سولارابيك – غرينلاند، الدنمارك – 21 يوليو 2023: كشفت دراسة جديدة أن طبقة جليدية يزيد سمكها عن 1,5 كيلومتر في غرينلاند، ذابت قبل أكثر من 400 ألف عام، وأدت إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بأكثر من 1.4 أمتار (4.6 قدم)، عندما تعرضت لظروف احترار طبيعي.
ويثير هذا الاكتشاف القلق ومخاوف من آثار كارثية على ارتفاع مستوى سطح البحر، بسبب أن الدراسة كشفت ضعف هذه المنطقة أمام أمام التغير المناخي الحالي.
وتبدد الدراسة التي نشرت في مجلة “ساينس”، اعتقادا علميا راسخا بأن أكبر جزيرة في العالم كانت قلعة جليدية صامدة أمام كل التحديات المناخية منذ 2,5 مليون سنة.
وذكر الأستاذ بجامعة فيرمونت الأمريكية، بول بيرمان، الذي أشرف على الدراسة : “عندما تنظر إلى ما فعلته الطبيعة في الماضي، كعالم جيولوجيا، فهذا أفضل دليل لدراسة المستقبل”.
وقال: “المخيف هو أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى بمقدار 1.5 مرة مما كانت عليه قبل 400 ألف عام، مع استمرار درجات الحرارة العالمية في الارتفاع “.
وقال مؤلفو الدراسة أنه إذا شهدت الصفيحة الجليدية في غرينلاند ذوبانا سريعا خلال فترة الاحترار المعتدل، فإنها “قد تكون أكثر حساسية للتغير المناخي الذي يسببه الإنسان أكثر مما كان يُفهم سابقًا – وستكون عرضة للذوبان السريع الذي لا رجعة فيه في القرون المقبلة”.
وذكروا أن ذوبان الغطاء الجليدي في الجزيرة، سيرفع مستوى سطح البحر بحوالي 7 أمتار (23 قدماً) مما يتسبب في دمار للمليارات الذين يعيشون على طول سواحل العالم.
وتُركت هذه العينة التي يزيد طولها عن 3 أمتار، والتي تحتوي على أتربة وأحجار، في الثلاجة لسنوات طويلة قبل إعادة اكتشافها في عام 2017.
وفوجئ الباحثون عندما اكتشفوا أنها تحتوي، بالإضافة إلى الرواسب، على بقايا أوراق وطحالب، في دليل قاطع على أن هذه الأرض كانت خالية من الجليد في يوم من الأيام.
على الرغم من حرمان العلماء لفترة طويلة من هذه العينة الثمينة، إلا أن هذا النسيان انعكس إيجابياً على ما يبدو، لأن طرق تأريخ الرواسب المفيدة في هذه الحالة لم يتم تطويرها إلا أخيراً، على ما يوضح بيرمان.
وإحدى هذه الطرق، واسمها التأريخ بالتألق (أو التأريخ بالضوء المنبعث)، تسمح حالياً للعلماء بتحديد تاريخ آخر تعرض للشمس لمعادن مدفونة.
وأظهرت دراسة أجريت على اللب الجليدي الذي عُثر عليه، أن بعض الرواسب القديمة قد تعرضت للضوء في السابق، ما يعني أن الجليد الذي يغطيها حالياً لم يكن موجوداً.
وقالت تامي ريتنور من جامعة ولاية يوتا الأمريكية، وهي مشاركة أيضاً في الدراسة، بشأن اكتشاف بقايا الأوراق والطحالب “أيضاً، ليكون هناك نباتات، ثمة حاجة إلى الضوء”.
وأتاحت تقنية التأريخ بالتألق تحديد تاريخ نهاية الفترة الخالية من الجليد، بينما تمكنت عملية أخرى، لتقييم نظائر الكوارتز، من تحديد بدايتها.
ومكّنت هذه التقنيات من تقدير تعرض الرواسب للضوء لمدة تقل عن 14 ألف عام، وبالتالي كانت غرينلاند خالية من الجليد خلال هذه الفترة.
كانت العينة المأخوذة في قاعدة كامب سنتشري على مسافة من القطب الشمالي تقارب 1300 كيلومتر. وأظهرت الدراسة أن المنطقة بأكملها كانت مغطاة بالنباتات.
وحدث ذلك خلال فترة من الاحترار الطبيعي، تُسمّى “فترة ما بين دورين جليديين”، كانت خلالها درجات الحرارة مماثلة لتلك الموجودة اليوم، أي أعلى بدرجة مئوية إلى درجة ونصف درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
وأظهرت النماذج التي طورها الباحثون أن ارتفاع مستوى سطح البحر الناجم في ذلك الوقت عن ذوبان الغطاء الجليدي، كان سيصل إلى ما بين 1,5 متر و6 أمتار.
وتشير هذه التقديرات إلى أن جميع المناطق الساحلية في العالم، حيث يتركز الكثير من مراكز الثقل السكاني في العالم حالياً، معرضة لخطر الغمر في القرون المقبلة.
ولفت عالم المناخ في وكالة ناسا جوزيف ماكغريغور الذي لم يشارك في الدراسة، إلى أن الفترة ما بين دورين جليديين التي أدت إلى هذا الذوبان غير المعروف سابقاً، استمرت عشرات الآلاف من السنين.
لكنه أشار إلى أن البشر تمكنوا في وقت أقل بكثير من تجاوز مستوى “غازات الدفيئة المنبعثة في ذلك الوقت”.
وتبلغ مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، التي تحبس الحرارة على الكوكب، حالياً 420 جزءاً في المليون، بعدما كانت 280 جزءاً في المليون خلال الفترة التي كانت فيها غرينلاند خضراء، ولن تختفي لآلاف السنين.
وقال بيرمان “نجري تجربة عملاقة على الغلاف الجوي للأرض، ولا نعرف النتائج”، مضيفاً “لا أعتقد أن هذا يعني أن السماء ستسقط على رؤوسنا، بل أن علينا أن ندرك دقة الوضع”.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم نهارًا مشمسًا..
المصدر: سي إن إن