خاص سولارابيك -عمّان – 18 أغسطس 2025 – دخل قانون الكهرباء العام لسنة 2025 حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها “إصلاحية” وتاريخية، تهدف إلى تحديث قطاع الكهرباء، تعزيز استقراره المالي، ودعم مسيرة الانتقال إلى الطاقة المتجددة. لكن ما بين الرواية الرسمية وقراءة الخبراء، يظهر جدل واسع حول طبيعة القانون وآثاره المحتملة على المواطن والاقتصاد الوطني.
الرواية الرسمية: تحديث وتشجيع الاستثمار
وزارة الطاقة أكدت أن القانون الجديد يضع الأردن على مسار متقدّم في المنطقة، إذ يُتيح لأول مرة إنشاء أنظمة كهربائية مستقلة خارج الشبكة التقليدية، ويمكّن المواطنين والمستثمرين من بيع الفائض للشبكة الوطنية. كما يشجع القانون على التخزين الذاتي للطاقة، ويفتح الباب أمام مشاريع الهيدروجين الأخضر، وهو ما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033.
وزير الطاقة الدكتور صالح الخرابشة شدّد على أن “القانون لا يغيّر التعرفة الكهربائية الحالية، ولا يفرض زيادات مباشرة على الشرائح الاستهلاكية”، مؤكداً أن الهدف الرئيس هو “رفع كفاءة القطاع وضمان استدامة الخدمة الكهربائية على المدى الطويل”.
قراءة نقدية: “القانون يميل لشركات التوزيع”
في المقابل، قدّم الخبير الاقتصادي الأردني المتخصص في شؤون الطاقة، الدكتور عامر الشوبكي، قراءة مختلفة وأكثر حذرًا. حيث قال في تصريحاته:
“قانون الكهرباء 2025 الذي دخل حيز التنفيذ ليس إصلاحًا، بل إعلان رسمي لزيادة الأعباء على المواطن، وذلك استنادًا إلى نصوص القانون المنشورة.”
ويستشهد الشوبكي بعدة مواد مثيرة للجدل في القانون:
- المادة (25/5): تنص على “التخفيض التدريجي للدعم البيني بين فئات المستهلكين”، وهو ما يراه الشوبكي تمهيدًا واضحًا لرفع الفواتير في المستقبل.
- المادة (25/1): تضمن لشركات التوزيع تغطية الكلفة وعائدًا مناسبًا على استثماراتها، ما يعني أن المستهلك “سيدفع فاتورة الربحية للشركات” بشكل إلزامي.
- المادة (29): تفرض عقوبات بالحبس والغرامة على أي توليد أو تخزين كهرباء يتم خارج نطاق التراخيص أو السعات المحددة، الأمر الذي “يغلق الباب أمام تعميم فكرة التخزين المنزلي لتخفيض الفواتير”.
- المادة (21): تشترط الحصول على “براءة ذمة” من شركة الكهرباء قبل أي بيع أو تنازل عن عقار، وهو ما يعتبره الشوبكي تجاوزًا لاختصاص الدولة لصالح الشركات.
ويضيف الخبير:
“إن مجمل هذه المواد يُظهر أن القانون يميل لمصلحة شركات التوزيع على حساب المستهلكين والاقتصاد الوطني، وهو ما يستدعي مراجعة عاجلة قبل أن تتفاقم الكلف الاجتماعية والاقتصادية.”
الأثر الاجتماعي: المواطن الحلقة الأضعف
من الزاوية الاجتماعية، يُثير القانون مخاوف جدية لدى شرائح واسعة من المواطنين. فحتى وإن لم تُرفع التعرفة اليوم، فإن الإشارات الواضحة في النصوص القانونية إلى إعادة هيكلة الدعم وفتح المجال أمام الشركات لتحقيق أرباح “مضمونة”، توحي بأن الكلفة النهائية ستقع على كاهل المستهلكين.
وبينما تركز الحكومة على “التحفيز عبر الطاقة المتجددة والتخزين الذاتي”، يرى مراقبون أن العقوبات الصارمة على التوليد والتخزين خارج نطاق التراخيص قد تفرغ هذه الوعود من مضمونها، وتجعلها حكرًا على الشركات الكبرى، لا الأفراد أو المجتمعات المحلية.
البُعد الاقتصادي: بين الاستثمار وحماية المستهلك
من الناحية الاقتصادية، يخلق القانون بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين، خصوصًا في مشاريع الطاقة المتجددة، إذ يضمن لهم تغطية الكلف وعوائد مستقرة. لكن هذه “الطمأنة الاستثمارية” تتحول، بحسب الشوبكي، إلى “إلزام للمواطن بدفع الفاتورة النهائية”، وهو ما يحدّ من القدرة الشرائية ويزيد الضغوط على الاقتصاد المحلي.
ويشير خبراء آخرون إلى أن أي إصلاح كهربائي ناجح ينبغي أن يوازن بين استدامة الشركات وحماية المستهلك، وإلا فإن الثقة بين المواطن والدولة ستضعف، خاصة في قطاع حساس مثل الكهرباء الذي يمسّ كل بيت وكل مؤسسة.
الطريق إلى الأمام: مراجعة وحوار مجتمعي
رغم الجدل، لا شك أن القانون يمثل محطة مهمة في مسيرة الطاقة الأردنية. لكنه، كما يرى الشوبكي، يحتاج إلى مراجعة نصية وسياسات تطبيقية عادلة، تضمن ألا تتحول وعود الإصلاح إلى أعباء إضافية.
فتح حوار وطني شفاف بين الحكومة، خبراء الاقتصاد، ممثلي المجتمع المدني، وشركات التوزيع قد يكون السبيل الأمثل لتصحيح مسار القانون وضمان عدالته، بما يحافظ على التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية المواطن.
في المحصلة، يحمل قانون الكهرباء 2025 طموحات كبيرة لإصلاح القطاع وجذب الاستثمارات، لكنه في نظر الكثيرين جاء محمّلًا بمواد تمنح الشركات أفضلية واضحة على حساب المستهلك. وإذا لم تُراجع هذه المواد وتُعالج آثارها المحتملة، فإن القانون قد يتحول من فرصة إصلاحية إلى عبء اجتماعي واقتصادي جديد.
.تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!