سولارابيك – إسلام آباد- باكستان – 23 أغسطس 2024: عانت باكستان من أزمات كهرباء متكررة على مدار سنوات. وقبل عقد، تسبب الفشل في توقع التراجع الحاد بحقول الغاز المحلية على انقطاع الكهرباء، على نطاق واسع.
على مدار العام الماضي، رفعت حكومة شهباز شريف- شقيق نواز- أسعار الكهرباء في محاولة لسد العجز الكبير في الميزانية، مما زاد من معاناة السكان المتعثرين. وأصبحت العديد من الأسر الآن تنفق أموالاً أكثر على فواتير الكهرباء مقارنة بالإيجار، وسط ارتفاع التعريفات بنسبة 155% منذ 2021.
واندلعت احتجاجات في الشهر الماضي ضد زيادة الأسعار مما أدى إلى توقف أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة. وأعلنت مريم شريف- ابنة نواز ورئيسة وزراء إقليم البنجاب الذي يضم نصف سكان باكستان- عن برنامج دعم بقيمة 45 مليار روبية (162 مليون دولار) لتخفيف صدمة الأسعار.
فشل الساسة كافة بتوفير نظام كهرباء نظيف وميسور التكلفة لنحو 240 مليون مواطن باكستاني، وهو ما يعد ضرورياً إذا كانوا يأملون في سد الفجوة الاقتصادية المتزايدة مع الاقتصادات الناشئة الأخرى. في ظل التكاليف الباهظة لشبكة كهرباء التي تعمل بالكاد، بدأت الأسر والشركات بالتخلي عن شبكات الكهرباء التقليدية ولجأوا بشكل رئيسي إلى الطاقة النظيفة.
توضح دراسة حديثة أجرتها جيني تشيس، المحللة لدى “بلومبرغ إن إي إف” الحجم الهائل لهذا التوجه غير المدرج في السجلات الرسمية. ففي العام الماضي، استوردت باكستان ألواحاً شمسية بقيمة 1.45 مليار دولار من الصين، وهذا يكفي لتوليد حوالي 6 جيجاواط من الطاقة الكهربائية، أو ما يعادل 7% تقريباً من احتياجات باكستان للكهرباء. ثم استوردت الدولة الكمية نفسها من الألواح تقريباً في الأشهر الستة الأولى من هذا العام وحده. ويمكن أن تولد هذه الألواح المستوردة حديثاً قرابة 13 جيجاواط، وسط انخفاض أسعار الخلايا الشمسية العام الماضي.
سادس أكبر سوق للطاقة الشمسية
تشير أدلة منفصلة من معالجة صور الأقمار الصناعية باستخدام تقنيات تعلم الآلة إلى أن كميات هائلة من الألواح الشمسية جرى تركيبها دون اكتشافها. ووجدت “بلومبرغ إن إي إف” أن المساحة المرئية لهذه الألواح تعادل قدرة توليد تتراوح بين 1.4 إلى 2.8 جيجاواط على الأقل. ويبدو أن معظمها بُنيت على أسطح المصانع لتزويد الصناعات بالطاقة الكهربائية اللازمة. وترى تشيس أن إجمالي الطاقة الشمسية المركبة في باكستان يقدر بـ12.7 جيجاواط بحلول نهاية العام الماضي، ويُتوقع إضافة 10 إلى 15 جيجاواط أخرى في 2024، مما يجعل الدولة سادس أكبر سوق للطاقة الشمسية في العالم.
تختلف الأرقام الرسمية تماماً عن الواقع، حيث أعلنت هيئة تنظيم الكهرباء في البلاد أن قدرة الطاقة الشمسية في البلاد تبلغ 0.6 جيجاواط فقط، وحددت هدفاً أساسياً طويل الأجل عند 5.5 جيجاواط فقط بحلول 2034. وحتى في السيناريو الأكثر تفاؤلاً للطلب المرتفع، يزداد هذا التقدير إلى 15.6 جيجاواط خلال 10 أعوام، وهو مستوى يُرجح أن باكستان تجاوزته بالفعل، بحسب تقديرات “بلومبرغ إن إي إف”.
قصة نجاح
يمكن اعتبار ما يحدث في باكستان قصة نجاح من منظور معين. إذ تواجه الأسر والشركات حكومة فاسدة وغير كفؤة واستبدادية تجبرهم على دفع مبالغ باهظة مقابل كهرباء مولدة من طاقة ملوثة للبيئة وغير مستقرة، لكنهم اختاروا التوجه نحو بديل أنظف. تظهر جنوب أفريقيا كمثال على كيف يمكن أن تسهم الطاقة الشمسية سريعاً في استقرار شبكة كهرباء متدهورة.
مع ذلك، كان من الأفضل كثيراً لو لم يُضطر المواطنون لاتخاذ مثل هذه التدابير. ويعاني نظام الكهرباء في باكستان من نقص التمويل كما هي الحال الآن. فكلما زاد عدد المستهلكين الرئيسيين الذين يختارون توليد الكهرباء بأنفسهم والتخلي عن الشبكة التقليدية، زادت الأعباء المالية الواقعة على عاتق من لا يستطيعون اتخاذ خطوة مماثلة، ومعظمهم من الأسر الفقيرة التي لا تملك مساحات كافية لتركيب ألواح شمسية على أسطح منازلهم. وهذا من شأنه أن يفاقم حلقة مفرغة من ارتفاع الأسعار وتراجع الموثوقية وزيادة الفواتير غير المدفوعة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
نتمنى لكم يوماً مشمساً..
المصدر: bloomberg