كيف تحافظ الملقِّحات مثل النحل على التنوع البيئي؟
بدايةً، التلقيح هـو حجر الزاوية في النظم البيئية، وفي أحوال كثيرة يكون نتيجة لعلاقات متشابكة بين النبات والحيوان، وإن انخفاض أحدهما أو فُقدانه سيؤثر على بقاء كلا الطرفين، وقد تحدث عملية التلقيح بفعل الجاذبية، أو المياه، أو الرياح أو بفعل الحشرات والحيوانات الأخرى (المُلقّحات) كالفراشات والنحل والخفافيش وغيرها الكثير والتي أصبحت تتعرض إلى تهديد متزايد بسبب أنشطة البشر.
فمع النمو المتسارع لمحطات الطاقة الشمسية واشغالها لمساحاتٍ كبيرة من الأراضي، ما يزال هناك عدم اهتمام بكيفية استغلال هذه المساحات الواسعة بطريقة صديقة للبيئة، إذ إنه غالباً ما يتم ملء المنطقة الموجودة أسفل الألواح الشمسية بالحصى أو العشب وتُرش الأرض بالمواد الكيميائية والمبيدات الحشرية للسيطرة على الحشائش والأعشاب الضارة. وهذا ما يؤدي إلى إبعاد الحشرات والمُلقحات (كالنحل والفراشات وغيرها) ويؤثر على انتشار الغطاء الأخضر.
نتعرف اليوم على إحدى الطرق المثلى لاستغلال محطات الطاقة الشمسية بُغيةَ زيادة المساحات الخضراء والحفاظ على التنوع البيولوجي، ولكن في البداية نستعرض أهمية النحل ودوره في الحفاظ على التنوع البيئي.
كيف يحافظ النحل على التنوع البيئي؟
تلعب المُلقحات وفي مقدمتها النحل -بمختلف أنواعه- دوراً مهماً في استدامة التنوع البيولوجي العالمي، كونها تشارك في التكاثر الجنسي لكثير من النباتات التي هي مصدر الغذاء الرئيسي للحيوانات.
يوجد في الولايات المتحدة على سبيل المثال 82 ألف فدان من التوت البري، وكل فدان يحتوي على حوالي مليون زهرة صغيرة، ولتلقيحها يقوم النحل الملقح بِترليونات الزيارات خلال فترة الإزهار القصيرة وذلك من أجل الحصول على محصول جيد يمكن بيعه.
أظهرت الدراسات أنه أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية الرئيسية في العالم من الكاكاو إلى القرع تعتمد على التلقيح بواسطة الحيوانات، و90% من أنواع النباتات المزهرة البرية في العالم تعتمد اعتماداً كلياً أو جزئياً على تلقيح حيواني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ثلث إنتاج الطعام في العالم يعتمد على المُلقحات الحيوانية، وكذلك علف الماشية ومعظم النباتات البرية التي تُنتج البذور.
الاستفادة من المساحات أسفل الألواح
طوال السنوات القليلة الماضية، تم تشجيع مطوري المزارع الشمسية بشكل متزايد على تحويل المساحة الموجودة أسفل الألواح الشمسية إلى ملاذ آمن للنحل والفراشات وغيرها من المُلقحات المهددة بالانقراض، كيف؟
أصدرت العديد من الدول قرارات تهدف إلى حماية المُلقحات من مبيدات الآفات الضارة، ووضعت منظمات الحفظ إرشادات ملائمة للملقحات للحدائق المنزلية والمزارع والشركات والمدارس والحرم الجامعي والمدن، كما وضعت إرشادات لمزارع الطاقة الشمسية.
نماذج لمحطات للطاقة الشمسية في العالم تتبنى الاعتبارات بيئية
أستراليا – غطاء نباتي متنوع
قامت شركة «SA Water» بإعادة زرع الشجيرات والأعشاب المحلية حول الألواح الشمسية التي تشغل محطات الضخ الخاصة بها وتعاونت الشركة مع مجموعة الحفظ المحلية «Succession Ecology» لزراعة طن من البذور في جميع مواقعها الأمر الذي ساعد على إنشاء غطاء نباتي متنوع يجذب الحشرات والنحل والطيور دون أن يؤثر ذلك على أداء الألواح الشمسية.
الولايات المتحدة – مزرعة طاقة شمسية صديقة للملقحات
كانت مينيسوتا أول ولاية تتبنى معايير مزرعة شمسية صديقة للملقحات في عام 2016، مع سجل نتائج يحوي عدد من معايير التنوع البيولوجي والنباتات المحلية ومواسم الإزهار، إضافة إلى المزرعة الشمسية «Wildflower Solar» والتي أنشأتها شركة «Lightsource BP» في ولاية كاليفورنيا، إذ أن الشركة استخدمت 1.25 فداناً من المساحة الإجمالية للموقع لزراعة الزهور البرية من اجل الحفاظ على المُلقحات والتنوع الحيوي.
ميزات تقدمها مزارع الطاقة الشمسية بصفتها صديقة للملقحات
- تكلفة تشغيلية أقل: إن نفقات التشغيل لأي مشروع طاقة شمسية يحتاج لوضع ميزانية تشمل نفقات تطوير المشروع والنفقات التشغيلية التي تتضمن تكلفة الحفاظ على المشروع لمدة 35 عاماً أو أكثر حسب العمر المُتوقع للمشروع، وإن وضع الحصى أو العشب أسفل الألواح على نطاق واسع يعتبر أكثر تكلفة لأنه يترتب على ذلك عملية قص وتشذيب على امتداد مساحات كبيرة ولعقود مديدة، بخلاف التكلفة التشغيلية عند زرع نباتات محلية، فهي تتطلب رعاية خاصة ودقيقة في السنوات الثلاث الأولى فقط ومن ثم بعد فترة التأسيس تنخفض تكاليف رعايتها بشكل كبير جداً، فضلاً عن أن الحصى الموجود أسفل الألواح سيمتص الحرارة في حين أن النباتات تساعد في الحفاظ على الألواح باردة وتحسن من كفاءة الطاقة.
- يساهم الظل الذي توفره الألواح الشمسية في نمو النباتات المزروعة تحت الألواح وبالتالي يقدم فائدة للملقحات.
- توفر النباتات الموجودة أسفل الألواح تبريداً يعزز من كفاءة الألواح وقد تزيد من إنتاج الكهرباء خاصة في الأيام الأكثر دفئاً فهي تحافظ على مناخ أكثر برودة بالقرب من سطح الأرض
- نباتات التغطية التي تزرع لتغطية التربة وليس لغرض الحصاد تساهم في منع تآكل التربة عن طريق إبطاء سرعة هطول الأمطار قبل ملامسته لسطح التربة وتعمل على زيادة خصوبة التربة وتحسين جودتها من خلال زيادة مستوى المواد العضوية في التربة
- إنشاء موائل متنوعة بيولوجياً تعمل على تحسين التربة، وعزل الكربون، وربما تعود بالفائدة على المناطق المزروعة المجاورة.
- زراعة الزهور البرية يمكن أن تساعد في حشد الدعم في المجتمعات الريفية التي قد تقاوم تأجير الأراضي الزراعية المنتِجة لمطوري الطاقة الشمسية.
نظرة مستقبلية
تتوجه الجهود في جميع أنحاء العالم إلى الانتقال إلى التقنيات الصديقة للبيئة كالمحطات الشمسية كونها تساهم في تخفيض الانبعاثات الكربونية وتحقيق الحياد المناخي، ولكن تبقى هناك بعض الاعتبارات البيئة التي علينا الاهتمام لها عند بناء هذه المحطات، على اعتبار أن معايير الاستدامة لا تتجزأ. وبذلك يمكننا أن نجعل الألواح أكثر صداقة للبيئة وذلك بدعم الزراعة الكهروضوئية وتشجيع زراعة النباتات البرية أسفل الألواح التي تقدم العديد من الفوائد للتربة وتحافظ على المُلقحات التي ستلقح المحاصيل.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!