الفهرس
مقدمة
تعرض الكثيرون للحيرة عند شراء ألواح شمسية كهروضوئية Solar PV Panels بسبب السؤال التالي: هل تريد تركيب ألواح بولي Poly أو مونو Mono؟ و طبعا ما يزيد الطين بلة هو جهل البائع بالفرق ما بين التقنيتين و تسرعه لإطلاق الأحكام بأن أحد التقنيتين أرخص أو أوفر أو أكثر كفاءة مما يؤدي إلى قرارات شراء خاطئة. نسعى في هذا المقال لتوضيح آلية تصنيع الخلايا بالتقنيتين و من ثم إلى تفنيد الاعتقادات الخاطئة التي يروج لها البائعون الغير محترفون.
قبل أن نبدأ، هل لاحظت أننا تارة استخدمنا مصطلح الخلايا الشمسية و تارة استخدمنا مصطلح الألواح الشمسية؟ هل نشير إلى نفس الشيء؟
الجواب: لا! الخلايا الشمسية هي المكون الرئيسي للألواح الشمسية، و عادة ما يتألف اللوح الشمسي من 60 خلية أو 72 خلية. أظن أن الجواب بدأ يتوضح الآن، فهل لاحظت أن اللوح الشمسي يحتوي على أشكال مربعة، أو شبه مربعة؟ نعم، إن هذه الأشكال هي الخلايا الشمسية. أما لمعرفة مبدأ عمل هذه الخلايا، يمكنكم قراءة هذا المقال!
ماذا نعني بالمونو و البولي؟
هذان الاسمان هما مجرد اختصاران عاميان للنوعين الأساسيين للخلايا الشمسية الكهروضوئية. بولي كريستالاين، أو الكريستال المتعدد “Polycrystalline” و مونو كريستالاين، أو الكريستال الوحيد “Monocrystalline” و هاذان النوعان يمثلان ما يقارب 95% من اجمالي الإنتاج العالمي للخلايا الشمسية الكهروضوئية و هذا سبب التركيز على هذين النوعين فقط في هذا المقال. هنالك أنواع أخرى للخلايا الشمسية الكهروضوئية و أشهرها خلايا الفلم الرقيق “Thin-Film” و لكننا لن نغطيها في هذا المقال بل في مقال آخر في المستقبل.
فلنستخدم الأسماء المختصرة للتبسيط و لنتعرف على مبدأ تصنيع الخلايا الشمسية الكهروضوئية.
مبدأ تصنيع الخلايا الشمسية الكهروضوئية
بولي أو مونو فإن مبدأ التصنيع بالمجمل واحد. بشكل مبسط، يتم صب السيليكون عالي النقاوة في قوالب ليتشكل في حالة صلبة كأسطوانة أو مكعب مثلا و يدعى هذا الشكل الناتج بالإنغوت “Ingot” و هو الخطوة الأولى في تصنيع الخلايا الشمسية.
لاحقا، يتم تقطيع الإنغوت إلى شرائح رقيقة جدا و التي تأخذ شكلا يعتمد على شكل الإنغوت و تسمى هذه الشريحة بالويفر “Wafer”.
تمرين
ما هو شكل الويفر الناتج عند تقطيع إنغوت أسطواني الشكل؟ و ماذا لو كان الإنغوت مكعب الشكل؟
إذا كان الإنغوت أسطوانياً فإن الويفر سيكون دائرياً، أما إذا كان الإنغوت مكعباً فإن الويفر سيكون مربع الشكل. اكتبوا تعليقا أسفل المقال لو أحسستم أن الإجابات غير واضحة.
في الخطوة الأخيرة، يتم إشابة السيليكون في الويفر لتكوين أنصاف النواقل، و من ثم يتم معاملة الويفر على عدة مراحل لتشكيل ما يدعى بالخلية الشمسية (الكهروضوئية) “PV Cell” و يتم تجميع هذه الخلايا في ألواح و هي عادة ما تكون المنتج النهائي الذي يتم طرحه في الأسواق.
[bsa_pro_ad_space id=3]
ما هو الفرق في التصنيع للحصول على خلايا بولي أو خلايا مونو (بشكل مبسط)؟
الفرق الرئيسي يكمن في الخطوة الأولى عندما يتم صب السيليكون في القوالب. و هنا علينا أن نشرح طريقتي الصب بشكل مستقل:
للحصول على خلايا بولي كريستالاين
يتم صب مادة السيليكون في القوالب بشكل مباشر وانتظار الانتقال إلى الحالة الصلبة الذي يستغرق يومين تقريبا. بالنتيجة، لا نحصل على بلورة واحدة بل على عدد هائل من البلورات المتجاورة و المتماسكة مع بعضها. و من ثم بتقطيع الإنغوت الناتج، نستطيع الحصول على الويفر و نكمل التصنيع كما شرحنا سابقا. بسبب بساطة العملية، تستطيع الشركات اختيار أي شكل من القوالب، و لكن لماذا تختار الشركات قوالبا مكعبة؟
رجاء حاولوا التفكير في الجواب قبل أن تكملوا القراءة!
أحسنتم! الهدف الأخير من هذه العملية هو الحصول ألواح شمسية بأقل مساحة ضائعة ممكنة. أي، لا نريد أن نترك فراغات زائدة ما بين الخلايا على سطح الألواح الشمسية لأن هدفنا هو الحصول على أكبر مساحة فعالة قادرة على توليد الكهرباء من سطح اللوح. و بالتالي فان صف 60 أو 72 مربعا أو مستطيلا في اللوحة يمكن أن يعدم الفراغات ما بين هذه الأشكال. و نعم، يمكن للخلايا أن تكون مستطيلة الشكل أيضا.
لاحظوا الشكل المجاور. هل ترون البلورات المتعددة على سطح الخلية؟ نعم، هذا سبب تسميتها بالبولي كريستالاين أو البلورات المتعددة. إن بساطة طريقة تصنيع خلايا البولي هو سبب انخفاض سعرها مقارنة بالمونو و لكن ذلك ينعكس على كفاءة أضعف بسبب تعدد البلورات.
للحصول على خلايا مونو كريستالاين
كقاعدة عامة، كلما زادت نقاوة الويفر، كلما زادت فعاليتها لإنتاج المزيد من الكهرباء. من هذا المنطلق حاول العلماء صب السيليكون بطرق مبتكرة في القوالب لتشكيل بلورة واحدة ضخمة. و بالفعل، استطاع شوكرالسكي “Czochralski” من تطوير آلية مكنت العلماء من تصنيع بلورة ضخمة واحدة و سميت هذه الآلية باسمه. ببساطة، تم وضع بلورة سيليكون واحدة في القالب و تم صب السيليكون فوقها ببطء مع حركة دائرية و بظروف حرارة معينة و سرعات دوران و سحب معينة استطاع العلماء تشكيل بلورة واحدة متماسكة بصفات ذرية مطابقة للبلورة النواة. جميل، أليس كذلك؟
بالنتيجة حصلنا على بلورة وحيدة نقية، و لكن هل تعرف ما شكل هذه البلورة؟ أحسنت! شكلها أسطواني بسبب حركة الدوران. و بالتالي، فإن الويفر الناتج عن تقطيع هذه البلورة (الإنغوت) سيكون دائري الشكل و بالتالي ستكون الخلية دائرية و الألواح الشمسية عبارة عن مجموعة من الدوائر المتراصة. هل رأيتم مثل هذه الألواح؟ طبعا لا! فسرعان ما اكتشف العلماء أن صف مجموعة من الدوائر بجانب بعضها البعض في الألواح سيترك فراغات واسعة، و بالتالي فإن كفاءة الألواح ستكون ضعيفة. ما الحل إذا؟ الحل التالي كان بقص الإنغوت الاسطواني الشكل للإبقاء على حواف متعامدة و بالتالي تقطيع شرائح مربعة مثالية لتشكيل الألواح الشمسية، و لكن الحل ولد هدرا كبيرا للإنغوت مما يرفع من تكلفة التصنيع بشكل غير مقبول.
[bsa_pro_ad_space id=3]
و هنا وقعت الشركات في الجدال ما بين تقليل المساحات الضائعة على الألواح و ذلك بتصنيع خلايا أقرب للشكل المربع، و بين تقليل الهدر للإنغوت المكلف. بالنتيجة استقرت الشركات لفترة طويلة على الشكل المربع المقطوع الزوايا كما ترون في الصورة المجاورة.
منطقيا، البلورة الوحيدة رفعت من كفاءة خلايا المونو مما يرفع من إنتاج التيار الكهربائي و لكنها رفعت من تكلفة الإنتاج مقارنة بالبولي.
أنصحكم بمتابعة الفيديو التالي حتى و لم تكونوا واثقين من لغتكم الإنجليزية لأن الرسومات ستساعدكم على تثبيت المعلومات التي قرأتموها حتى الآن. لاحظوا أيضا أن هنالك عدة طرق أخرى للتصنيع لم نتطرق لها بسبب قلة استخدامها و تحاشيا لتعقيد هذا المقال. أليس المقال معقدا كفاية؟
نصيحة: يمكنكم تشغيل الترجمة للغة العربية من إعدادات الفيديو على اليوتيوب. يمكنكم تعلم ذلك من خلال مقطع الفيديو هذا مثلا.
مقارنة الخلايا الشمسية و الألواح الشمسية من نوع بولي مع النوع مونو
من السائد تداول المعلومات الثلاثة التالية كحقائق مطلقة :
- يمكن التعرف على ألواح البولي بسهولة بسبب ظهور التعدد في بلورات السيليكون و عادة ما يكون لونها أزرقا، و يمكن التعرف على ألواح المونو بسبب شكل الخلايا المقطوع الزوايا و اللون الموحد للخلايا الذي غالبا ما يكون أزرقا غامقا أو أسودا.
- ألواح المونو أعلى كفاءة من البولي و بالتالي تولد المزيد من الكهرباء مقارنة بالبولي.
- ألواح المونو أعلى تكلفة من البولي و لكنها تولد مردودا أكبر بفضل الفارق في الإنتاج.
كانت النتائج في الأعلى صحيحة حتى بضع سنوات مضت، و لكن اليوم، في عام 2019، نستطيع نقدها جميعا. و ننهي المقالة بالمعلومات المحدثة حتى تاريخ إعداد هذا المقال:
- أصبح من الممكن أن تجد ألواح مونو بخلايا مربعة بشكل مثالي و ذلك بسبب القدرة على إعادة استخدام المواد المهدرة لتصنيع خلايا شمسية من نوع بولي. كما و أصبح من الممكن الحصول على ألواح بولي داكنة اللون (شبيهة جدا بالمونو) و ذلك بسبب البخ للمادة المضادة لانعكاس أشعة الشمس عن وجه الخلية. هل يمكنكم معرفة نوع اللوح في الأسفل قبل قراءة العنوان أسفل الصورة؟
- كما أن العديد من الشركات استطاعت رفع كفاءة ألواح البولي بحيث أصبحت الألواح المتوفرة في الأسواق تضاهي ألواح المونو بكفاءة حوالي ال 19%.
- أما من ناحية تكلفة التصنيع، فبسبب توجه العديد من الشركات نحو توسيع الإنتاج أو حتى التحول الكامل إلى تقنية المونو فإن تكلفة الإنتاج انخفضت كثيرا و يتوقع أن تتقاطع من تقنية البولي خلال عام 2020.
- إن الإصدارات الجديدة من الألواح الشمسية في عام 2019 أفصحت عن وصول تقنية المونو لنفس المعامل الحراري لألواح البولي حيث يتساوى أفضل لوح من شركة Canadian Solar المتخصصة بتقنية البولي مع أفضل لوح من شركة Longi المتخصصة بتقنية المونو عند (-0.37 %) بالنسبة للقدرة الأعظمية.
خلاصة
إن كنتم تفكرون بشراء ألواح شمسية كهروضوئية لسطح المنزل أو حتى لمحطة كهربائية ضخمة، فإن تقنية التصنيع مونو أو بولي لا تهمكم كثيرا، و لكن ما يهمكم هو أن تحصلوا على أفضل كفاءة، و بالتالي أعلى قدرة ممكنة للوح، مقارنة مع السعر. و بالتالي فإن البائع المحترف يستطيع حساب العائد على الاستثمار و تكلفة كل كيلوواط ساعي يتوقع إنتاجه، و بإحداث هذا التوازن فإنكم تضمنون أفضل عائد اقتصادي للاستثمار الذي تقومون به.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!