الفهرس
مقدمة
تعرفنا في المقال السابق على السندات الخضراء وكيف يمكنها أن تساهم في عملية إدارة الموارد وتقليل النفايات، واستخدام الطاقة والموارد بكفاءة عالية جدا. هل تشجع السندات الخضراء وحدها على الاقتصاد في استخدام المواد وتقليل الانبعاثات الناتجة عن عمليات التصنيع؟ فهل يمكننا أن نعيش بشكل أفضل دون أن نضر بالبيئة والمجتمع؟ هل يمكننا أن نحقق النمو الاقتصادي دون أن نستنزف الموارد الطبيعية؟
تقود هذه الأسئلة إلى إجابة واحدة وهي «الاقتصاد الدائري – Circular Economy»، فما هو الاقتصاد الدائري ما هي الشروط والمتطلبات لتطبيقه وما أهميته وما هو موقف «الكوب 28 – COP 28» من الاقتصاد الدائري؟
ما هو الاقتصاد الدائري؟
يمكن تعريف الاقتصاد الدائري باختصار على أنه الاقتصاد الذي يهدف إلى ترشيد استهلاك المواد والموارد وإعادة تدويرها، واستخدامها بكفاءة وبطرق صديقة للبيئة للتقليل من الانبعاثات الكربونية.
كما عرّف البرلمان الأوروبي الاقتصاد الدائري بأنه نهج لصناعة واستخدام الأشياء بطريقة تهدف إلى تقليل الفاقد والحفاظ على الموارد، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالمواد والمنتجات واستخدامها لأطول فترة ممكنة من خلال مشاركتها وتأجيرها وإعادة استخدامها وإصلاحها وتجديدها وإعادة تدويرها. عندما يصل منتج ما إلى نهاية عمره، يتم إعادة تدوير مواده واستخدامها في منتجات جديدة.
عندما يتم إعادة تدوير منتج، يمكن استخدام مواده مرة أخرى ومرة أخرى لخلق قيمة إضافية، وهذا يختلف عن الاقتصاد التقليدي الخطي، الذي يعتمد على نمط الأخذ-الصنع-الاستهلاك-التخلص. كما أنه يعتمد على استخدام كميات كبيرة من المواد الرخيصة والمتاحة بسهولة بالإضافة إلى استهلاك الطاقة.
ويشجع هذا الاقتصاد أيضاً على تصميم منتجات فترة عمرها قصيرة لجعل المستهلكين يشترونها مرة أخرى.
يستند الاقتصاد الدائري إلى ثلاث مبادئ أساسية وهي:
- استخدام المواد الخام بشكل أقل.
- فاقد ونفايات ومخلفات أقل.
- تقليل الانبعاثات الضارة.
أما بالنسبة لمجالاته فهي:
التوريد المستدام: تطوير وتنفيذ سياسة عمليات الشراء المسؤولة.
التصميم البيئي: عملية تقليل التأثيرات البيئية للمنتج أو الخدمة على مدار حياتها.
البيئة الصناعية: البحث عن تآزر صناعي بيئي على مستوى الأعمال بحيث يمكن أن تشكل مخلفات إحدى الشركات مصادر للموارد لأخرى.
اقتصاد وظيفي: اقتصاد تعاوني يفضل الاستخدام على الاستحواذ، وبالتالي يميل إلى بيع الخدمات المتعلقة بالمنتجات بدلاً من المنتجات نفسها.
الاستهلاك المسؤول: استهلاك منطقي واختيار المنتجات وفقاً للمعايير الاجتماعية والبيئية.
زيادة مدة الاستخدام: من خلال الإصلاح وإعادة الاستخدام وإعادة التوجيه.
إعادة التدوير: معالجة واسترداد المواد الموجودة في النفايات والمخلفات.
وبفضل انتقاله إلى الطاقة والمواد المتجددة، يعتبر الاقتصاد الدائري نظاماً قوياً يعود بالفائدة على الأعمال والأفراد والبيئة.
كما يشكل بديلاً للاقتصاد الخطي التقليدي، حيث يتم استهلاك المواد الطبيعية وتصنيعها ثم التخلص منها على شكل مخلفات، والتي بدورها تستنزف الموارد الطبيعية المحدودة وتنتج كميات هائلة من النفايات.
ما أهمية الاقتصاد الدائري؟
- حماية البيئة، فهو يقلل من الانبعاثات التي تزيد من آثار تغير المناخ، ويقلل من استهلاك الموارد الطبيعية، ويقلل من إنتاج النفايات وفقدان التنوع البيولوجي.
- يعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي: من خلال التشجيع على إنتاج النماذج القائمة على إعادة استخدام الفاقد المحلي كمواد خام.
- يعزز نمو التوظيف: يحفز تطوير نموذج صناعي جديد أكثر ابتكاراً وتنافسية، ويعزز النمو الاقتصادي، ويزيد من فرص العمل.
- يعزز استقلالية الموارد: إذ أن إعادة استخدام الموارد المحلية يمكن أن يقلل من الاعتماد على المواد الخام المستوردة.
- يعزز من الرفاهية الاجتماعية والعدالة من خلال تحسين الوصول إلى السلع والخدمات.
- يعيد ترميم رأس المال الطبيعي.
التحديات التي تواجهه وكيفية التغلب عليها
يواجه كل تفكير جديد أو تقنية جديدة عادة بعض التحديات والمعيقات التي تقف أمام انتشارها، بالنسبة للاقتصاد الدائري فهي:
- التحدي الثقافي والوعي: لنشر الاقتصاد الدائري في البداية يجب نشر الوعي بين الأفراد والمؤسسات والجهات المعنية بهذا الجانب.
- الجاهزية والبنية التحتية: يحتاج هذا النوع من الاقتصاد إلى تقنيات وبنية تحتية معينة تساعد في عملية الإنتقال إليه.
- التحدي الاقتصادي والمالي: يجب على الحكومات والشركات التعاون وضخ المزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
كيف يمكن تطبيقه؟
إليك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها لتحويل الاقتصاد إلى دائري:
- تكييف نماذج الأعمال لتصبح دائرية: وذلك لا تقتصر على بيع المنتجات فقط، بل تقديم خدمات أو حلول من شأنها إعادة استخدام المواد وإعادة تدويرها حتى نهاية عمرها.
- تصميم منتجاتك لتحقيق العملية الدائرية مثل المواد التي يمكن إصلاحها أو إعادة استخدامها أو إعادة تدويرها بسهولة.
- تعاون جميع الأطراف خلال دورة حياة المنتج، مثل صاحب المنتج والموردين والعملاء والشركاء لإنشاء سلاسل توريد دائرية.
- إدارة استخدام المنتج في نهاية عمره، بحيث تتحمل الجهة التي قامت بإنتاجها أول مرة مسؤولية ما يحدث لها بعد استخدامها من قبل العميل. يمكن جمعه مرة أخرى وتجديده، أو إعادة صناعته لشيء آخر وجديد.
ما علاقة الاقتصاد الدائري بـ«مؤتمر الأطراف 28 –COP 28 »؟
ينعقد مؤتمر الأطراف بشكل سنوي بحضور الأطراف الموقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بهدف تقييم التقدم المحرز في اتفاقية باريس للتغير المناخي.
ينعقد هذا العام المؤتمر في دبي، الإمارات العربية المتحدة،و كالعادة ستتم مناقشة الممارسات التي تساهم في الحد من آثار المناخ، والتي في نفس الوقت تهدف إلى تحقيق الاقتصاد الدائري.
أهم هذه النقاط المشتركة:
- خفض الطلب على الموارد الطبيعية: يعتمد الاقتصاد الدائري على إطالة عمر المنتجات وإعادة تدوير المواد، مما يساعد على خفض الطلب على الموارد الطبيعية.
- تقليل النفايات: يساعد الاقتصاد الدائري في تقليل النفايات، مما يقلل من كمية غازات الاحتباس الحراري التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي عند دفن النفايات أو حرقها.
- تعزيز كفاءة الطاقة: فهو يساعد في تعزيز كفاءة الطاقة، مما يقلل من كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن توليد الطاقة.
بالتالي، فإن الاقتصاد الدائري يخدم ويتوافق من أهم القضايا التي تشغل بالنا في الوقت الحاضر، متمثلة بآثار التغير المناخي التي أصبحنا نرى الكثير من توابعها تؤثر على حياتنا ويتسبب بالكوارث الطبيعية التي نشهدها.
يمكن تطبيقه في الأعمال القائمة أو المنوي إقامتها باتباع عدد من الخطوات التي تسهُل بتعاون العديد من الأطراف وإشراكهم في عملية التحول.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة …
المصادر: Repsol, World Economic Forum, Solarimpulse Foundation, Worldfavor