقود نظيف للحافلات السياحية بواسطة شركة طاقة للكهرباء بالتعاون مع الشركة الألمانية «MAN Energy Solutions».
إيجابيات وسلبيات الهيدروجين الأخضر
يتمتع الهيدروجين الأخضر بمزايا عزّزت التوجه العالمي نحوه، ومنها كونه نظيفاً بنسبة 100%، أي لا يتسبب في أية انبعاثات كربونية. إلى جانب قابليته للنقل والتخزين، وإمكانية نقله من خلال مزجه مع الغاز الطبيعي بنسبٍ معينة في الأنابيب الناقلة للغاز الطبيعي.
وعلى الرغم من إيجابياته كناقلٍ للطاقة، إلا أن له سلبيات تحد من نشر مشاريعه، في مصر وعلى المستوى العالمي. ومن ذلك، تكلفة الإنتاج المرتفعة مقارنةً بتكاليف إنتاج الأنواع الأخرى من الهيدروجين، كالهيدروجين الرمادي الناتج من الوقود الأحفوري. ويعود السبب في ذلك لاعتماده على الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة والتي تُعَد أكثر تكلفة في توليدها، فضلاً عن التكاليف المرتفعة للمراحل التي تلحق الإنتاج كالنقل والتخزين، إذ تحتاج مصر لاستثماراتٍ ضخمة لتطوير بنية تحتية مناسبة لنقل وتخزين الهيدروجين الأخضر.
إضافة إلى ذلك يتطلب الهيدروجين الأخضر مستوىً عالٍ من معايير السلامة والأمان، فهو عنصرٌ متطايرٌ وقابلٌ للاشتعال والانفجار بدرجةٍ عالية، ما يتطلب اتخاذ بعض الإجراءات والبُنية التحتية لمنع حوادث التسرب والانفجارات.
ومع ذلك، لا تزال فرص توطين مشاريع الهيدروجين الأخضر قائمةً على أرض الواقع. ويمكن اتّباع بعض الإجراءات لتجاوز سلبياته، كخفض التكاليف لسلسلة القيمة للهيدروجين الأخضر وتحسين عمليات البحث والتطوير لتكنولوجيا هذه المشاريع.
استخدامات الهيدروجين الأخضر
يُستخدَم الهيدروجين الأخضر في إنتاج الكهرباء النظيفة ومياه الشرب، وأيضاً في مجالات التنقّل، تحديداً في قطاع الطيران النقل البحري المستدام. كما وله دورٌ في الصناعات المتعددة كصناعة الفولاذ الأخضر التي تتضمن حرق الهيدروجين كمصدرٍ للحرارة بدلاً من الفحم. فضلاً عن كونه بديلاً للغاز الطبيعي في الاستخدامات المنزلية.
الهيدروجين الأخضر أم الأزرق في مصر؟
الهيدروجين الأزرق هو الهيدروجين الناتج من الغاز الطبيعي بتقنيات احتجاز وتخزين الكربون «CCS» أو تقنيات احتجاز وتخزين واستخدام الكربون «CCUS». أما الهيدروجين الأخضر فهو الهيدروجين الذي يتم إنتاجه من مصادر الطاقة المتجددة.
ويختلف الخبراء فيما إذا كان الهيدروجين الأزرق البديل الأمثل للهيدروجين الرمادي (المُنتج عن الوقود الأحفوري) في مصر أم الهيدروجين الأخضر. إذ يرى البعض أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر ما تزال حالياً أعلى بكثير من تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق، إلى جانب انخفاض نسبة الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة. إلا أن البعض الآخر رجّح أن الهيدروجين الأخضر هو الخيار الأمثل لتوطين مشاريع الهيدروجين. ويعود ذلك لعدد من الأسباب، نذكر منها:
- احتمالية عودة مصر لاستيراد الغاز من الخارج لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. فالإحصاءات تشير أن إجمالي احتياطات مصر للغاز الطبيعي سيتم استهلاكها بالكامل بعد 31 عاماً، ما يضعف الجدوى الاقتصادية لهذا الخيار.
- ارتفاع تكاليف البنى التحتية لمرافق احتجاز الكربون وتخزينه واستخدامه وهو ما يشكل عقبة في طريق هذا الخيار. فلا تزال الاستثمارات في مرافق تقنيات «CCS» و«CCUS» ضعيفة، ولا تتوافر الإمكانات الجيولوجية لتخزين الكربون في مصر في الوقت الحالي.
فرص الهيدروجين الأخضر في مصر
في الوقت الذي تفتقر فيه مشاريع الهيدروجين الأزرق في مصر للجدوى الاقتصادية، تتميز مشاريع الهيدروجين الأخضر بفرصٍ تجعلها واعدة، منها:
- وفرة مصادر الطاقة المتجددة في مصر إذ تقع مصر في منتصف منطقة الحزام الشمسي العالمي، والتي تتمتع بإشعاع شمسي مباشر يتراوح بين 2000-3200 كيلوواط ساعة/ متر مربع سنويّاً، وبمتوسط 3600 ساعة سطوع سنوية. أما بخصوص طاقة الرياح، فتصل معدلات سرعات الرياح في بعض المناطق كخليج السويس وخليج العقبة إلى 11 متراً لكل ثانية.
- زيادة الاستطاعات الإجمالية لمشاريع الطاقة المتجددة إذ بلغت نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة حوالي 20% من المزيج الكلي للطاقة في مصر في نهاية عام 2021. ومن المتوقع أن تتضاعف لتصل إلى حوالي 42% بحلول عام 2035، الأمر الذي سيساهم في تسريع نشر مشاريع الهيدروجين الأخضر.
- انخفاض أسعار الطاقة المتجددة، إذ تبلغ التكلفة المستوية لإنتاج الطاقة المتجددة حوالي 2 سنت/كيلوواط ساعة للطاقة الشمسية وحوالي 3 سنت/كيلوواط ساعة لطاقة الرياح.
- الفرص المتزايدة لاستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. إذ يمكن الاستفادة من خطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي الموجودة حالياً في نقل وتصدير الهيدروجين الأخضر إلى الاتحاد الأوروبي. إلى جانب التزايد والتنوع المستمر في التطبيقات المحتملة للهيدروجين الأخضر في مصر حيث من الممكن إقامة مراكز لتموين السفن بالأمونيا الخضراء أو الميثانول الأخضر على طرفي قناة السويس.
تحديات الهيدروجين الأخضر في مصر
فيما يتعلق بالتحديات التي قد تؤخر نشر وتوطين مشاريع الهيدروجين الأخضر في مصر، فتتمثل في محدودية مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة، نقص التمويل لتصنيع أنظمة التحليل الكهربائي، شروط نقل وتخزين الهيدروجين التي تتطلب مواصفات معينة متعلقة بالأمان والسلامة والبنى التحتية، غياب الأطر والحوافز التنظيمية والقانونية، وأخيراً التحديات المتعلقة بنقص المياه في مصر، إذ يتطلب إنتاج 1 كجم من الهيدروجين الأخضر حوالي 10 متر مكعب من المياه، وفي الوقت الذي تعتمد فيه مصر على مياه نهر النيل العذبة، فإنه ومن غير الممكن استخدام مياه البحر لأنها ستسبب تآكلاً لمكونات أنظمة التحليل الكهربائي كما أن تحليتها تتطلب استثمارات ضخمة.
التوصيات
خلُصت الدراسة إلى أهمية المسارعة في وضع استراتيجيةٍ وطنيةٍ تشمل خطة طريق واضحة لمشاريع الهيدروجين الأخضر في مصر ونشرها قبل نهاية هذا العام. إلى جانب وضع إطار قانوني جديد للهيدروجين الأخضر وضمان توفير الاستثمارات والتمويلات اللازمة لهذه المشاريع. فضلاً عن نشر مشاريع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ومشاريع أنظمة التحليل الكهربائي.
يمكنكم تحميل النسخة الكاملة للورقة البحثية عبر الرابط، اضغط هنا!
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة…
المصدر: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري