سولارابيك – تونس– 15 يونيو 2024: تسعى دول أوروبا للتغلب على أزمة تقطع الإمدادات المرتبطة بطاقة الرياح والشمس، لذلك تخطط حكوماتها لتركيز هذا النوع من المشاريع بصورة جماعية في البلدان التي تستفيد من كثير من أشعة الشمس، إذ يعتمد الاتحاد الأوروبي على الإمكانات الأفريقية لإنتاج واستيراد الهيدروجين الأخضر، الضروري للانتقال الطاقي.
ووفق تقرير نشره موقع “إندبندنت عربية”، سارعت المؤسسات الدولية والدول والشركات الخاصة للإعلان عن اتفاقات الطاقة مع بلدان أفريقية وبالخصوص منها الواقعة بشمال القارة السمراء منذ إطلاق خطة “RePowerEU” في 2022 على خلفية أزمة الطاقة العالمية.
نقل الهيدروجين وأنبوب الربط بين القارتين
ومن أبرز العقبات التي واجهت المتخصصين هي كيفية تقليل كلفة نقل الهيدروجين الأخضر، فهل من الأفضل نقل الهيدروجين عن طريق البحر لمسافات طويلة جداً في صورة مسالة؟، أو مدمج في منتج آخر مثل الأمونيا ما يسمح بالاعتماد على البنية التحتية النفطية الحالية؟.
أما المسافات الأقصر قليلاً فيعتبر النقل عبر خطوط الأنابيب أمراً مربحاً، بينما لا يعتقد مشغلو الغاز أنهم قادرون على دعم أكثر من 20 في المئة من الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز الخاصة بهم أي نقله بالتوازي مع الغاز باعتماد نفس الأنبوب.
بينما يبدو تحويل البنية التحتية القائمة إلى الهيدروجين بنسبة مئة في المئة ليس بالأمر الهين، وحددت بالفعل مشكلات الضغط المتغير المرتبط بالتدفق المتغير الناتج من اعتماد الإنتاج على تقطع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أو حتى مقاومة فولاذ الشبكة الحالية.
في غضون ذلك، تستعد دول شمال أفريقيا في هذا الإطار لبناء خط أنابيب للهيدروجين (مماثل لخطوط الأنابيب العملاقة المخصصة لنقل الغاز الأحفوري) وهو خط “SoutH2-Corridor” الذي يمتد طوله إلى 3300 كيلومتر، ويربط بصورة خاصة تونس بإيطاليا والنمسا وألمانيا.
بالفعل وقعت مذكرة تفاهم بين الحكومة التونسية ومجموعة “توتال” الفرنسية عن طريق شركتها “”TE H2 بجانب شركة “فربوند” النمساوية، وهو مشروع مشترك بين “توتال” بنسبة 80 في المئة ومجموعة “”Eren الإيطالية بنسبة 20 في المئة وشركة الطاقة النمساوية “فربوند” لدراسة المرحلة الأولى من المشروع.
ويتجسد المشروع في إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر المحلاة بالاستعانة بالكهرباء المنتج من الألواح الشمسية الكهروضوئية وتوربينات الرياح المثبتة في جنوبي تونس، على أن يبلغ حجم الطاقة المتجددة المخصصة لإنتاج الهيدرجين خمسة جيجاواط سنة 2030.
ويستهدف المنتجون 200 ألف طن من الهيدروجين سنوياً عند بدء التشغيل ثم مليون طن سنوياً في عام 2050، بحجم استثمار يصل إلى ستة مليارات يورو(6.42 مليار دولار) في المرحلة الأولى و40 مليار يورو (42.8 مليار دولار) في مراحل متقدمة.
استثمار سعودي
في غضون ذلك، وقعت تونس اتفاق إطاري مع المجمع السعودي “أكوا باور” لتطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس، إذ يستهدف الاتفاق تجهيز بنية تحتية متطورة لإنتاج الهيدروجين الأخضر مدمجة للطاقات المتجددة بقدرة إجمالية تناهز 12 جيجاواط من الطاقات المتجددة، عن طريق إنتاج الكهرباء بقدرات تساوي 4.1 غيغاوات من الطاقات المتجددة موزعة بين 1.7 جيجاواط من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية و2.4 جيجاواط من طاقة الرياح، ثم تركيز معدات خزن (بطاريات) بهدف توفير إمدادات الكهرباء وتركيز 576 كيلومتر من خطوط النقل الهوائية ذات جهد عالي لربط مواقع إنتاج الكهرباء بمحطات إنتاج الهيدروجين وتحلية المياه.
ومن أهم ما ورد في الاتفاق التونسي السعودي هو تركيز محطة تحلية مياه البحر بقدرة 50 ألف متر مكعب في اليوم قابلة للتعديل وفق الحاجات، إضافة إلى تركيز وحدة إنتاج الهيدروجين بالاعتماد على تكنولوجيا التحليل الكهربائي للماء المتقدمة بقدرة اثنين غيغاواط وتدشين وحدات لتخزين الهيدروجين الأخضر، ثم تركيز أنابيب نقل ومركز ضغط الهيدروجين المعد للدمج في البنية التحتية لنقل الهيدروجين للسوق المحلية أو توجيهه للتصدير.
ويشمل الاستثمار أيضاً تدشين وحدة لإنتاج الأمونيا وأخرى لتصديرها سيقع تركيزها بجنوب شرقي تونس على أن يمكن المشروع من إنتاج نحو 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً في مرحلته الأولية.
وتبلغ كلفة المشروع الإجمالية في هذه المرحلة 6.2 مليار دولار، ومن المنتظر أن يتطور المشروع في مراحل متقدمة، لتتوسع القدرة المركزة من مصادر الطاقات المتجددة لتصل إلى 12 جيجاواط مع الرفع من إنتاج الهيدروجين الأخضر ليزيد على 600 ألف طن في السنة.
وتعليقاً على ذلك، قال المدير العام السابق لوكالة التحكم في الطاقة (مؤسسة عمومية) والخبير الطاقي لدى البنك الدولي عزالدين خلف الله إن “المشاريع المذكورة بمثابة نوايا استثمار من قبل الشركات الأجنبية في المرحلة الراهنة في انتظار وضع التراتيب القانونية لتنفيذها من قبل الدولة التونسية”، موضحاً أن “الإطار القانوني المنظم يضمن الاستثمار القطاع الخاص في إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره والأسعار المحددة والعمولات والضرائب”، قائلاً “في انتظار تحقق ذلك وإلا ستكون وعود مشاريع مماثلة وقعت مع دول الجوار مثل المغرب والجزائر وموريتانيا”.
الإشكاليات العقارية
وأشار إلى أن “بلدان شمال أفريقيا تتمركز في أسواق طاقة متميزة بتنافسية المنتج الطاقي بحكم قربها من أوروبا وتتمتع بقدرات تنافسية كبرى مقارنة ببلدان عمق القارة الأفريقية، وتوفر الإمكانات والموارد نفسها من طاقة رياح أو الشمس تمكن من إنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة واعتماده لإنتاج الهيدروجين بواسطة المحلل الكهربائي من المياه”.
واستدرك خلف الله “لكن يشترط الوفاء بالالتزامات التي تنص عليها العقود مع السوق الأوروبية عند التوصل إلى تجسيدها بمدى توفر البنية التحتية الملائمة بالبلدان المصدرة للهيدرجين الأخضر”، مضيفاً “هذا يرتبط بعوامل عدة في تونس أولها قدرات الشبكة الكهربائية العمومية على امتصاص الطاقة البديلة المنتجة، ثم السيطرة على الإشكاليات المرتبطة بالأراضي التي سيقع استغلالها لتركيز المحطات الفولطاضوئية أو الهوائية وذلك على ضوء الإشكاليات العقارية التي برزت في العديد من المشاريع”.
ويرى خلف الله أن سقف الإنتاج المحدد وهو مليون طن في 2050 يستوجب قدرات طاقية خضراء تتجاوز 25 غيغاوات، بينما إنتاج تونس في الوقت الراهن لا يزيد على واحد جيجاواط، وفي انتظار ذلك يستوجب الانطلاق في المرحلة الأولى المتمثلة في الدراسات اللازمة التي تحتاج إليها هذه المشاريع ثم استقطاب الممولين نتيجة الكلفة الباهظة التي تزيد على ستة مليارات يورو (6.42 مليار دولار) في المراحل الأولى.
وتابع أن “كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر تتراوح بين ستة يوروات (6.42 دولار) وسبعة يوروات(7.49 دولار) في حين لا تزيد على اثنين يورو (2.14 دولار) عند استخراج الهيدروجين من الغاز.
في المقابل يرى الوزير الأسبق للطاقة والمناجم في تونس منجي مرزوق أن “الاستراتيجية التونسية متطابقة مع النهج الذي يتبعه المغرب وهو مرتبط بمدى التزام أوروبا بالتوريد لفترة طويلة من شمال أفريقيا وبأسعار مرتفعة”، مشيراً في تصريحات إلى “اندبندنت عربية” إلى أن “الاتفاقات الموقعة بين تونس و”توتال إنرجي” من جهة و”أكواباور” من جهة ثانية هي مذكرات أولية لكنها تمثل فرصاً للحكومة التونسية لتسريع وضع القوانين المنظمة للعروض التنافسية للاستفادة من المنافسة بين الشركات الكبرى.
وأكد مرزوق على ضرورة إلا يتمركز إنتاج الهيدروجين على حساب الطاقات المتجددة لإنتاج الكهرباء الملبية لحاجات سوق الاستهلاك المحلية والمخفضة للعجز.
ودعا مرزوق إلى الحرص على توفير موارد الماء من تحلية ماء البحر ومعالجة الآثار البيئية، مشيراً إلى صعوبة تحديد جدوى المشاريع قبل احتساب هامش الربح وحجمه والتزام العملاء ومدة التزويد بحكم أنها مشاريع معدة أساساً للتصدير.
لاتابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم يومًا مشمسًا..
المصدر: إندبندنت عربية