سولارابيك – باريس، فرنسا– 5 يوليو 2023: حذر تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة، من الضغوط التي تواجهها أنظمة الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “مينا”، بفعل التغيرات المناخية التي شهدتها؛ إذ إنها الأكبر عالميًا.
وقال إن المنطقة، التي تعد من أكثر مناطق العالم تضررا بتغيرات المناخ، تواجه إشكاليات جديدة على مستوى أنظمتها الطاقية، مما يفاقم الضغوط على هذه الدول، لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والأمن الطاقي والرفاه الاجتماعي للسكان.
وسلط التقرير، الضوء على التحديات التي تواجه أنظمة الطاقة في المنطقة، بفعل تأثيرات التغير المناخي، متعددة الأبعاد.
تغير المناخ وإنتاج الطاقة
وبين عامي 1980 و2022، زادت درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمقدار 0.46 درجة مئوية لكل عقد من الزمن، أي أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 0.18 درجة، بحسب التقرير.
ورافق ارتفاع درجات الحرارة تغيرٌ في أنماط تهاطل الأمطار بشكل كبير في دول منطقة “مينا”، وذكّر التقرير في هذا الجانب بموسم الجفاف الذي عرفه المغرب العام الماضي، وما تعيشه تونس خلال العام الجاري، وأيضا الفيضانات القوية، التي شهدتها دول الإمارات وإيران والسعودية وقطر وعمان واليمن، السنة المنصرمة.
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى أن تأثيرات التغيرات المناخية تتجاوز السكان والاقتصاد، وتصل إلى أنظمة الطاقة التي بدأت تصلها تداعيات الاحترار العالمي، سواء على مستوى زيادة الضغط على خدماتها، أو على مستوى تأثيرات هذه التغيرات على كفاءتها وطريقة عملها.
وفي المغرب على سبيل المثال، بحسب الدراسة، أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة الطلب على الكهرباء الخاصة بالتبريد، مما أدى إلى إجهاد “نظام الطاقة المنهك بالفعل في البلاد”. وفي مواجهة الطلب المرتفع، وصلت واردات المغرب من الكهرباء من إسبانيا، في مايو 2022، إلى مستويات قياسية.
وحتى مع توسيع نطاق توليد الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، والاستجابة للأهداف العالمية لخفض الانبعاثات الغازية، يشير التقرير إلى أن “أنظمة الطاقة في المنطقة، مطالبة بـ”تبني مزيد من المرونة في مواجهة التأثيرات السلبية المرتقبة للتغيرات المناخية”.
تحديات جديدة
ويفرض تغير المناخ “تحديات جديدة” على أنظمة الطاقة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحسب التقرير الذي لفت إلى تغير أنماط تهاطل الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وحدّة مواسم الجفاف، علاوة على التوقعات التي تشير إلى أن المنطقة ستشهد، في العقد المقبل، مناخا أكثر جفافا.
أمام هذه المعطيات، يحذر واضعو الدراسة من أن حوالي 32 بالمئة من محطات توليد الطاقة بالفحم، و 15 بالمئة من محطات توليد الطاقة بالغاز، و 9 بالمئة من محطات توليد الطاقة النفطية، ستواجه “تحديات كبيرة على مستوى كفاءة عملها” خلال السنوات القادمة، بسبب تغيرات المناخ، ما من شأنه يؤثر بشكل مباشر أيضا على الاستجابة لحاجيات السكان من الكهرباء.
في السياق ذاته، تشير الدراسة إلى أن أداء محطات الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي، التي تمثل الحصة الأكبر من توليد الكهرباء (74 بالمئة) في المنطقة، ستتأثر سلبا بفعل ارتفاع درجات الحرارة، والارتفاع السنوي لعدد الأيام الحارة.
ويوصي التقرير بضرورة دمج المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية، في مخططات الانتقال الطاقي، بالموازاة مع العمل على تسريع الاعتماد على مصادر متنوعة من الطاقة النظيفة والآمنة.
ضرورات التأقلم
الخبير في مجال التغيرات المناخية والأمن الطاقي، ياسين الزكزوتي، يبرز أنه بالإضافة إلى تأثيرات التغير المناخي وخاصة ارتفاع درجات الحرارة، يفاقم عامل تزايد الطلب على الكهرباء، خلال السنوات الأخيرة، الصعوبات التي تواجه الأنظمة المنتجة للطاقة.
ويشير الزكزوتي في حديثه لموقع “الحرة”، إلى أن ارتفاع استهلاك الكهرباء من طرف سكان المنطقة، “يعمّق الضغط على أنظمة الطاقة، سواء من خلال الانتشار الكبير للأجهزة الكهربائية التي تحتاج الكهرباء للعمل، أو أيضا تزايد الطلب على أجهزة التكييف، بفعل ارتفاع الحرارة”.
ويوضح المتحدث أن تحد بيئي آخر يرتبط بالماء، يواجه بلدان المنطقة التي تعتمد على الفحم الحجري والطاقات الأحفورية، حيث أن تقنيات إنتاج الكهرباء من هذه المصادر “تتطلب نسبا كبيرة من المياه في عمليات التبريد التي يحتاجها هذا النوع من الإنتاج”.
أمام هذه الصعوبات “الطارئة ومتعددة الأبعاد”، يلفت الخبير المناخي إلى أن هناك حاجة للتفكير في طرق أخرى لاقتصاد استعمال الماء في إنتاج الطاقة، مثلا من خلال استخدام مياه معالجة أو تقنيات تحلية المياه، غير أن الحل الأمثل، يبقى بحسب المتحدث، التفكير في إنتاجها من مصادر الطاقة الخضراء التي ستكون أقل احتياجا للمياه واعتمادا على تقنيات التبريد.
في هذا الجانب، يكشف المتحدث أن بالرغم من أن اللجوء إلى الطاقات البديلة، يبقى حلا مستداما ومثاليا في مواجهة التغيرات المناخية، وفي الحد كذلك من آثارها، إلا أنها بدورها ترافقها بعض الإشكالات.
ويشير الزكزوتي في هذا الجانب، إلى مشكلة تأثر اللوحات الشمسية المستعملة في إنتاج الطاقة الشمسية بمستويات الحرارة المرتفعة، مضيفا أن الحل يكمن “في إحداث تغييرات وتكييف سلسلة التصنيع الخاصة بإنتاج هذه الطاقات البديلة وملاءمتها مع التحديات الجديدة التي تفرضها التغيرات المناخية”.
وفي مقابل دعوة التقرير دول المنطقة لتنويع مزيجها الطاقي، يشدد الخبير المغربي، على أنه بالرغم من أهمية هذا الخيار وإيجابياته العديدة، إلا أن هناك توصيات أخرى تحث الدول على التركيز على تقنية أو تقنيتين فقط، كاشفا أن التنويع، قد يتسبب “في رفع تكلفة الاستثمار في كل مصدر على حدة، والعكس عند التركيز على مصدر واحد مثلا، الذي يساعد على إنتاجية أكبر وتكلفة أقل”.
وعن التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية ومستقبل إنتاج الطاقة بالمنطقة، يوضح المتحدث أن دول المنطقة التي تعتمد على مصادر الطاقة الكهرمائية، “تواجه اليوم أيضا معضلة انخفاض الماء في السدود، بسبب التبخر وضعف التساقطات”.
في السياق ذاته، يتابع المتحدث أن دول المنطقة مدعوة على المستوى الأول لرفع فعالية الأنظمة الكهربائية الموجهة لاقتصاد الاستهلاك السكاني، بالإضافة إلى التوجه بقوة نحو الاستثمار في الطاقات المتجددة والبديلة، التي تبقى بديلا مستداما لضمان الأمن الطاقي.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم نهارًا مشمسًا..
المصدر: الحرة