سولارابيك – عمان، الأردن – 20 أبريل 2024: الأردن، الرائد في مجال الطاقة المتجددة بالعالم العربي، يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أخضر، حيث بلغت نسبة أنظمة الطاقة المتجددة المُركبة 44% بحلول نهاية عام 2023 تبعاً لما وردنا من وزارة الطاقة، مقارنةَ بـ 29% نسبة مساهمه مشاريع الطاقة المتجددة المٌشغلة بمزيج الطاقة الكلي تبعاً لما تم الإعلان عنه سابقاً. هذا التقدم المشهود يجسد التزام الأردن بتحقيق هدفه الطموح بوصول هذه النسبة إلى 50% بحلول عام 2050، وهو هدف قد يتحقق قبل الموعد المحدد.
مع ذلك، واجه قطاع الطاقة المتجددة في الأردن تحديات جمة في السنوات القليلة الماضية. من بين هذه التحديات، قرار الحكومة الذي صدر في عام 2019 بوقف منح التراخيص للمشاريع الجديدة التي تفوق قدرتها الإنتاجية 1 ميجاواط، والذي ما زال يلقي بظلاله على نمو القطاع حتى هذه اللحظة. ردًا على هذه التحديات، قامت الحكومة بإدخال تعديلات على قانون الطاقة المتجددة، والتي حظيت بموافقة مجلس الوزراء وإقرار مجلس النواب لكنها لم تصدر بشكل نهائي حتى الآن.
في سولارابيك، أجرينا تحقيقًا صحفيًا لاستكشاف هذه التعديلات وأبعادها، حيث تواصلنا مع وزارة الطاقة للحصول على توضيحات شافية. تابعونا لنقدم لكم تحليلنا المفصل لهذه التعديلات وانعكاساتها على مستقبل الطاقة المتجددة في الأردن.
دوافع التعديلات القانونية
في سياق تحقيقنا، استفسرنا من وزارة الطاقة عن الأسباب التي دفعت لإجراء هذه التعديلات. أوضحت الوزارة أن الهدف الرئيسي هو تنظيم آليات بيع وشراء الطاقة الكهربائية المولدة من المنشآت والمساكن المزودة بأنظمة الطاقة المتجددة بطريقة تضمن العدالة. نظرًا لتباين تكلفة توليد الكهرباء في أوقات مختلفة، خاصةً خلال ذروة الطلب، ستتم عملية المبادلة بناءً على مبدأ صافي القيمة بدلاً من صافي القياس. هذا يعني أن العملية ستأخذ في الاعتبار قيمة الكهرباء الموردة والمستهلكة في أوقات مختلفة لضمان تحقيق التوازن العادل.
السبب الثاني للتعديل يتمثل في تحديد الأنظمة، الأجهزة، والمعدات الخاصة بمصادر الطاقة المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة التي ستُعفى من الرسوم الجمركية وتخضع للضريبة العامة على المبيعات بنسبة صفر. هذا يهدف إلى تشجيع استيراد أفضل المنتجات الموفرة للطاقة ودعم جهود ترشيد الاستهلاك.
وفقًا للوزارة، فإن هذين التعديلين لن يؤثرا على جذب الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة أو على مكانة الأردن الريادية في هذا المجال على مستوى المنطقة. عقب صدور قانون الطاقة المتجددة المعدل، سيتم إصدار نظام جديد ينظم هذه التعديلات بمجرد بدء سريان القانون.
الفرق بين صافي القياس وصافي القيمة
صافي القياس (Net Metering) هو نظام يتيح للمنشآت أو المنازل التي تمتلك أنظمة طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية، قياس الفرق بين الكهرباء التي تنتجها وتزودها إلى الشبكة وبين الكهرباء التي تستهلكها من الشبكة. في هذا النظام، يتم تسوية الحساب على أساس الكمية المقاسة بغض النظر عن قيمة الكهرباء في أوقات مختلفة.
على سبيل المثال، إذا أنتجت منشأة ما 1000 كيلوواط ساعة من الطاقة الشمسية واستهلكت 800 كيلوواط ساعة من الشبكة خلال فترة الفوترة، فإن صافي استهلاكها سيكون 200 كيلوواط ساعة فقط، وهذا هو الرقم الذي سيتم احتسابه في الفاتورة.
صافي القيمة أو الفوترة (Net Billing)، من ناحية أخرى، هو نظام يأخذ في الاعتبار قيمة الكهرباء المزودة والمستهلكة في أوقات مختلفة. في هذا النظام، يتم تسوية الحساب بناءً على قيمة الكهرباء بدلاً من الكمية المقاسة.
على سبيل المثال، إذا أنتجت منشأة ما 1000 كيلوواط ساعة من الطاقة الشمسية واستهلكت 800 كيلوواط ساعة من الشبكة، لكن قيمة الكيلوواط ساعة التي أنتجتها كانت 5 قروش وقيمة الكيلوواط ساعة التي استهلكتها كانت 7 قروش، فإن الحساب النهائي سيأخذ في الاعتبار هذه القيم وليس فقط الكمية المقاسة.
تحليل سولارابيك: خطوة للوراء في مسيرة الأردن الخضراء؟
تقف المملكة الهاشمية عند مفترق طرق، حيث تُعيد النظر في حوافز الطاقة الشمسية التي كانت تُعتبر ركيزة أساسية في مسيرتها نحو الاستدامة. يُثير هذا التحول الجذري في السياسات العديد من الأسئلة حول التداعيات المحتملة، خاصةً على المستثمرين الذين قاموا بتركيب أنظمة الطاقة الشمسية استنادًا إلى القوانين السابقة. إن التغييرات ذات الأثر الرجعي تُعد خطوة مُحفوفة بالمخاطر قد تُضعف الثقة في السوق وتُعيق الاستثمارات المستقبلية.
من جهة أخرى، تُظهر المملكة العربية السعودية نهجًا مختلفًا من خلال تشريعات صافي الفوترة والقيمة، فبينما تُطبق السعودية تشريعات صافي الفوترة أو القيمة، (والتي لم تحقق الدافع المطلوب لتشجيع المواطنين على استخدام أنظمة الطاقة الشمسية بسبب الفجوة الكبيرة بين أسعار البيع والشراء) أرفقت السعودية مع تشريعاتها تشريعات للاستهلاك الذاتي، مما فتح آفاقًا جديدة للاستفادة من الطاقة الشمسية، ولكن يبقى الوضع في السعودية مختلفًا إلى حد ما، نظرًا للتفاوت الواضح في أسعار التعرفة مقارنةً مع الأردن.
في الأردن، يُعتبر الوضع أكثر تعقيدًا، حيث يتطلب الأمر شفافية أكبر وتوضيحًا للمسار الذي ستتخذه الحكومة بشأن تشريعات الاستهلاك الذاتي وتخزين الطاقة. إن تطبيق هذه التشريعات يُمكن أن يُعزز من خيارات المواطنين ويُساهم في استدامة الطاقة بشكل أكبر.
ومع ذلك، تُشير التعديلات الأخيرة على قانون الطاقة المتجددة إلى احتمالية تراجع الأردن عن دوره الريادي في القطاع. يُطرح السؤال حول مدى تأثير هذه التعديلات على تطور القطاع وعلى الأعباء المالية للمواطنين والمستثمرين، وذلك على الرغم من التطمينات الحكومية.
من المهم أن تواجه الحكومة الأردنية التحديات القائمة في قطاع الطاقة، بما في ذلك الخسائر المتراكمة لشركة نقل الكهرباء الوطنية وتأثير الشركات الربحية المخصصة كشركات توزيع الكهرباء في تطور القطاع. يتطلب الأمر جهودًا متواصلة وتعاونًا بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لضمان تحقيق استدامة الطاقة في الأردن.
تابعونا على لينكد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم يومًا مشمسًا..