المنازل السلبية الخاملة.. خطوة أولى نحو العيش باستدامة
هل سبق لك وأن حلمت بمنزل يمنحك الراحة والكفاءة في آن واحد؟ منزل تسوده الأجواء المثالية طيلة العام. ففي الشتاء يحتضنك الدفء دون الحاجة إلى فواتير تدفئة باهظة، وفي الصيف، يحيط بك النسيم المنعش دون الحاجة لتشغيل مكيف الهواء. هذا ليس مجرد وهم أو خيال، بل هذا ما تقدمه المنازل الخاملة (السلبية) Passive Houses.
في هذا المقال سنتعرف على هذه المنازل التي تجمع بين الراحة والذكاء البيئي ومبادئ تصميمها الخمسة
ما هي المنازل الخاملة السلبية Passive Houses؟
المنزل الخامل السلبي هو مفهوم معماري يهدف إلى تحقيق كفاءة طاقة عالية وبيئة مريحة وصديقة للبيئة من خلال الجمع بين التصميم الذكي ومواد البناء المتطورة.
يعتمد مبدأ تصميم المنزل السلبي على فكرة إنشاء غلاف بناء معزول بدرجة عالية، ومحكم الإغلاق، وجيد التهوية. وذلك بغية تقليل فقدان الطاقة من جدران المبنى وسقفه وأرضيته. بالإضافة إلى تقليل الحاجة إلى التدفئة والتبريد الصناعي.
تعد المنازل السلبية الخاملة فريدة من نوعها؛ لأنها تستخدم التأثيرات الطبيعية مثل أشعة الشمس والتهوية، بدلاً من الاعتماد على أنظمة التدفئة والتبريد التقليدية. وبفضل مستويات العزل العالية، يمكن للمنزل السلبي تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 90٪ مقارنة بالمنازل العادية!
مبادئ تصميم المنازل الخاملة السلبية
يعتمد تصميم المنازل السلبية الخاملة على عدد من المبادئ الجوهرية التي تضمن تقليل استهلاك الطاقة؛ مما يسهم في الحفاظ على البيئة ويقلل من تكاليف المعيشة (الفواتير). وهذه المبادئ هي:
1- انعدام الجسور الحرارية
يتم تصميم المنازل السلبية الخاملة عادة بشكل يمنع تكون الجسور الحرارية التي تكون بمثابة نقاط ضعف (نقطة تلاقي النافذة بالجدار، تلاقي الجدران في الزوايا…) تسمح بفقدان الحرارة. وهذا يعني التأكد من عزل الجدران والأرضيات والأسقف جيدا، دون وجود فجوات أو فتحات تؤدي إلى تسرب الحرارة، وهو ما يقلل الحاجة إلى التدفئة أو التبريد لتحقيق درجة الحرارة المريحة.
2- عزل عالي الجودة
تعد جودة العزل مفتاح نجاح تصميم المنازل السلبية الخاملة؛ إذ يعمل العزل على تقليل تبادل الحرارة مع البيئة الخارجية. وتعتمد المنازل السلبية على استخدام مواد عزل متطورة مثل الألياف الزجاجية أو الصوف الصخري المصنوع من الصخور البركانية والمعادن الطبيعية الأخرى والذي يوفر للمباني عزلاً حرارياً وعزلاً صوتياً وخصائص الحماية من الحرائق.
3- نوافذ فائقة الجودة
تمثل النوافذ مصدراً مهماً لفقد واكتساب الطاقة في المباني، إضافة إلى دورها في السماح للضوء الطبيعي بالدخول؛ مما يقلل من الحاجة إلى استخدام إضاءة صناعية.
يتم استخدام نوافذ عالية الأداء في المنازل السلبية لتقليل فقدان واكتساب الحرارة. وعادة ما تحتوي هذه النوافذ على زجاج ثلاثي الطبقات، له توصيل حراري منخفض وإطارات معزولة وطلاءات منخفضة الانبعاثات، بالإضافة إلى احتوائها أقفالًا محكمة الإغلاق؛ مما يقلل من فقد الطاقة.
4- بناء محكم الإغلاق
لا بد من منع تدفق الهواء غير المتحكم به بين البيئة الداخلية في المنزل والخارجية المحيطة به؛ بغية ضمان كفاءة الطاقة في المنزل السلبي. تتطلب هذه العملية إنشاء غلاف بناء محكم، حيث يتم سد جميع الفجوات والشقوق في جدران المبنى وسقفه وأرضيته.
تعد هذه العملية ضرورية؛ لأنها تقلل من فقد أو اكتساب الحرارة الناتج عن تسرب الهواء؛ مما يقلل الحاجة إلى أنظمة تدفئة أو تبريد مكلفة. كما أنها تساعد بالحفاظ على درجة حرارة داخلية ثابتة؛ مما يسهم في تحسين جودة الهواء الداخلي ويعزز راحة السكان.
5- تهوية ميكانيكية مع استرجاع الحرارة
بما أن المنازل السلبية الخاملة محكمة الإغلاق؛ فلا بد من وجود نظام تهوية فعال يجلب الهواء النقي إلى داخل المنزل ويخرج الروائح غير المرغوب فيها، كذلك ثاني أكسيد الكربون، والرطوبة.
يعتمد المنزل السلبي على نظام تهوية ميكانيكية متقدم (تهوية مع استرداد الحرارة HRV) حيث تتم إزالة الهواء الراكد أو الرطب بشكل مستمر وإدخال الهواء النقي من الخارج، كما يستعيد الحرارة من الهواء، قبل أن يطرده إلى الخارج، وينقلها إلى الهواء النقي العائد إلى الداخل، دون خلط تيارات الهواء؛ مما يضمن الحد الأدنى من فقد الطاقة ويحافظ على كفاءة النظام، فضلاً عن الجودة الجيدة للهواء الداخلي.
متطلبات المنزل السلبي
لكي يلبي المبنى معايير المنزل السلبي لا بد من أن يتوفر فيه:
المساحات المدفأة: يجب ألا يتجاوز الطلب على الطاقة لتدفئة المساحات سنوياً 15 كيلوواط\ساعة\متر مربع من مساحة المعيشة أو 10 واط\متر مربع، عند ذروة الطلب، مقارنة بـ 100 واط\متر مربع في المنازل التقليدية.
الطاقة الأولية: يجب ألا يتجاوز إجمالي الطاقة السنوية اللازمة لجميع التطبيقات المنزلية (التدفئة والماء الساخن والكهرباء المنزلية) 60 كيلوواط ساعة \ متر مربع من مساحة المعيشة.
إحكام الإغلاق: المباني السلبية محكمة الإغلاق للغاية. ويجب ألا يزيد عدد تغييرات الهواء فيها عن 0.6 في الساعة، عند ضغط 50 باسكال.
الراحة الحرارية: يجب أن تكون مناطق المعيشة مريحة طيلة العام، بحيث لا تتجاوز درجة الحرارة خلال 10% من الساعات في العام الواحد درجة الحرارة 25 درجة مئوية.
الخاتمة
تجمع المنازل السلبية بين الابتكار والاستدامة؛ مما يجعلها خطوة مهمة نحو تحقيق الراحة السكنية والحفاظ على البيئة. ومن خلال تطبيق هذه المبادئ الأساسية، يمكن لهذه المنازل أن توفر بيئة مريحة وصحية للسكان مع تقليل الأثر البيئي؛ فالاستثمار في تصميم منزل سلبي وبنائه لا يعد خيارًا اقتصاديًا فحسب، بل هو أيضًا التزام نحو مستقبل أكثر استدامة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!