الطاقة الحرارية في باطن الأرض
ينتشر في مناطق عديدة من العالم ينابيع مياه حارة استخدمها الناس عبر التاريخ للاسترخاء ولبعض خصائصها العلاجية، ولكن العلماء وجدو أنه يمكن استخدام حرارة هذه المياه لتوليد الطاقة الكهربائية.
إن حرارة هذه الينابيع تأتي من حرارة طبقات الأرض وهذه الطاقة الحرارية تعرف بالطاقة الحرارية الأرضية Geothermal energy.
سنتعلم في هذا المقال كيف سخّر العلماء هذه الطاقة في توليد الطاقة الكهربائية ولكن لنتعرف أولاً على طبقات الأرض.
طبقات الأرض
تتألف الكرة الأرضية من طبقات تكون من الخارج إلى الداخل:
- القشرة الأرضية: هي الطبقة التي نعيش عليها وتكون بعمق بضعة كيلومترات و توجد فيها الينابيع الحارة بالإضافة إلى طاقة حرارية.
- الوشاح: يقع الوشاح تحت القشرة الأرضية وهو طبقة سميكة يصل عمقها إلى ألفين وتسعمئة كيلومتر. وحرارة هذه الطبقة مرتفعة جداً.
- اللب الخارجي: يتكون من مجموعة من المعادن المنصهرة وتزيد حرارتها عن حرارة الوشاح.
- اللب الداخلي: يعتقد العلماء أنه مؤلف من معادن صلبة وحرارتها مرتفعة جداً.
إن حرارة طبقة الوشاح هي السبب في حرارة القشرة الأرضية والتي تقوم بتسخين المياه الجوفية، هذه الحرارة هي الطاقة الحرارية الأرضية التي نسعى لتسخيرها باستخدام محطات الطاقة الحرارية الأرضية (الجوفية).
أنواع محطات الطاقة الحرارية الأرضية Geothermal Energy Plant
يمكن تقسيم أنواع المحطات التي تعمل بالطاقة الحرارية الأرضية وفق آلية العمل و هنالك ثلاثة أنواع أساسية:
محطات الطاقة العاملة بطريقة البخار الجاف Dry Steam Power Plant
هي أكثر الأنواع انتشاراً، وتعمل بضخ البخار الساخن مباشرةً من مخزون المياه الحار الموجود في باطن الأرض إلى العنفة و التي بدورانها يدور المولد الكهربائي المربوط معها وبالتالي تتولد الطاقة الكهربائية. بعد مرور البخار الساخن وتدويره للعنفة يتم تكثيف البخار وبالتالي تحويله إلى ماء يعاد إلى جوف الأرض عن طريق بئر الحقن.
في الصورة نلاحظ:
يصعد البخار (Steam) عبر بئر الإنتاج (Production Well) ومنه إلى العنفة (Turbine) المربوطة مع المولد الكهربائي (Electrical Generator) الموصول مع الشبكة الكهربائية (Electrical Grid/ Load)، أما الماء المتكاثف داخل العنفة يعود إلى الأرض عبر بئر الحقن (Injection Well).
محطات الطاقة العاملة بالتبخير Flash Steam Power Plant
تختلف هذه المحطات عن محطات البخار الجاف بأنه يتم فيها ضخ المياه الحارة بدلاً من البخار و بضغط عال مباشرة إلى خزان التبخير الموجود على سطح الأرض. و تكون درجة حرارة خزان التبخير منخفضة وكذلك ضغطه منخفض، و هذا الانخفاض في الحرارة و الفرق في الضغط يسبب تبخر الماء الحار فيتشكل البخار الذي يوجه نحو العنفة لتدور و يدور معها المولد الكهربائي. بعد ذلك يتم تبريد البخار وتكثيفه ليصبح ماء يعاد إلى باطن الأرض عن طريق بئر الحقن.
في الصورة نلاحظ:
يصعد الماء الساخن (Hot Water) ويدخل إلى خزان التبخير (Flash Tank). يتحول الماء الساخن في خزان التبخير إلى بخار يسبب دوران العفنة ومعها المولد الكهربائي، بينما يعود الماء الزائد إلى الأرض عبر بئر الحقن (Injection Well).
محطات الطاقة العاملة بالدارة المزدوجة Binary Cycle Power Plant
تختلف محطات الطاقة بالدارة المزدوجة عن المحطات السابقة بأنه لا يصل البخار من مياه باطن الأرض بشكل مباشر إلى العنفة، وإنما يتم ضخ الماء الساخن من باطن الأرض إلى مبادل حراري حيث يمر الماء الساخن بأنابيب ضمن سائل مختلف ذو درجة غليان منخفضة (أقل من درجة حرارة غليان الماء). يتحول السائل الثاني إلى بخار بفعل حرارة الماء في الأنابيب، ويتجه نحو العنفة فتدور و يدور معها المولد الكهربائي. بعد ذلك يعود الماء إلى جوف الأرض بواسطة بئر الحقن، بينما البخار الذي قام بتدوير العنفة يتم تكثيفه ويعود إلى المبادل الحراري ليتم استخدامه من جديد.
في الصورة نلاحظ:
يتم ضخ الماء الساخن إلى المبادل الحراري المملوء بالسائل (Heat Exchanger with working fluid ) ليتم تبخير السائل. بعد ذلك الماء الذي انتقلت حرارته إلى السائل يعود إلى الأرض عبر بئر الحقن.
التدفئة باستخدام الطاقة الحرارية الجوفية
يمكن الاستفادة من الطاقة الحرارية الجوفية في المنازل والمنشآت في التدفئة أو التبريد وذلك لأن الحرارة تحت الأرض تبقى ثابتة نسبيا بالرغم من تغير الحرارة فوق سطح الأرض خلال العام.
يمكن تصنيف أنظمة التدفئة إلى نظامين هما : نظام الحلقة المغلقة ونظام الحلقة المفتوحة.
نظام التدفئة ذو الحلقة المغلقة Closed Loop System
درجة حرارة الأرض إما تسبب في تسخين السائل أو تبريده وهذا السائل ينقل بالأنابيب نحو المنشأة لتتم عملية تبريد أو تدفئة المنشأة حسب الحاجة بواسطة مبادل حراري موصول مع الأنابيب.
يوجد ثلاث أنواع من المضخات في نظام الحلقة المغلقة ويختلف هذا النوع حسب طبيعة الأرض المتوفرة ونوع التربة وحالة المناخ:
- المضخات الأفقية Horizontal Pumps: هي من أكثر المضخات توفيراً للمناطق السكنية، حيث تكون الأرض واسعة وإمكانية استثمار مساحة كافية في الأرض.
- المضخات العموديةVertical Pumps : ينتشر استخدامها في المنشآت التجارية، حيث تكون الأرض ضيقة لوجود أبينة مجاورة.
- بركة/ بحيرة Pond/Lake -: عندما يكون هناك بحيرة او بركة ماء مجاورة للبناء، وهذه الطريقة تعد الأقل تكلفة من باقي الطرق. وهنا يمتد خط الأنانبيب تحت الأرض من المنزل إلى البحيرة
نظام التدفئة ذو الحلقة المفتوحة Open Loop System
يعتمد مبدأ العمل على استخدام مصدر مائي مثل بئر أو مصدر سطحي (بحيرة) كالسائل المبادل الحراري الذي يجري في مضخات هذا النظام، وبمجرد أن يدور السائل في المضخات وتتم عملية التبادل الحراري يعود السائل إلى البئر أو إلى البحيرة.
هذا النظام يصلح فقط في حالة توافر مصدر مائي قريب من المنزل.
تعد الطاقة الحرارية الجوفية (الأرضية) من الطاقات المتجددة وتشبه الهدية من الأرض، بالرغم أنه مع الوقت قد نحتاج أحياناً إلى حفر آبار إضافية لضمان مستوى معين من إنتاج الطاقة، ولكن الأرض تستمر بتقديم الحرارة التي نتجت وتم اختزانها في الأرض عندما تشكل كوكبنا منذ مليارات السنين.
حين تزور يوماً ما ينبوعاً للمياه الحارة أو ترى انفجاراً لينبوع من باطن الأرض تذكر أن هذه الطاقة يمكن أن تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية.
نشاهد في الفيديو كيفية تحويل الطاقة الحرارية الأرضية إلى طاقة كهربائية.
نتمنى لكم يوماً مشمساً…