مقدمة
يوجه العالم أجمع جهوده لرفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى استغلال كل طريقة أو مصدر يمكن من خلاله إنتاج الطاقة دون التسبب بانبعاث غازات الدفيئة التي تزيد من آثار الاحتباس الحراري.
في هذا المقال سنتعرف أكثر على طاقة الرياح البحرية وما هي فوائد وتحديات هذه الطريقة لإنتاج الطاقة.
طاقة الرياح البحرية
تُعرف طاقة الرياح البحرية بأنها الطاقة الناتجة من حركة عنفات الرياح المثبتة في المساحات المائية مثل المحيط أو الشاطئ القارّي أو في المياه العميقة. تتميز هذه الطريقة بقدرتها على توفير كمية كبيرة من الطاقة النظيفة والمتجددة للمناطق الساحلية، حيث الطلب العالي على الكهرباء ومصادر الرياح القائمة على اليابسة محدودة أو مقيدة. إلا أن هذه التقنية تواجه العديد من التحديات التقنية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب معالجتها لتمكين انتشارها على نطاق واسع.
كما تشبه عنفات الرياح البحرية من حيث المكونات الأساسية مبدئ التشغيل عنفات الرياح القائمة على اليابسة، ولكنها تحتاج بعض الميزات والمتطلبات التي تجعلها أكثر تعقيداً في التصميم والتصنيع والتثبيت والتشغيل والصيانة، وفيما يلي بعضاً منها:
– القاعدة والهيكل الفرعي: يجب أن تكون عنفات الرياح البحرية مرتبطة بقاع البحر باستخدام أنواع مختلفة من القواعد والهياكل الفرعية التي يتم اختيارها اعتماداً على عمق المياه وطبيعة التربة والأمواج وحجم العنفات. وبعض أنواع القواعد والهياكل الفرعية الشائعة هي: دعامات أحادية والهياكل الشبكية والقواعد الثلاثية والقواعد الخرسانية ومنصات عائمة. وتؤثر طبيعة القاعدة والهيكل الفرعي على التكلفة والاستقرار والمتانة والأثر البيئي لعنفات الرياح البحرية.
– الربط الكهربائي ونقل الطاقة: يجب أن يتم ربط العنفات ببعضها البعض وبالشبكة الكهربائية في البر باستخدام كابلات كهربائية يمكن أن تتحمل البيئة البحرية القاسية وتنقل كميات كبيرة من الطاقة لمسافات طويلة. يمكن أن يكون نظام الربط الكهربائي ونقل الطاقة على شكل تيار متناوب أو مستمر اعتماداً على مستوى الجهد وبعد العنفات عن اليابسة واستطاعة النظام. كما يؤثر اختيار نظام الربط الكهربائي ونقل الطاقة على التكلفة والكفاءة والموثوقية وتكامل طاقة الرياح البحرية مع الشبكة.
– التشغيل والصيانة: يجب أن يتم تشغيل وصيانة عنفات الرياح البحرية في بيئة نائية كما تتطلب عملية فحص وإصلاح عنفات الرياح البحرية مراتٍ أكثر من عنفات الرياح على اليابسة لضمان أدائها وللحفاظ على عمرها الافتراضي. ويشتمل تشغيل وصيانة عنفات الرياح البحرية على استخدام سفن ومعدات وأفراد متخصصين وتقنيات واستراتيجيات خاصة.
أهمية طاقة الرياح البحرية
تملتك طاقة الرياح البحرية العديد من الفوائد التي تجعلها خياراً مناسباً لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء النظيفة والميسورة التكلفة. وفيما يلي بعض هذه الفوائد:
– مصدر وفير ومتجدد: تعتبر طاقة الرياح البحرية مصدراً وفيراً وأكثر استقراراً من طاقة الرياح على اليابسة نظراً لأن سرعة الرياح البحرية أعلى وأقل تغيراً بسبب انخفاض خشونة السطح واستقرار الحرارة في المسطحات المائية. بالإضافة إلى أن لها معامل سعة أكبر (نسبة الإنتاج الفعلي إلى نسبة الإنتاج المتوقع).
– بصمة كربونية أقل: عدا عن أن طاقة الرياح هي مصدر عديم الانبعاث لإنتاج الطاقة إلا أنها تساعد على الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري بالتالي تخفف من آثار تغير المناخ.
– التنمية الاقتصادية: يمكن أن تخلق طاقة الرياح البحرية فرص عمل وإيرادات للمجتمعات المحلية والجهات المشاركة في تطوير وبناء وتشغيل وصيانة وسلاسل توريد مشاريع طاقة الرياح البحرية. يمكن أن تقلل أيضاً من تكلفة الكهرباء على المستهلكين من خلال توفير مصدر ثابت ومنافس قادر على التعويض المصادر متقلبة الأسعار كالوقود.
– الربط مع الشبكة: يمكن دمج طاقة الرياح البحرية مع الشبكة باستخدام البنية التحتية للتقنيات القائمة أو الجديدة التي يمكن أن تعزز موثوقية ومرونة وأمان وقوة المنظومة الكهربائية. يمكن أن تقدم طاقة الرياح البحرية خدمات أخرى للشبكة مثل تنظيم التردد وتعزيز الجهد وغيرها.
التحديات والعقبات
تواجه طاقة الرياح البحرية العديد من التحديات التي يتعين التغلب عليها. وتشمل بعض هذه التحديات ما يلي:
1. التكلفة العالية: لا تزال طاقة الرياح البحرية أكثر تكلفة من طاقة الرياح على اليابسة أو مصادر الكهرباء التقليدية الأخرى بسبب التكلفة الرأسمالية العالية وتكاليف التثبيت والتشغيل، والصيانة، والنقل والتمويل. بالتالي تقيد التكلفة العالية لهذه التقنية قدرتها على المنافسة في السوق بالتالي فهي بحاجة إلى الدعم السياسي والدعم المالي أو الحوافز.
2. العقبات التقنية: لا تزال هذه الطريقة تواجه العديد من العقبات التقنية التي تؤثر على أدائها وموثوقيتها، مثل عدم وجود تصاميم ومواد ومكونات مخصصة لعنفات الرياح البحرية، والتوافر المحدود وصعوبة الوصول إلى مواقع الرياح البحرية والبيانات المتعلقة بها، وعدم اليقين والتباين في موارد الرياح البحرية وتعقيد وضعف نظم وشبكات الرياح البحرية وصعوبة ومخاطر تشغيل وصيانة الرياح البحرية.
3. الآثار البيئية: يمكن أن تكون لطاقة الرياح البحرية تأثيرات إيجابية وسلبية على البيئة البحرية والنظام البيئي، فمثلاً من الآثار الإيجابية لها إنشاء بيئات اصطناعية وحماية المناطق الساحلية من التآكل والفيضانات. أما السلبية فتتمثل في إزعاج وتهجير الكائنات البحرية والنباتات واصطدام الطيور والخفافيش ووفاتها والضوضاء والاهتزاز وتأثيرها على الثدييات البحرية والتداخل الكهرومغناطيسي وتأثيرات المناظر البصرية على المجتمعات الساحلية.
4. القبول الاجتماعي: يمكن أن تواجه هذه التقنية بعض الرفض الاجتماعي من مختلف أصحاب المصالح مثل السكان المحليين والصيادين ومرتادي القوارب والسياح والبيئيين والجهات التنظيمية وصناع القرار، الذين قد يكون لديهم تصورات وتفضيلات وتوقعات واهتمامات مختلفة تجاه مشاريع طاقة الرياح البحرية.
إن طاقة الرياح البحرية تقنية واعدة يمكنها تغطية احتياج واسع للكهرباء من مصادر نظيفة ومتجددة للمناطق الساحلية، كما أنها تساعد في عملية الانتقال نحو مستقبل مستدام وتقلل الانبعاثات، بالإضافة إلى العديد من الفوائد التي تعزز من أهميتها إلا أنها ما زالت تواجه العديد من التحديات مثل، التكلفة العالية والعقبات التقنية والتأثيرات البيئية وقبول المجتمع.
وللتغلب على هذه التحديات وتمكين انتشارها ودمجها على نطاق واسع، يجب إجراء المزيد من البحث والتطوير والابتكار والتعاون والتواصل بين أصحاب المصلحة المختلفين وزيادة الوعي والمعرفة بفوائدها وتأثيراتها ومشاركة أصحاب المصلحة في التخطيط واتخاذ القرارات المتعلقة بطاقة الرياح البحرية وتوزيع وتعويض التكاليف والفوائد بين أصحاب المصلحة والثقة والتواصل بينهم.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم نهارًا مشمسًا..
المصادر: ENERGY EFFICIENCY & RENEWABLE ENERGY of USA 1,2 Global Risk Intel