سولارابيك- تونس – 20 يونيو 2025: تواجه تونس معضلة حرجة في مسار تحول الطاقة، ففي الوقت الذي تتطلع فيه إلى أن تصبح مركزًا للطاقة المتجددة في شمال إفريقيا، تثير المخاوف حول ما إذا كان هذا التحول سيؤدي إلى استدامة وطنية حقيقية أم سيقود إلى حقبة جديدة من التبعية.
وبالاستناد إلى ورقة بحثية قدّمتها الباحثة في قضايا البيئة والتنمية أماني عثمان، ونشرها موقع “مبادرة الإصلاح العربي”، فإنه مع استيراد البلاد لما يقرب من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي في عام 2023، واعتمادها على الوقود الأحفوري، يبدو تحقيق هدف 35% من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 طموحًا للغاية في ظل تحديات الحوكمة القائمة.
إرث التبعية وتحديات التحول العادل
لطالما تأثر قطاع الطاقة في تونس بالاستغلال الخارجي، حيث صُممت البنية التحتية لخدمة مصالح الاستثمار الأجنبي بدلاً من الاحتياجات المحلية. هذا الإرث، الذي تجدد في سياق مشاريع الطاقة الخضراء واسعة النطاق الموجهة للتصدير إلى أوروبا، يثير مخاوف جدية من “الاستعمار الأخضر”. فبدون إصلاحات في أولويات الحوكمة والسياسات، قد يصبح التحول نحو الطاقة المتجددة فصلًا آخر من تاريخ استخراج الموارد الذي يعود بالنفع على الآخرين، بينما تظل المجتمعات المحلية بعيدة عن السيطرة على مستقبل طاقتها.
وتشير التحليلات إلى أن آليات التمويل الدولية، مثل أطر التعاون الأخضر والاستثمارات المدعومة من الاتحاد الأوروبي، قد تعيد إنتاج أنماط التبعية الاقتصادية من خلال شروط تعزز الخصخصة وتُعطي الأولوية للأسواق والمستثمرين الأجانب. وهذا ما يثير القلق بشأن “التكيف الهيكلي الأخضر”، حيث تُرفق القروض والاستثمارات لشروط سياسية تُهدد سيادة تونس على قطاع الطاقة الخاص بها.
مشاريع عملاقة ومخاطر متزايدة
على الرغم من اعتبار تونس “الأكثر جاذبية للاستثمار في التحول الطاقي”، فإن المشاريع الكبرى مثل “وادي الهيدروجين الأخضر” وموصلات الطاقة بين تونس وأوروبا (ELMED وMEDGRID) تحمل مخاطر كبيرة:
- وادي الهيدروجين الأخضر: يعتمد هذا المشروع على تحلية كميات هائلة من مياه البحر، مما يثير مخاوف ملحة في بلد يعاني من ندرة المياه، حيث يفتقر 27% من سكانه إلى إمكانية الحصول على مياه نظيفة. يُخشى أن يتم تحويل الموارد المائية المحلية من الاستخدام الزراعي والمنزلي لخدمة احتياجات الطاقة الأوروبية.
- موصلات الطاقة إلى أوروبا: تهدف هذه المبادرات إلى دمج تونس في سلسلة إمداد الطاقة المتجددة في أوروبا. ومع ذلك، تشير الشروط الاقتصادية إلى اختلال في التوازن، حيث تُلزم الشركة التونسية للكهرباء والغاز (STEG) بشراء الكهرباء من مستثمرين من القطاع الخاص بأسعار مبالغ فيها، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء محليًا وتفاقم “المفارقة الخضراء” حيث تُنتج تونس الطاقة المتجددة لتصديرها بينما تعاني من صعوبات في تأمين الطاقة المحلية.
توصيات لمستقبل الطاقة في تونس
لضمان انتقال طاقي عادل وسيادي، يجب على تونس:
- تنويع الشراكات الدولية: استكشاف فرص الاستثمار مع شركاء أفارقة وآسيويين لتقليل الاعتماد على الاتحاد الأوروبي.
- الاستثمار في هياكل الملكية المحلية: التحول إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي تقودها المجتمعات المحلية لضمان توزيع عادل للفوائد.
- تطوير آليات تمويل بديلة: لتقليل الاعتماد على نماذج الاستثمار المشروطة القائمة على القروض.
- عزيز التعاون الإقليمي: تبادل أفضل الممارسات في شفافية العقود والمشاركة المجتمعية مع دول غرب آسيا وشمال أفريقيا الأخرى.
تونس اليوم أمام فرصة تاريخية لتحديد مسار مستقبلها الطاقي. فإما أن تُصبح نموذجًا للتحول العادل، حيث تخدم الطاقة المتجددة مواطنيها أولًا، أو أن تستبدل شكلًا من أشكال التبعية بآخر، ويبقى مستقبلها الطاقي تحت سيطرة القوى الخارجية. الوقت حان للتحرك.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: Arab Reform Initiative