سولارابيك – طرابلس، ليبيا – 6 أكتوبر 2024: تُشكل الطاقة المتجددة، بوصفها ركيزةً أساسيةً في مسيرة التنمية المستدامة، محورًا حيويًا في استراتيجية ليبيا الرامية إلى تحقيق أمن طاقي شامل، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. وفي ظل التحديات الجسام التي تُواجهها البلاد، تبرزُ مساعيها الحثيثة لتطوير إمكاناتها في هذا المجال، لا سيما في قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مُستندةً إلى دعمٍ دولي متنامٍ، تُقدمه هيئات مرموقة على غرار الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى جانب دول عديدة، في مقدمتها إيطاليا.
وتُدرك ليبيا، وعلى الرغم من إرثها النفطيّ الضارب في عمق التاريخ، أهمية التحول نحو الطاقة النظيفة، ساعيةً إلى تحقيق طفرة نوعية في هذا القطاع، تمكنها من الريادة على المستوى الأفريقي. وتُمثل هذه المساعي تحديًا كبيرًا في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المُعقدة، إلا أنها تُجسد في الوقت ذاته عزم ليبيا على تخطي الصعاب، وبناء مستقبل طاقي مستدام.
وفي إطار هذا التوجه، أطلق الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة الفيدرالية الألمانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، مبادرة طموحة في مارس الماضي، تهدف إلى تعزيز قدرات ليبيا الإنتاجية في مجال الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة، والتخفيف من آثار التغير المناخي. وقد خصص الاتحاد الأوروبي تمويلًا للوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لتنفيذ حزمة من مشاريع الطاقة الخضراء في ليبيا، ضمن إطارٍ يهدف إلى دعم التحول في مجال الطاقة والتخفيف من آثار التغير المناخي.
وفي هذا السياق، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، أن هذه المشاريع تُجسدُ إمكانية بناء شراكاتٍ ملموسةٍ وفعّالةٍ من خلال تبادل وجهات النظر حول مستقبل الطاقة، وتعبئة الموارد لتحقيق هدفٍ مُشترك، مُشيرًا إلى أن تغير المناخ، وإن شكّل تحديًا عالميًا كبيرًا، إلا أنه يُمكن أن يُمثل فرصةً لتعزيز الرخاء، وهو ما يسعى الاتحاد الأوروبي وليبيا إلى تحقيقه معًا.
وتُعدُّ الصحراء الليبية الشاسعة، التي تُغطي 88% من مساحة البلاد، بيئةً مثاليةً لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتُنفذُ شركاتٌ عالميةٌ كبرى مشاريعَ ضخمةً في هذا المجال، حيث تعمل “باور تشاينا” الصينية و”إي دي إف” الفرنسية على تطوير محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1500 ميغاواط في شرق ليبيا، بينما تُشيدُ “توتال إنيرجي” الفرنسية محطةً أخرى بقدرة 500 ميغاواط في السدادة، من المُتوقع أن تبدأ العمل في العام 2026. كما تعمل شركة الكهرباء العامة الليبية، بالشراكة مع “إيه جي إنيرجي” الأسترالية، على بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط في غدامس، وتُطورُ، مع “ألفا دبي” القابضة الإماراتية، محطتين أخريين في هذا القطاع.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي، ناقش البلدان، خلال فعاليات المائدة المستديرة الليبية – الإيطالية التي عُقدت في روما سبتمبر الماضي، فرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة. وقد أكد السفير الإيطالي لدى ليبيا، جيانلوكا ألبريني، تطلع بلاده إلى التعاون مع ليبيا لتمكينها من دخول سوق الطاقة الأوروبي، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، مُعتبرًا أن إيطاليا تُمثل نقطةَ دخولٍ مُثلى لليبيا إلى سوق الطاقة الأوروبية الكبرى، ومُشددًا على اهتمام روما بمساعدة ليبيا لتصبح دولةً موحدةً وسلميةً ومزدهرةً.
وعلى الرغم من أن ليبيا تمتلك أكبر احتياطيات النفط في أفريقيا، إلا أن سنواتٍ من الاضطرابات السياسية أدت إلى تراجع إنتاجها النفطي، مما استدعى جهودًا حثيثةً لإعادة هذا القطاع إلى مساره الصحيح. وقد تركّزت هذه الجهود على مواجهة الاضطرابات السياسية، وسدّ فجوة نقص الاستثمار الأجنبي الناجم عن انعدام الاستقرار.
وفي ظلِّ تذبذب الإنتاج النفطي وفتح حقول النفط وإغلاقها بسبب الصراعات السياسية، تُواجهُ ليبيا نقصًا مُزمنًا في الطاقة، في وقتٍ يشهدُ فيه الطلبُ على الطاقة تزايدًا مُطردًا. وقد دفع هذا الوضعُ السلطاتِ إلى دراسة تطوير مصادر الطاقة البديلة، لتعزيز استقلالها في مجال الطاقة في المستقبل.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
المصدر: بوابة الوسط