الفهرس
مقدمة
يشكل الطوب الإسمنتي أحد المواد الأكثر استخداماً في العالم والتي تؤثر سلباً على البيئة بشكل كبير أيضاً، لأن إنتاج الأسمنت وهو المكون الرئيسي في الطوب يتسبب بانبعاث حوالي 8% من ثاني أكسيد الكربون في العالم، ومع ذلك فإنه ليس متيناً كفاية ويتطلب صيانة واستبدالاً متكرراً مما يزيد من ضررها على البيئة.
تعمل الشركات والباحثون على إيجاد طرق جديدة لجعل الطوب أكثر استدامة وأقل ضرراً على البيئة، فقد أعلنت عدة شركات مؤخراً قيامها بعمليات لاستخدام ثاني أكسيد الكربون الناتج عن المصادر الصناعية والمدن والمباني في صناعته.
سنتعرف في هذا المقال كيف يمكن تحقيق ذلك وما هي فوائد هذه العملية والتحديات والمعيقات التي تقف أمام تطبيقها.
كيف تصنع طوب إسمنتي يمتص غاز ثاني أوكسيد الكربون؟
بداية يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصدر توليده مثل محطة لتوليد الطاقة أو المباني أو مصنع ينبعث منه كميات كبيرة من الغاز، يتم بعد ذلك ضغطه ووضعه في خلاط تصنيع الطوب واستخدامه مع بقايا نفايات بعض المعادن والتي تحل محل الأسمنت كعامل ربط، أما ثاني أكسيد الكربون فيستخدم كعامل معالجة بدلاً من الطريقة التقليدية وهي استخدام الماء، لكن استخدام الماء يترك فراغات وتشققات في المادة تُقلِّل من قوتها ومتانتها، و ثاني أوكسيد الكربون يملأ هذه الفجوات بكربونات صلبة تتفاعل مع الأسمنت وتزيد من كثافة وقوة الطوب.
بعد ذلك تتفاعل بقايا نفايات المعادن مع ثاني أوكسيد الكربون وتتشكل الكربونات التي تعمل كغراء للمواد المجمعة الأخرى مثل الرمل في الطوب.
يمكن صب المزيج الناتج في قوالب أو آلات لإنتاج أشكال وأحجام مختلفة من كتل الطوب أو ألواح الطوب ويمكن استخدام هذه المنتجات لأغراض البناء أو التعبيد، وتستغرق هذه العملية كلها أقل من ساعة ولا تحتاج إلى تسخين أو مواد كيميائية إضافية.
ما هي فوائد هذا الطوب؟
توجد هذه الأفكار والتطبيقات عادة بهدف الحفاظ على البيئة أو لتقليل آثار الغازات الضارة بالجو لكن ما فائدة الطوب الذي يسحب ثاني أكسيد الكربون في الجو؟
- تعد الفائدة الرئيسية والأهم لاستخدام ثاني أكسيد الكربون في إنتاج الطوب هي تقليل الانبعاثات الكربونية المرتبطة بإنتاج النوع التقليدي منها، ووفقاً لبعض التقديرات يمكن أن يمنع كل طن من هذا الطوب انبعاث حتى 0.7 طن من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالطوب الإسمنتي التقليدي، وهذا يعني أن هذه الطريقة لا تمنع انبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي فحسب، بل تقوم بتخزينه بشكل دائم على هيئة صلبة.
- طوب ثاني أوكسيد الكربون أكثر متانة ومرونة من الطوب الذي يستخدم الماء، فهو يتمتع بمقاومة عالية للضغط وامتصاص أقل، ومقاومة أفضل لدورات التجمد والذوبان والتلف الناتج عن الملوحة بالإضافة إلى أن عمره أطول. هذا يعني أنه يمكن أن يقلل من الحاجة إلى الصيانة واستبدال الهياكل الخرسانية مما يساهم في توفير الطاقة والموارد.
- يستخدم هذا النوع من الطوب نفايات الصناعات الأخرى مثل الركام الناتج عن إنتاج الفولاذ والرماد المتطاير من احتراق الفحم، والتي عادة ما يتم التخلص منها في مدافن القمامة أو في مكان حيث يمكن أن تتسرب هذه المواد الضارة إلى البيئة.
ما هي التحديات؟
على الرغم من فوائد هذه التقنية الواعدة، لا يزال طوب ثاني أوكسيد الكربون يواجه بعض التحديات قبل أن يتم اعتماده على نطاق واسع وهي:
- توافر وتكلفة تقنية امتصاص ثاني أكسيد الكربون، لأن امتصاص ثاني أكسيد الكربون من المصادر الصناعية حالياً عملية مكلفة وتتطلب كميات كبيرة من الطاقة، مما يحد من قابلية استخدام وتوسيع الاستخدام ويمكن التغلب هلى هذه المشكلة بزيادة البحث والتطوير المتعلق بتحسين أساليب امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتقليل تكاليفها.
- قبول السوق للطوب ثاني أوكسيد الكربون نظراً لأن هذه التقنية جديدة نسبياً ومختلفة عن الطوب التقليدي، فقد يواجه بعض التشكيك والرفض من المستهلكين والبنائين والمهندسين والجهات التنظيمية. قد يكون هناك قلق بشأن جودة وسلامة وأداء وشهادة منتجات الطوب ثاني أكسيد الكربون، بالتالي يجب توفير المزيد من التثقيف والوعي والاختبار والتوحيد للتعامل مع هذه المسائل.
بعض الشركات التي طبقت هذه التقنية:
حسب ما أفادت «رويترز – Reuters» فقد سلمت شركة «هيرلوم كاربون تكنولوجيز – Heirloom Carbon Technologies» حوالي 30 كجم من ثاني أكسيد الكربون وهذا يعادل انبعاثات الناتجة من القيادة لمسافة 120 كم في السيارة والذي تم جمعه من الهواء حول مقرها الرئيسي في سان فرانسيسكو إلى شركة «سنترال كونكريت – Central Concrete» والتي قامت بدمج الغاز في عملية صناعة الطوب.
قامت شركة «جلينود ماسين سابلاي – Glenwood Mason Supply» بتركيب أنظمة لسحب ثاني أكسيد الكربون الناتج من 30 مبنى تابع لها في نيوجرسي هذا العام وتحويله للحالة السائلة واستخدامه في صناعة الطوب، هذه الطريقة تقوم بسحب 60% من ثاني اكسيد الكربون الناتج عن المراجل.
طوب ثاني أوكسيد الكربون هو طريقة مبتكرة لجعل الطوب أكثر استدامة، من خلال استخدام ثاني أكسيد الكربون الناتج عن المصادر الصناعية وإدخاله في صناعة الطوب كعامل للتصلب بالتالي يمكن تقليل انبعاثات الكربون المرتبطة بإنتاج الأسمنت وتخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم على شكل صلب داخل الطوب، كما يمكن لهذه الطريقة تحسين قوة ومتانة الطوب وفي نفس الوقت التخلص من النفايات المواد الصناعية الأخرى، لكن هذه التقنية ما زالت تواجه بعض التحديات مثل التوافر وتكلفة تقنية امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وقبول السوق إلا إنه يمكن حل هذه التحديات مستقبلاً من خلال المزيد من البحث والتطوير وقد تستخدم هذه التقنية في جمع ثاني أكسيد الكربون على نطاقات أوسع واستخدامه في عمليات البناء أيضاً بكميات أكبر.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد عن الطاقة المتجددة..
نتمنى لكم نهارًا مشمسًا..
المصادر: Reuters The New York Times Eskom Western Cape