سولارابيك – برلين، ألمانيا- 6 يوليو 2024: تشهد ألمانيا تحولًا تدريجيًا في موقفها التاريخي الرافض للطاقة النووية، في ظل حركة عالمية متسارعة لإعادة إدماج هذا المصدر المثير للجدل ضمن منظومة الطاقة منخفضة الكربون. ويأتي هذا التغير في سياق الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة، لا سيما بعد أزمة الطاقة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية.
في خطوة رمزية، فضّلت وزيرة الاقتصاد الألمانية كاترينا رايشه حضور اجتماع للدول الأوروبية المؤيدة للطاقة النووية، متجاهلة تجمعًا مخصصًا للطاقة المتجددة. هذا القرار يعكس انقسامًا واضحًا داخل الحكومة الألمانية، حيث لا يزال وزير البيئة كارستن شنايدر متمسكًا بموقفه الرافض، مؤكدًا أن “قرار التخلص التدريجي من الطاقة النووية قد تم تقبّله مجتمعيًا، ولا توجد أي التزامات جديدة تجاه الصناعة النووية”.
ورغم إغلاق آخر ثلاث محطات نووية في ألمانيا عام 2023، فإن تصريحات رايشه في بروكسل، التي عبّرت فيها عن انفتاحها على “جميع التقنيات”، تشير إلى تغير في الخطاب الرسمي، خاصة بعد موافقتها على حذف العبارات المناهضة للطاقة النووية من تشريعات الاتحاد الأوروبي.
هذا التحول لا ينبع فقط من تغيرات داخلية، بل يعكس أيضًا واقعًا جديدًا فرضته أزمة الطاقة الأوروبية. فقد كانت ألمانيا تعتمد على روسيا في نحو 50% من وارداتها من الغاز الطبيعي، ما جعلها عرضة لتقلبات جيوسياسية حادة. ومع تراجع هذا الاعتماد، باتت الحاجة إلى مصادر طاقة مستقرة وموثوقة أكثر إلحاحًا.
تاريخيًا، ارتبطت المعارضة الألمانية للطاقة النووية بمخاوف اجتماعية وسياسية، منها عدم الثقة بالتكنوقراطية، ومخاوف السلامة، والقلق من انتشار الأسلحة النووية. لكن هذه الاعتبارات بدأت تتراجع أمام تحديات أمن الطاقة والمناخ.
على المستوى الأوروبي، تتسارع وتيرة إعادة تقييم الطاقة النووية. فقد بدأت إيطاليا والدنمارك خطوات لإلغاء الحظر المفروض منذ أربعة عقود، بينما تدرس إسبانيا تمديد عمر محطاتها النووية. ويُنظر إلى هذا التوجه كجزء من استراتيجية أوسع لتحقيق الحياد الكربوني وتعزيز أمن الطاقة.
عالميًا، تكتسب الطاقة النووية زخمًا جديدًا، خاصة مع تطور المفاعلات الصغيرة المعيارية التي تُعد أكثر أمانًا وقابلية للنشر. وفي خطوة تاريخية، أعلن البنك الدولي مؤخرًا استئناف تمويل مشاريع الطاقة النووية، ما يُعد تحولًا كبيرًا في سياسات التنمية، ويفتح الباب أمام الدول النامية للاستفادة من هذا المصدر منخفض الانبعاثات.
ووصفت لورين هيوز، نائبة مدير مبادرة سياسة الطاقة النووية، هذا التحول بأنه “اعتراف متجدد بقدرة الطاقة النووية على توفير طاقة أساسية موثوقة”، مؤكدة أن القرارات السياسية الأخيرة تُعيد لهذا القطاع مكانته الاستراتيجية في مستقبل الطاقة العالمي.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: Oil Price