المقدمة
هل سمعت من قبل بمفهوم المحطات الشمسية العائمة؟
نسمع جميعاً بشكلٍ شبه دائم عن محطاتٍ شمسيةٍ كهروضوئيةٍ تُثبّت على أسطح المباني، أو على الأرض في الحقول والمساحات الواسعة، ولكن ماذا إن لم يكن السقف مناسباً لتلك الألواح؟ أو أن تضاريس هذه الأرض وعرة بشكل كبير لا تسمح أبداً بوضع قواعد وتثبيت الألواح، فما الحل؟
الحل يكون في: «المحطات الشمسية العائمة – Floating PV System»!
ماذا نعني بالمحطات الشمسية العائمة؟
تُعتبر المحطات الشمسية العائمة أحد الحلول التقنية المبتكرة حديثاً. إذ يتم وضع أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية مباشرةً على المسطحات المائية بعد أن تُثبت الألواح الشمسية بهيكلٍ طافٍ يبقيها فوق سطح الماء.
قد تكون المسطحات المائية طبيعية كأسطح البحيرات أو أحواض المياه، لأن مياهها هي أهدأ من مياه المحيطات والبحار. يتم تركيب الألواح على هياكل عائمة مُصنّعة من موادٍ مقاومة للصدأ، ومصممة لتكون قادرةً على الطفو مثل البولي إيثيلين الذي يستطيع تحمل مثلي وزنه ونصف.
نمو المحطات الشمسية العائمة وتطورها عبر الزمن
تم تسجيل أول براءة اختراع لهذا النوع من المحطات في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، تم تركيب محطات شمسية عائمة في العديد من البلدان، كالصين، وتونس، واليابان، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة أيضاً.
تظهر الصورة أدناه استطاعة المحطات العائمة التي تم تركيبها في الصين، اليابان، الهند، كوريا الجنوبية، أمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية وغيرها بين عامي 2016 و2018، إضافة إلى تنبّؤاتٍ بالاستطاعات التي كان من المفترض تركيبها حتى عام 2022.
وفقاً للصورة التي نشرها «المخبر الوطني للطاقة المتجددة – NREL» يظهر أن الصين تحتل المرتبة الأولى عالمياً في المحطات الشمسية العائمة، إذ بلغت محفظتها 292 ميجاواط في عام 2018، مع تنبؤاتٍ بالوصول إلى 485 ميجاواط في عام 2022.
مزايا المحطات الشمسية العائمة
تمتلك المحطات الشمسية العائمة العديد من المزايا مقارنةً بالمحطات التقليدية. ولكن هناك قيودٌ تجعلها غير صالحة للتثبيت في مناطق معينة. نذكر هنا من مزايا المحطات الشمسية العائمة:
التوفير في المساحة
تتميز المحطات الشمسية العائمة بأنها توفّر في المساحة، الأمر الذي يسمح لمالكي الأراضي من الاستفادة منها واستخدامها بطرق أخرى. إذ يمكن لهذه المحطات أن تشغل مساحةً غير مستخدمة في المسطحات المائية مثل الخزانات والسدود وبرك معالجة مياه الصرف الصحي أو خزانات مياه الشرب.
أداء أعلى للألواح الشمسية
إن ارتفاع درجة حرارة الألواح يؤدي إلى انخفاض أدائها، ولكن وجود المسطحات المائية ستساعد على تبريد المعدات الشمسية مما يعني أن الألواح ستنتج كهرباء بكفاءةٍ أعلى مقارنةً مع الألواح المثبتة على الأسطح أو على الأرض.
إمكانية تركيبها في محطات الطاقة الحالية
تحتوي سدود الطاقة الكهرومائية على بحيراتٍ قريبةٍ منها لاحتواء المياه الزائدة، يمكن تركيب الألواح على هذه البحيرات ومن ثم نقل الكهرباء مباشرة إلى الشبكة. يسمح هذا النظام الهجين من إنتاج المزيد من الطاقة بأقل قدرٍ من التقنيات الحديثة.
فوائد بيئية
يقلل تركيب الألواح الشمسية فوق المسطحات المائية من الحاجة إلى إزالة الأشجار والغابات، وهو ما تتم ممارسته عند تركيب الألواح الشمسية الكبيرة وتثبيتها على الأرض.
إضافة إلى أن هيكل الألواح الشمسية العائمة سيشكّل ظلاً فوق سطح الماء مساهماً في تقليل التبخر من هذه البرك والبحيرات مما يفيد بشكلٍ خاص في المناطق المعرضة للجفاف، إذ من الممكن أن يتفاقم فقدان المياه بسبب التبخر بمرور الوقت. كما ويساعد الظل الذي توفره الألواح الشمسية العائمة في تقليل تكاثر الطحالب في المياه العذبة والتي يمكن أن تشكل خطراً على صحة الإنسان إذا تكاثرت في مصدر لمياه الشرب.
مساوئ المحطات الشمسية العائمة
التكاليف العالية
تتطلب عملية تثبيت الأنظمة الشمسية العائمة تكاليفاً إضافية أكثر من الأنواع التقليدية لأنها تتطلب معدات متخصصة.
اضطراب الحياة المائية
إن تركيب الألواح الشمسية على سطح الماء يمنع ضوء الشمس من الوصول إلى سطح الماء، وبالتالي يحد من حياة الكائنات داخل المياه. لذلك يوصى بتثبيت هذه الألواح على مسطحات مائية من صنع الإنسان لعدم إلحاق الضرر بالكائنات الحية التي تتواجد في المسطحات المائية الطبيعية.
تطبيقات محدودة
لا تعمل هذه التقنية مع أي شخص، لأن منشآت الطاقة الشمسية العائمة واسعة النطاق وتوفر الكهرباء للمجتمعات الكبيرة أو لشركات المرافق. وإذا أراد شخصٌ ما تركيب منظومة شمسية فإن الخيار الأمثل هو تثبيتها على السطح أو على الأرض.
محطات شمسية عائمة حول العالم
المحطة الشمسية العائمة في البحيرة 3
تقع أول محطةٍ شمسيةٍ عائمةٍ على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا في تونس، وتمتد على مساحة قدرها 2500 متر مربع. تُقدّر استطاعتها المركزة بـ200 كيلوواط ذروة، في حين أن قرتها الإنتاجية تصل حتى 265 ميجاواط ساعة سنوياً.
المحطة العائمة في المغرب
تقع في مدينة سيدي سليمان شمال شرق العاصمة الرباط. وتعد هذه المحطة الأولى من نوعها في المغرب وتبلغ استطاعتها 360 كيلوواط. كما أنها ستساهم في توليد 644 ميجاواط ساعة من الطاقة الكهرباءية سنوياً.
مشروع «سايمينجيوم – Saemangeum»
يقع في كوريا الجنوبية عند مصبات الأنهار على ساحل البحر الأصفر، ويُصنّف على أنه أكبر محطةِ طاقةٍ شمسيةٍ عائمةٍ في العالم. تبلغ استطاعة المشروع 2.1 جيجاواط مع احتمالية زيادته حتى 3 جيجاواط مستقبلاً. كما من المتوقع أن يولد المشروع كهرباء تكفي لتلبية احتياجات مليون منزل.
مزرعة «أمكاريشوار – Omkareshwar»
تقع على سد أمكاريشوار في الهند، وتمتد على مساحةٍ قدرها 2000 هكتار. تبلغ الاستطاعة الإجمالية لمزرعة أمكاريشوار حوالي 600 ميجاواط.
خلاصة
إن الألواح الشمسية العائمة هي مصدرٌ للكهرباء النظيفة والمتجددة، كما أنها تساهم في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وغيرها من الملوثات في الغلاف الجوي. وهو ما يترك تأثيراً إيجابياً على البيئة وصحة الإنسان. ولكن على الجانب الآخر فهي لا تصلح لجميع التطبيقات، وقد تُعتَبَر تكاليف تركيبها باهظةً إلى حدٍ ما.