العواكس مع قابلية تكوين الشبكة: المستقبل الواعد للطاقة

مقدمة

ازداد عدد المشاريع الكهروضوئية وخاصة المتصلة بالشبكة (On Grid) منها وذلك مع نمو التوجه العالمي للاعتماد على الطاقة المتجددة، وبالرغم من تطور الشبكات الكهربائية إلى أن العواكس التقليدية ما زالت تواجه بعض التحديات بما يتعلق بالعمل خلال أعطال الشبكة لكونها محددة بجهد وتيار الشبكة، وبالتالي أي انفصال بالشبكة يؤدي إلى انفصالها.

ولكن ظهر مؤخراً نوع جديد من العواكس يطلق عليه «العواكس مع قابلية تكوين الشبكة – Grid Forming inverters» والذي نشير إليها في هذا المقال اختصاراً باسم «GFI». ولكن ما هي هذه العواكس؟ ولماذا تسمى بهذا الاسم؟ وما الفرق بينها وبين العواكس التقليدية؟

ما هي العواكس مع قابلية تكوين الشبكة ‏«‏GFI‏» وما أهميتها؟

تعد عواكس «GFI» من التقنيات الجديدة والتي بإمكانها تحديد والتحكم في جهدها وترددها بشكل منفصل عن الشبكة الكهربائية، دون الاعتماد على إشارات الشبكة. وتعد مفيدة جداً في تطبيقات الأنظمة المُتصلة بالشبكة بفضل قدرتها على التحكم بالجهد والتردد ويمكن استخدامها في تطبيقات متنوعة، مثل أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات، ومحطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والمحطات الهجينة. 

بماذا تتميز العواكس مع قابلية تكوين الشبكة عن العواكس التقليدية؟

تتسبب مشاكل الشبكة التي تحدث بسبب أعطال المعدات أو ظروف الطقس السيئة أو الأخطاء البشرية الي انفصالات في الشبكة، بالتالي فإن حدوث عطل غير لحظي في الشبكة، سيؤدي إلى انفصال العاكس التقليدي ونظام الطاقة المتجددة بشكل كامل عن الشبكة وفصل التيار عن الحمل وذلك ما لم يتم ربطه بأنظمة تخزين خارجية، أما في حالة وجود نظام تخزين، سيتم تزويد الحمل بالطاقة من نظام التخزين حتى نفاذ الطاقة.

طورت عواكس «GFI» بعد ذلك والتي تقدم وظائف مماثلة للآلات التزامنية ويمكنها مساعدة في حل هذه المشكلات. إذ تتميز بعملية التشغيل المستقل، مما يقلل من التعقيد والاعتماد على الأنظمة الخارجية، إذ يمكنها أن تعمل بفعالية في حالات القصور الذاتي للشبكات، ويمكنها كذلك التكيف مع تغير ظروف النظام.

يمكن أيضاً أن تعمل هذه العواكس كمصادر لبدء النظام بشكل مستقل، مما يمكنها من استعادة الشبكة بعد الانقطاعات دون الاعتماد على اتصال قوي بالشبكة أو مصادر خارجية مما يعزز من موثوقية النظام العام. 

فنظراً لقدرتها على التحكم بالجهد والتيار، وهذان العنصران هما من أهم العناصر في ربط الشبكة وتزامنها فسيعمل العاكس على إعادة الإشارة للشبكة وتزويد الأحمال فيها خصوصاً إذا كانت شبكة مصغرة.

إذا كان توجه العالم الآن إلى استخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100% فإن هذه العواكس تشكل المستقبل لأنظمة الطاقة، فنحن بالنهاية نحتاج إلى مصدر طاقة موثوق متجدد وآمن.

الفروق بين العواكس التقليدية والعواكس مع قابلية تكوين الشبكة

1- الفرق التقني:

• العواكس التقليدية: تستخدم دارة إغلاق الطور (phase-lock-loop) ودارة التحكم بالتيار ( current control loop) وذلك بهدف التحكم بخرج تيارات العاكس بشكل سريع، مما يجعل عاكس مصدر الجهد يتصرف وكأنه كأنه مصدر تيار، وأهمية هذا النوع من العواكس أن بإمكانه التحكم بالتيار بشكل سريع وسهل، لكن لا يمكنه التحكم بالجهد والتردد بالتالي فهو يحتاج لمصدر خارجي يتحكم بهما، وأثناء تذبذب الأحمال بإن هذه العواكس تحافظ على خرج الاستطاعة ثابت تماماً.
• أما في عواكس ‏«‏GFI‏» فإن التحكم يكون بالجهد والتردد مما يجعل عاكس مصدراً الجهد ويتصرف وكأنه مصدر للجهد، ولأن الجهد والتيار لهذه العواكس يبقى ثابتاً فإن بإمكانها العمل منفصلة عن الشبكة والتغير وفقاً لحاجة الحمل.

2- الفرق في التحكم والدارة:

يوضح الشكل التالي الاختلاف في دار عاكس كل نوع من العواكس وطريقة ربطه بدارات التحكم.

الشكل (a) يمثل عاكس «‏GFI‏» والشكل (b) يمثل العاكس التقليدي الذي يتبع الشبكة.

استخدام العواكس مع قابلية تكوين الشبكة على مستوى الشركات والدول

يتم تطوير عواكس الـ«‏GFI‏» بشكل كبير هذه الأيام ويتم استخدامها من قبل عدة جهات، كما تم تنفيذ مشاريع ناجحة باستخدامها على أرض الواقع وباستخدام المحاكاة. سنذكر بعض المشاريع الحالية والمستقبلية القائمة على هذا النوع من العواكس: 

• مشروع نظام تخزين الطاقة بالبطاريات لمنطقة الري الإمبراطوري في كاليفورنيا: حقق هذا المشروع تزامن مولد غاز طبيعي استطاعته 44 ميجاواط مع مولد توربين غازي متزامن.
• جزيرة سينت يوستاشيوس في هولندا: تعتمد هذه الجزيرة على الطاقة الشمسية لتلبية 46% من احتياجاتها الكهربائية، وذلك بفضل عواكس «‏GFI‏» والتي تحافظ على استدامة شبكة الجزيرة لمدة 10.5 ساعة بنسبة تزيد عن 100% من الطاقة الشمسية، ودون تشغيل المولدات العاملة بالديزل.
• شركة هوايين إلكتريك كومباني: تهدف هذه الشركة إلى نشر أنظمة تخزين الطاقة المينة على عواكس «‏GFI‏» بحلول عام 2023.

يقوم مشغلو الأنظمة في مختلف البلدان بتطوير المتطلبات التقنية لعواكس الـ«‏GFI‏»، وفي ما يلي نذكر أمثلة عليها:

1. بريطانيا: قام مشغل الشبكة الوطنية للكهرباء في بريطانيا بإجراء دراسات حول أداء عواكس «‏GFI‏» مع حصة كبيرة من العواكس القائمة على المصادر، ونتج عن ذلك تطوير متطلبات تقنية لهذه العواكس. 
2. أوروبا: قادت شبكة مشغلي نظم نقل الكهرباء في أوروبا جهداً كبيراً بين الجهات المعنية في أوروبا لتحديد استطاعات هذه العواكس لضمان تحديد متطلبات موحدة عبر الاتحاد الأوروبي. 
3. أستراليا: يتم تثبيت أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات التي تعتمد على عواكس «‏GFI‏» في السوق الوطني للكهرباء في أستراليا، وتتراوح استطاعتها من 30 ميجاواط إلى 500-600 ميجاواط.
4. ألمانيا: تقوم ألمانيا بتطوير متطلبات هذه العواكس من خلال معايير محددة، بحيث تحدد معايير تقنية تتضمن إدارة اختلال توازن الطاقة، وظروف القصور الذاتي، وانخفاض الجهد أثناء أعطال الشبكة.

التحديات التي تواجه نشر العواكس مع قابلية التكوين

يواجه المشغلون والمصممون للأنظمة المتجددة المبينة على هذه العواكس صعوبة في تحديد استطاعة ومتطلبات المعدات الخاصة بالأنظمة المعتمدة على عواكس الـ«‏GFI‏»، مما يؤدي إلى قيود تشغيلية وبالتالي تقليل الإنتاج واتصال محدود للطاقة المتجددة المعتمدة على العواكس. وبسبب عدم وجود مواصفات واضحة تتردد الشركات في الاستثمار في مثل هذه التقنيات، وهذه المشكلة المترابطة تعيق من نشرها على نطاق واسع.

وللتخلص على هذه المشكلة المترابطة، يُعتبر التعاون بين الباحثين والشركات المصنعة وأصحاب المعدات ومشغلي النظام وصانعي السياسات أمراً مهماً لتطوير متطلبات ومعايير العواكس والتقنيات غير المعتمدة على الشبكة بشكل عام. 

لماذا تهتم الشركات الكبيرة بهذا المجال؟

حاجة السوق: أسفر الانتقال العالمي إلى الطاقة المتجددة والرغبة في تحقيق الحياد الكربوني عن زيادة في الطلب على عواكس الـ«‏GFI‏»، والتي تعد أمراً ضرورياً لتكامل المصادر المتجددة بفعالية. تدرك الشركات المصنعة إمكانية نمو السوق وتتوجه نحو تلبية الطلب المتزايد على هذه العواكس.

الميزة التنافسية: توفير عواكس الـ«‏GFI‏» يمنح الشركات المصنعة ميزة تنافسية واضحة، وذلك من خلال الاستثمار في تطوير وتوفير اللتقنيات التي تساعد في تكامل الطاقة المتجددة بشكل مستقر وفعال في الشبكة.

النمو على المدى البعيد: مع زيادة انتشار الطاقة المتجددة وتطور هياكل الشبكة، ستلعب تقنيات عواكس الـ«‏GFI‏» دوراً حاسماً في ضمان استقرار الشبكة وتسهيل تكامل تخزين الطاقة وتمكين الانتقال إلى الشبكات الذكية. تدرك الشركات المصنعة أن هذا النوع من العواكس ليس مجرد اتجاه قصير الأمد بل هي عنصر حيوي في أنظمة الطاقة المستقبلية.

خاتمة

تقدم عواكس الـ«‏GFI‏» مزايا التحكم في الجهد والتردد، خاصة في الأنظمة التي تعتمد بشكل كبير على أنظمة الطاقة المتجددة، كما يتميز سوقها بالتقسيم حسب التطبيق، مما يتيح النشر المستهدف لهذه العواكس لمختلف مجالات الطاقة.

ومن المتوقع أن يشهد السوق العالمي لعواكس الـ«‏GFI‏» نمواً كبيراًفي المستقبل، وأن يكون معدل النمو السنوي للعواكس المركبة حوالي 10% خلال الفترة بين 2020 إلى 2025.

ومع ذلك هذه العواكس ما زالت تحتاج إلى مزيد من البحث والتطوير بالإضافة إلى توحيد جهود جميع الجهات المختصة والمهتمة في هذه الأنظمة والتقنيات للوصول إلى أفضل النتائج.

تابعونا على لينكيد إن  Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة..

نتمنى لكم يوماً مشمساً..

المصادر:  Modeling of Grid-Forming and Grid-Following Inverters for Transient Stability Simulation of Large-Scale Distribution Systems , Revisiting Grid-Forming and Grid-Following Inverters: , Future Bridge