إن التغيير الذي نشهده على الصعيد الشخصي مثل التحول من استخدام الدراجات والسيارات التقليدية إلى الدراجات والسيارات الكهربائية، والكتب الورقية إلى الكتب الإلكترونية يظهر التضخم الهائل لاعتمادنا على الطاقة الكهربائية في حياتنا اليومية. كذلك الحال بالنسبة للقطاعات التجارية والصناعية و هذا ما يفسر توقعات مثل أن نمو الطلب على الطاقة الكهربائية سيفوق الطلب على مصادر الطاقة الأخرى بضعفين أو أكثر.
إن وسائل توليد الطاقة الكهربائية الشائعة عن طريق محطات الطاقة الحرارية تعتمد على مواد مثل النفط، والفحم الحجري والغاز والتي نتجت عن تحلل المواد العضوية تحت التربة بفعل الشمس لآلاف السنين. حتى الرياح ناتجة عن الاختلاف الحراري ما بين منطقتين متجاورتين بفعل الشمس وبدورها تحرك الرياح العنفات لتوليد الطاقة الكهربائية. بناء على ذلك، الشمس هي المصدر الرئيسي للطاقة على الكوكب ولكننا عادة ما نعتمد على مواد وأشكال طاقة ثانوية لتوليد الطاقة الكهربائية.
إن عدم التحويل المباشر من الطاقة الواصلة من الشمس إلى الكهرباء يسبب العديد من المشاكل البيئية مثل التلوث، و المشاكل الاقتصادية بسبب استهلاك مواد مثل النفط بمعدل أسرع من معدل تجددها في الطبيعة. أضف إلى ذلك، هنالك ضياع كبير في الطاقة عند التحويل إلى طاقة ميكانيكية أو حرارية قبل التحويل إلى الطاقة الكهربائية. كل هذه العوامل تجعل من تقنية الفوتو فولتيك ‘Photovoltaic PV’ التي نعرفها من خلال اللوحات الكهروضوئية ثورة حقيقية في توليد الكهرباء بشكل مباشر من الضوء بأسلوب فعال وصديق للبيئة.
باختصار، تقنية الألواح الشمسية ( أو الألواح الكهروضوئية فوتو فولتيك) هي التقنية المستخدمة لتحويل الضوء إلى كهرباء بشكل مباشر باستخدام أنصاف النواقل التي تخضع للتأثير الكهروضوئي. في هذه المقالة سوف نتعرف بشكل مبسط على مكونات الخلية الكهروضوئية و التي هي المكون الرئيسي للألواح الكهروضوئية، آلية العمل، و المصطلحات العامة المستخدمة لتوصيف هذه الطاقة.
مبادئ عامة
قبل التحدث عن آلية عمل الخلايا الكهروضوئية، علينا أن نستذكر مبدأ عمل مكونات هذه الخلايا لفهم كيفية حدوث الفعل الكهروضوئي. الشرح التالي مبسط جدا لأن الهدف من هذه المقالة هو توعوي و ليس بحثي أو أكاديمي.
أولا: تنقسم المواد بشكل عام إلى نواقل و عوازل و أنصاف نواقل. بالنسبة للمواد الناقلة كالنحاس مثلا, يعود سبب هذه الناقلية إلى الارتباط الضعيف لإلكترونات المدار الأخير لهذه الذرات مما يسهل هجرتها لذراتها و طفو هذه الإلكترونات عبر الناقل و مرور التيار الكهربائي. و بالعكس تماما، إلكترونات المواد العازلة كالخشب مثلا شديدة الارتباط بذراتها و بالتالي لا تنتقل هذه الإلكترونات عبر العوازل و بالتالي لا يمر تيار كهربائي. بالإضافة لهذين النوعين من المواد، هنالك مواد لا تنقل التيار الكهربائي بشكل جيد كما لا تعتبر عازلا جيدا أيضا. هذه المواد مثل السيليكون و الجرمانيوم لا تفقد الكترونات المدار الأخير بسهولة و لكن الكتروناتها تصبح سهلة الحركة عندما توضع هذه المواد في ظروف معينة كأن يتم رفع حرارتها أو إشابتها مثلا. تدعى هذه المواد بأنصاف النواقل.
يمكن استخدام أنصاف النواقل بشكل نقي أو مشاب. مثلا يمكن استخدام السيليكون النقي بعد تنقية بلوراته أو يتم إشابة السيليكون بمواد إضافية كالبورون فينتج عنها نصف ناقل مشاب نوع P-type الغني بالفجوات الموجبة أو يتم إشابة السيليكون بمواد كالفسفور فينتج عنها نصف ناقل مشاب نوع N-type الغني بالإلكترونات السالبة.
إن عملية وصل رقاقة نصف ناقل موجبة من نوع P-type مع رقاقة نصف ناقل سالبة من نوع N-type تشكل ما يدعى بالصمام الثنائي (ديود) Diode أو وصلة الموجب و السالب P-N Junction. هذه الوصلة هي المكون الرئيسي لعمل نظام توليد الكهرباء الكهروضوئي. يمكنكم التعمق في فهم مبدأ عمل هذه الوصلة و لكن ما يهمنا حاليا هو معرفة أن هذه الوصلة لا تسمح للإلكترونات بالمرور من الرقاقة السالبة N-type إلى الرقاقة الموجبة P-type إلا عبر دارة كهربائية إذا حصلت على الطاقة الكافية لعبور المنطقة العازلة ما بين الرقاقتين, أي أن التيار الكهربائي يتولد و يسري من الرقاقة الموجبة باتجاه الرقاقة السالبة .
مكونات الخلية الكهروضوئية
الشكل المجاور “بنية خلية كهروضوئية مبسطة” يمثل مقطعا أفقيا من خلية كهروضوئية مكونها الرئيسي هو السيليكون. هذه الخلية تتكون من:
- طبقة إمتصاص Absorber Layer: تقوم هذه الطبقة بامتصاص الفوتونات من الضوء المسلط على الخلية الكهروضوئية. المكون الرئيسي لهذه الطبقة هو وصلة الموجب و السالب pn-junction و التي تقوم بتسيير الإلكترونات و الثقوب الناتجة عن الفعل الكهروضوئي.
- الواجهة المعدنيةMetal Front: تعتبر هذه الواجهة المعدنية المخرج للإلكترونات المحفزة التي انتقلت للرقاقة السالبة
- الواصل الخلفي Back contact: يستقبل هذا الواصل الإلكترونات التي تدخل الرقاقة الموجبة و من ثم تندمج مع الفجوات الموجبة
آلية عمل الخلية الكهروضوئية بشكل مبسط
- التحفيز: إن وصول الفوتون من الشمس إلى طبقة الإمتصاص بطاقة كافية يؤدي إلى تحفيز الإلكترونات و الفجوات
- الإنفصال: طاقة الفوتون الواصل قد تكون كافية لانفصال الإلكترون عن الفجوة و قد تكون كافية لكي ينتقل الإلكترون إلى الرقاقة السالبة من نوع N-type و تنتقل الفجوة إلى الرقاقة الموجبة من نوع P-type.
- بتطبيق دارة على الخلية الكهروضوئية، تغادر الإلكترونات الخلية الشمسية عن طريق الواجهة المعدنية و تعود عن طريق الواصل الخلفي لتندمج مع الفجوات الوفيرة في الرقاقة الموجبة. هذه الحركة تولد تيارا كهربائيا بعكس جهة الإلكترونات.
و بتوصيل الخلايا الكهروضوئية على التفرع و على التسلسل نحصل على الألواح الشمسية (عادة ما تكون مؤلفة من 60 خلية أو 72 خلية). إن تصميم توصيل الخلايا على التفرع أو على التسلسل و فصل الخلايا إلى مجموعات يتم لتحديد فولطية و تيار اللوحة الشمسية و التي تكون عادة مكتوبة على اللاصق خلف الخلية.
إليكم هذا الفيديو التوضيحي باللغة الإنجليزية
خلاصة
مبدأ العمل البسيط هذا مستخدم منذ عشرات السنوات في تطبيقات الفضاء و تطبيقات متخصصة أخرى، أما سبب إنتشار هذه التكنولوجيا في الآونة الأخيرة فهو وصول الشركات إلى كفاءات تحويل عالية و تخفيض سعر التصنيع لجعل الطاقة الكهربائية المولدة باستخدام هذه اللوحات تنتج بأسعار منافسة للطرق التقليدية لتوليد الكهرباء.
أتمنى أن يكون هذا المقال قد نال أعجابكم و ساعدكم على التعرف على مبدأ عمل الطاقة الشمسية فوتو فولتيك و سنكون سعيدين بقراءة أسئلتكم في التعليقات و اشتراككم بقناتنا على اليوتيوب و اشتراككم بخدمة الأخبار على الموقع ليصلكم كل جديد.
نتمنى لكم يوما مشمسا!