المقدمة
وحّدت الدول والشركات جهودها لتقليل الانبعاثات الكربونية في نشاطاتها وأعمالها بهدف دعم وتحقيق الأهداف المناخية وفقاً للتشريعات الدولية والمحلية في الدول والتزاماً بمعايير اتفاقية باريس المناخية.
وتشترك القرارات بعبارة تخفيض البصمة الكربونية، ماهي البصمة الكربونية؟ وكيف يمكن حسابها؟ وهل هي خاصة بالشركات والدول أم نمتلك نحن كأفراد بصمة كربونية ويمكننا التحكم بها؟
ليست الشركات وحدها من تتسبب بالانبعاثات الكربونية بل إن لكل شخص بصمته الكربوينة، في هذا المقال سنتعرف على معنى البصمة الكربونية والنشاطات التي تتسبب البصمة الكربونية وكيف يمكننا تقليل هذه البصمة في حياتنا اليومية.
ما هي البصمة الكربونية
ظهر مصطلح البصمة الكربونية لأول مرة في 1999 ويقصد به إجمالي غازات الدفيئة المنبعثة في الجو والناتجة عن الأنشطة والعمليات اليومية لأي كيان سواء كان فرد أو شركة أو مدينة أو بلد كامل، ولا تشتمل هذه الغازات على ثاني أكسيد الكربون «CO2» فحسب، بل على الميثان «CH₄» وأكسيد النيتروز «N2O» والغازات المفلورة ويمكن قياس حجم هذه الغازات بالطن. تتسبب هذه الغازات في تغير المناخ والاحتباس الحراري، واللذان يتسببان في آثار خطيرة على البيئة وصحة الإنسان.
لماذا يجب تقليل البصمة الكربونية؟
زيادة البصمة الكربونية والغازات الضارة بالجو ستعمل على رفع درجة حرارة الأرض ربما لأكثر من 2 درجة مئوية وهذا ما سيؤثر سلباً على المناخ ويزيد من شدة وطبيعة الظواهر الطبيعية كما نلاحظ في وقتنا الحالي، ولمنع زيادة درجة حرارة الأرض وليتعافى الكوكب من هذه الآثار يجب تخفيض البصمة الكربونية للأشخاص إذ بلغ متوسط البصمة الكربونية الحالية للفرد في العالم حوالي 4.8 طن من ثاني أكسيد الكربون وفقاً لموقع «Nature Conservancy» وللحفاظ على درجة حرارة الأرض ضمن المطلوب يجب أن لا تزيد البصمة الكربونية للفرد عن 2 طن بحلول عام 2050.
آلية تقليل البصمة الكربونية
لتقليل البصمة الكربونية للأفراد يجب اولاً معرفة النشاطات التي تتسبب بانبعاث الغازات الضارة بالجو ثم معرفة كيف يمكن أن نقلل من هذه الانبعاثات،وتقسم النشاطات الفردية التي تتسبب بانبعاثات غازية إلى:
- نشاطات تسبب الانبعاثات بشكل مباشر: مثل وسائل النقل والتطبيقات المنزلية.
- نشاطات تسبب انبعاثات بشكل غير مباشر: مثل الطعام والسلع والخدمات.
ونتعرف الآن كيف نقلل بصمتنا الكربونية الخاصة:
النشاطات المباشرة:
المنزل:
تتسبب النشاطات والتطبيقات المنزلية كذلك بما لا يقل عن 9% من الانبعاثات الكربونية في الجو وتختلف هذه الانبعاثات حسب مصدر الطاقة سواء كان غاز أو وقود أو كهرباء وقد بلغ إجمالي هذه الانبعاثات 4.5 مليار طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون في 2021 حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، إلا أنه يمكنك تقليل البصمة الكربونية في المنازل من خلال اتباع عدة خطوات بسيطة لا تؤثر على حياتك اليومية مثل:
- استخدم أجهزة كهربائية ومصابيح عالية الكفاءة تستهلك كمية أقل من الطاقة وتدوم لفترة أطول، كما يمكن فصل الأجهزة الكهربائية عند عدم الحاجة أو إطفاء الإنارة في الغرف غير المشغولة ويمكن استخدام مستشعرات وأجهزة حساسة تقوم بهذه المهام.
- اختصر فترة الاستحمام وقم بإصلاح التسريبات وركب صنابير ومراحيض منخفضة التدفق وجمع مياه الأمطار.
- اضبط درجة الحرارة في المنزل حسب فصل السنة لأن تخفيض درجة الحرارة في الشتاء ورفعها في الصيف يمكن أن يوفر الطاقة والمال. يمكنك أيضاً استخدام المراوح والنوافذ والستائر والعزل للتحكم في درجة الحرارة بطريقة طبيعية بدلاً من وسائل التكييف التي تستهلك الطاقة.
- استخدم مصادر الطاقة المتجددة مثل الأنظمة الشمسية أو أنظمة الرياح أو أنظمة الطاقة الكهرومائية، هذه المصادر تنتج الطاقة دون زيادة البصمة الكربونية.
وسائل النقل:
يعد قطاع النقل من أكثر القطاعات المصدرة لانبعاثات الكربون في العالم، إذ وصل حجم ثاني أكسيد الكربون الناتج منه 7.7 جيجاطن في 2021 حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، وللمساهمة في تقليل هذه النسبة يمكن اتباع أي أو كل الخطوات التالية:
- يمكن استخدام وسائل النقل التي تساعد في تقليل البصمة الكربونية مثل الدراجة أو وسائل النقل العام أو حتى المشي في الحالات الممكنة، كون هذه الوسائل أكثر ملائمة وصديقة للبيئة وأفضل للصحة أحياناً من استخدام الوسائل التقليدية.
- استخدم وسيلة النقل بذكاء وذلك من خلال الحرص على نفخ الإطارات وصيانة المحرك باستمرار وتجنب تشغيل المحرك بدون هدف، واحرص على التسارع والتباطؤ بسلاسة واتبع الحد الأقصى للسرعة، لأنه يمكن لهذه الممارسات أن تحسن كفاءة وترشد استهلاك الوقود بالتالي تقليل الانبعاثات.
- إذا كنت تنوي شراء سيارة جديدة اختر سيارة كهربائية أو هجينة بدلاً من سيارات الوقود فهي عديمة الانبعاثات الضارة أو أنها تصدر انبعاثات أقل كما أنها اقتصادية بسبب ندرة الحاجة لصيانتها، يمكن كذلك اختيار السيارات التي تستهلك وقوداً أقل أو تحمل تصنيفات منخفضة للانبعاثات.
- قلل من السفر بالطائرة إن أمكن ذلك لأن السفر بالطائرة واحدة من أكثر وسائل النقل التي تزيد من البصمة الكربونية، كما يمكن اختيار القطارات أو الحافلات للرحلات القصيرة. وإذا كنت مضطراً للسفر بالطائرة اختر الرحلات الجوية المباشرة وحاول أن تقلل من وزن الأمتعة.
النشاطات غير المباشرة:
الطعام:
تختلف طريقة حساب البصمة الكربونية للنشاطات المباشرة عن المباشرة، لكن يوجد بعض الطرق التي بإمكانك اتباعها لتقليل الانبعاثات ولو بشكل بسيط، فمثلاً تزيد المواشي وتربيتها ونقل الطعام وتبريده وبقاياه كذلك من انبعاثات الكربون وللمساعدة في تقليل البصمة الكربونية يمكن اتباع الخطوات التالية:
- يمكنك تناول الطعام الذي يحتوي على البروتين الحيواني بنسبة قليلة في المقابل يمكنك تناول الفواكه والخضروات والحبوب والبقوليات بشكل أكبر.
- تناول الأطعمة العضوية والمحلية في موسمها لأن نقل وتبريد الطعام يتسبب باستهلاك الوقود الأحفوري.
- اشترِ المواد الغذائية بالجملة قدر الإمكان واستخدم أكياس تسوق قابلة لإعادة الاستخدام، لأن ذلك يقلل من الحاجة لإنتاج مواد جديدة ويوفر المال.
- قلل النفايات الغذائية عن طريق التخطيط المسبق لوجبات الطعام وجمد الزائد منه واستخدمه لاحقاً، البصمة الكربونية الناتجة عن هدر الطعام في الولايات المتحدة أكبر من التي يتسبب بها مجال الطيران.
- حول النفايات الغذائية الخاصة بك إلى سماد طبيعي للنباتات لأن ذلك يقلل من انبعاثات الميثان الناتجة من مكب النفايات.
الملابس
تعد الملابس كذلك من القطاعات التي تزيد من البصمة الكربونية والتي لا يمكن إهمالها، فمثلاً صناعة ونقل وحرق الملابس يتسبب بانبعاث الغازات الضارة بالجو، ولتقليل بصمة الملابس الكربونية يمكن اتباع الخطوات التالية:
- تجنب شراء ملابس الموضة الدارجة، لأن ذلك يتطلب شراء الملابس باستمرار والتخلص من القديم منها.
- استخدم الماء البارد عند غسل الملابس الخاصة بك لأن الإنزيمات الموجودة في مسحوق الغسيل المصمم للماء البارد تعمل على تنظيفها بشكل أفضل. يمكن أن يوفر غسل حمولتين من الملابس بالماء البارد أسبوعياً بدلاً من الماء الساخن أو الدافئ حوالي 500 رطل من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
- جفف ملابسك عن طريق تعليقها بدلاً من استخدام مجفف الملابس إذ يستهلك المجفف الكثير من الطاقة الكهربائية، ويمكن أن يوفر تجفيف الملابس عن طريق التعليق 700 رطل من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
- تبرع بالملابس غير المرغوب فيها أو قم بإعادة تدويرها بدلاً من التخلص منها، كما يمكنك كذلك شراء الملابس المستعملة أو تبادل الملابس مع الأصدقاء لتمديد دورة حياة الملابس.
بالإضافة لكل ما ورد سابقاً يجب أن نلفت الانتباه إلى أهمية إعادة التدوير، فقد أصبحت عملية إعادة التدوير على نطاق واسع وتشمل تقريباً جميع مجالات الحياة، سواء ملابس أو الخشب أو حتى البطاريات.
تقليل البصمة الكربونية أصبح ضرورة ملحة للحفاظ على البيئة وهي شرط أساسي للحفاظ على صحتنا ولخلق مستقبل خالي من الانبعاثات، وأصبح بإمكان أي شخص تقديم المساعدة من خلال إجراء بعض التغييرات البسيطة في أنشطتنا اليومية دون التأثير على جانب من جوانب الحياة، ويمكن لكل فرد المساهمة في تحقيق مستقبل أكثر استدامة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة.
نتمنى لكم يوماً مشمساً..
المصادر: الجزيرة Our world in Data IEA IEA Nature Conservancy