سولارابيك – بيروت، لبنان – 3 سبتمبر 2023: نقوم في هذا المقال التحليلي بمراجعة السوق اللبناني للطاقة الشمسية الموزعة في العام الماضي ومناقشة التأثير المحتمل فيما يخص الإعفاءات الضريبية للطاقة الشمسية التي تم إقرارها في الأسبوع الماضي.
برز السوق اللبناني في السنوات الثلاث الماضية كأحد أهم أسواق الطاقة الشمسية الموزعة في المنطقة العربية، ونقصد بسوق الطاقة الشمسية الموزعة “Distributed Generation Market” قطاع المحطات الشمسية الكهروضوئية الصغيرة والمتوسطة التي لا يتم بناؤها بهدف تصدير كامل إنتاجها للشبكة الكهربائية وإنما لتلبية الاحتياجات المحلية كالمنازل والمدارس والمصانع، وذلك بخلاف محطات الطاقة الشمسية العملاقة في مصر والإمارات والمغرب على مستوى المرافق الخدمية.
ولا يأتي تركيز الشركات المصنعة العالمية على السوق اللبناني عن عبث، فقد بلغت قدرة المحطات الشمسية المركبة في العام 2022، أكثر من 660 ميجاواط بحسب تصريحات بيير الخوري، المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة في لقاء سابق معه. ويضع هذا النمو الاستثنائي لبنان في طليعة الأسواق الاقليمية بالنسبة لسوق الطاقة الشمسية الموزعة سارقاً الأضواء من بلاد متقدمة في هذا المجال في منطقتنا مثل مصر والأردن.
“أصبح اللوح الشمسي كالتلفاز و طبق الأقمار الصناعية في البيوت اللبنانية”
أصبح اللوح الشمسي كالتلفاز وطبق الأقمار الصناعية في البيوت اللبنانية بشكل حرفي، أي إن كل من لديه القدرة المالية على شرائها والمساحة الكافية على سطح المنزل لتركيبها قد قام بذلك لأنه ليس هنالك أي تحسن أو أي أمل في عودة الحياة في عروق شبكة الكهرباء العامة على المدى المنظور على الأقل. ولكن هل سيستمر السوق اللبناني بالنمو المتسارع أم سيتراجع حجم هذا السوق في هذه السنة؟
يتوقع الخبراء انخفاض النمو في السوق اللبناني في السنوات القادمة ابتداء من هذا العام، ويتفق معظمهم على أننا لن نرى نمواً مثل السنة السابقة تقريباً وذلك بسبب امتلاء الأسطح أو فراغ الجيوب. فالاماكن على أسطح المباني محدودة وتتنافس على مساحاتها أطباق الأقمار الصناعية وأنظمة تسخين الماء الشمسية والألواح الشمسية الكهروضوئية ومساحات تجفيف الفليفلة للمكدوس ومناشر الغسيل وغيرها. كما أن معظم المقتدرين مادياً قاموا بالتركيب بالفعل، ويبقى السؤال: هل سيستطيع الآخرون؟ لحسن الحظ، وعلى ما يبدو فإن هنالك بوادر إيجابية.
لقد نشرنا في خبر سابق على سولارابيك بأن جمعية الصناعيين اللبنانيين أعلنت أن الحكومة طبقت أحكام المادة 72 الوارد في القرار 640/من قانون الموازنة العامة للعام 2022 والذي يقضي بإعفاء الأجهزة والمعدات التي تعمل على الطاقة الشمسية من الضريبة على القيمة المضافة ومن الرسوم الجمركية بما فيها الرسم المقطوع الـ 3%. فما هو الأثر المتوقع من هذا القرار حين دخوله حيز التنفيذ؟ وهل يعتبر هذا النوع من الإعفاءات مفيداً؟
نعم، الإعفاءات الضريبية على المعدات الشمسية، مثل الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية، يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز ونمو قطاع الطاقة الشمسية في البلاد. وإليك كيف:
كيف تساهم الإعفاءات الضريبية في تعزيز نمو قطاع الطاقة الشمسية في لبنان؟
تقليل التكاليف
إزالة الضرائب والرسوم تقلل مباشرة من تكلفة استيراد وشراء المعدات الشمسية مثل الألواح الكهروضوئية والعواكس والتي يتم استيراد معظمها من الصين. وهذا يجعل تركيبات الطاقة الشمسية أكثر قابلية للشراء للأعمال والمستهلكين.
زيادة الاستثمارات
لعل التكاليف المنخفضة ستجذب المزيد من المستثمرين المحليين إلى قطاع الطاقة الشمسية أو أن تجعل المستثمرين العالميين يدخلون السوق اللبناني. مع انخفاض الاستثمار الأولي المطلوب، ربما يصبح عائد الاستثمار أكثر جاذبية، مما يؤدي إلى المزيد من المشروعات والتطورات في قطاع الطاقة الشمسية. يجب أن لا ننسى أن فترة استرداد الاستثمار للأنظمة الشمسية الكهروضوئية بعد رفع الدعم عن الكهرباء لا تتجاوز السنتين مما يجعل هذه الاستثمارات من الأكثر نجاحاً عالمياً.
التنافسية
يمكن أن تجعل الإعفاءات الضريبية الطاقة الشمسية أكثر تنافسية مقارنةً بأشكال أخرى من الطاقة. عندما تقل التكاليف المرتبطة بتركيبات الطاقة الشمسية، يصبح سعر الكيلوواط في الساعة من الطاقة الشمسية أكثر تنافسية مقارنةً بمصادر الطاقة التقليدية، وبالذات مع ارتفاع وتذبذب سعر وقلة توفر الوقود للمولدات.
إنشاء فرص عمل محلية
مع نمو قطاع الطاقة الشمسية، هناك إمكانية لزيادة إنشاء فرص العمل في مجالات مثل التركيب، والصيانة، والمبيعات، والبحث والتطوير.
التقدم التقني
قد يؤدي نمو قطاع الطاقة الشمسية المزدهر إلى توليد المزيد من الخبرة المحلية والبحث والتطوير في البلاد، مما يؤدي إلى التقدم التقني والابتكارات في تقنيات الطاقة الشمسية. وبالفعل هنالك محاولات لتصنيع وتجميع بعض المكونات المحلية مثل العواكس الشمسية والتي ستستفيد من الإعفاءات في استيراد مكونات أرخص وبالتالي ستستفيد في التقليل من تكلفة الإنتاج.
إشارة السوق
ترسل الإعفاءات الضريبية إشارة قوية إلى السوق بأن الحكومة تدعم الطاقة المتجددة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الثقة بين أصحاب المصلحة، بما في ذلك المطورون، والممولون، والمستهلكون.
خلاصة
ومع ذلك، بينما توفر الإعفاءات الضريبية دفعة كبيرة، فهي مجرد جزء من استراتيجية شاملة لتعزيز الطاقة الشمسية تعمل الحكومة اللبنانية بمساعدة الجهات المختصة وعلى رأسها المركز اللبناني لحفظ الطاقة على تطويرها. تلعب عوامل أخرى، مثل بنية الشبكة، والأطُر التنظيمية، وحملات التوعية العامة، وآليات التمويل، وضوابط الجودة، أدوارًا حاسمة أيضًا في نجاح نمو قطاع الطاقة الشمسية.
بالنسبة لبلد مثل لبنان، الذي واجه أزمات طاقة ويحتاج إلى تنويع مصادر طاقته، فإن تشجيع قطاع الطاقة الشمسية خطوة استراتيجية. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الإعفاءات الضريبية ستعتمد أيضًا على السياق الاقتصادي والسياسي والبنيوي للبلاد. ولكن ما يمكن أن نتفق عليه هو أن أثر هذه الإعفاءات سيكون ايجابياً وسبباً لجذب المزيد من الاهتمام من المصنعين والمستثمرين لهذا السوق الواعد والبلد الجميل.
تابعونا على لينكيد إن Linked–in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة…
نتمنى لكم يوماً مشمساً..
المصدر: سولارابيك