في عالم مليء بالتحديات البيئية والاقتصادية، تبرز صناعة الطاقة النظيفة كحل يعتمد عليه لتلبية احتياجاتنا المستدامة في المستقبل، ومع دخولنا عام 2024، يبدو أن هذا القطاع يشهد تحولات ملحوظة وتوجهات جديدة تستحق الاهتمام والتحليل. من التقنيات الجديدة إلى التشريعات المبتكرة، تتوقع الصناعة تطورات مثيرة خلال العام القادم.
في هذا المقال، نستكشف أبرز 10 توجهات في قطاع الطاقة النظيفة لعام 2024، وفقاً لتقريرٍ صادر عن شركة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس “S&P Global Commodity Insights” الرائدة عالمياً في تقديم البيانات والمعلومات والتحليلات والأسعار المرجعية للسلع وأسواق الطاقة.
فيما يلي نسلط الضوء على أبرز 10 توجهات في قطاع الطاقة النظيفة لعام 2024
- من المتوقع أن تصل استثمارات تقنيات الطاقة النظيفة إلى ما يقارب 800 مليار دولار في عام 2024 وتريليون دولار بحلول عام 2030.
توقعت شركة S&P Global Commodity Insights أن تبلغ الاستثمارات في تقنيات الطاقة النظيفة حوالي 800 مليار دولار في عام 2024، وإذا تحققت هذه التوقعات، فستكون هذه الزيادة بنسبة تتراوح بين 10% إلى 20% من مستويات الإنفاق في عام 2023.
ومما يستحق ذكره أن الطاقة الشمسية ستتمتع بالحصة الأكبر من الإنفاق الإضافي وستمثل حوالي 55% من إجمالي الاستثمارات. في حين أن طاقة الرياح البرية ستكون ثاني أكبر قطاع من حيث الاستثمار الكلي، لكنها ستنمو بوتيرة أبطأ.
وستكون مجالات النمو الأسرع للاستثمارات الجديدة هي تخزين الطاقة بالبطاريات والتحليل الكهربائي.
- من المتوقع أن تنخفض التكاليف العامة لتقنيات الطاقة النظيفة بمقدار يصل إلى 15%-20% بحلول عام 2030.
على الرغم من ارتفاع تكاليف طاقة الرياح البحرية والهيدروجين، إلا أن زيادة العرض وانخفاض أسعار المواد الخام سيضمنان استمرار انخفاض التكلفة العامة لتكنولوجيا الطاقة النظيفة في عام 2024.
إذ أن الجمع بين زيادة العرض وانخفاض أسعار المواد الخام يؤدي إلى خفض تكاليف الطاقة الشمسية والبطاريات بسرعة من أعلى مستوياتها في عام 2022. فقد انخفضت التكاليف بشكل كبير في عام 2023 وستنخفض في عام 2024 إلى مستويات أقل بكثير من عام 2020.
وأما عن التقنيات الناشئة مثل الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون وتخزينه فقد شهدت أكبر زيادات في التكلفة خلال السنتين الماضيتين، ولكنها تمثل حصة صغيرة جدًا من إجمالي استثمارات تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
- تعد عملية إزالة الكربون أمراً جوهرياً في منتجات واستراتيجيات مصنعي تكنولوجيا الطاقة النظيفة
واجهت صناعة الطاقة المتجددة في الماضي انتقاداتٍ كثيرة بسبب بيع مكونات لتوليد كهرباء منخفضة الكربون دون التركيز على خفض البصمة الكربونية للأجزاء الأكثر استهلاكًا للطاقة خلال عملية تصنيع المكونات. ولكن في الوقت الحالي فقد تبنت صناعة الطاقة المتجددة نهجاً جديداً إذ تعمل الشركات المصنعة لتقنيات ا الطاقة النظيفة على تطوير استراتيجياتها لخفض الانبعاثات الكربونية في منتجاتها. كما أنها وضعت خططاً طموحة لإزالة الكربون من عملياتها قبل عام 2030.
تدور فرص إزالة الكربون حول مجالين رئيسيين:
- استخدام موارد الكهرباء منخفضة الكربون مثل محطات الطاقة المتجددة ومحطات توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة المائية، والاعتماد على محطات توليد الكهرباء الأقل استخداماً للفحم أو الغاز الطبيعي
- التقليل التدريجي في استهلاك المواد، مثل (البوليسيليكون أو الفضة)، واستكشاف تقنيات تصنيع جديدة أقل كثافة واستخدام مواد ذات بصمة كربونية منخفضة.
- فائض العرض يدفع إلى نشوب حرب أسعار بين شركات تصنيع الطاقة الشمسية وأنظمة التخزين
تمتعت شركات تصنيع الطاقة الشمسية والبطاريات بهوامش ربحية قوية لمدة عامين، ولكنها تواجه هوامش أقل خلال عام 2024.
ففي مجال الطاقة الشمسية، يتحمل الموزعون والقائمون بأعمال التركيب، عبء المخزونات المرتفعة ويواجهون مخاطر مالية أعلى بسبب انخفاض الأسعار. وقد أدى فائض العرض وانخفاض أسعار المواد الخام في ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات إلى إشعال حرب أسعار في النصف الثاني من عام 2023، إذ يؤدي بدوره إلى توحيد السوق في عام 2024. ومن المرجح أن تحتاج الشركات الكبيرة الرائدة إلى تمييز أنفسهم من خلال المنتجات المبتكرة أو الأسعار الاستثنائية على حساب الجودة.
- من المتوقع أن يشهد عام 2024 مزادات قياسية عالية لطاقة الرياح البحرية
على الرغم من الارتفاع الأخير في تكاليف طاقة الرياح البحرية نتيجة ارتفاع تكاليف التمويل الناجم عن زيادة معدلات الفائدة، فإن عام 2024 على وشك أن يشهد إنجازاً غير مسبوق.
من المقرر أن يتم عرض أكثر من 60 جيجاواط من السعة الجديدة في مزادات علنية فيما لا يقل عن 17 سوقاً مختلفة – وهو رقم قياسي في مجال طاقة الرياح البحرية، أو يكفي لتغطية الطلب الكلي على الطاقة في بولندا. هذه الزيادة في القدرة التي تُعرض في المزادات للبيع تعتبر دليلاً قاطعاً على تفاني الأسواق القائمة والناشئة نحو تطوير واعتماد هذه التكنولوجيا.
- مصنعي عنفات الرياح العمالقة في الغرب يواجهون تنافساً متزايداً من الشرق
تم تقسيم سوق إمداد عنفات الرياح العالمية تاريخياً إلى مجموعتين: حوالي 15 شركة صينية تورد للصين محلياً، و4 شركات غربية متنوعة إقليمياً تلبي احتياجات باقي أنحاء العالم إلى حد كبير. ولكن ميزانيات مصنعي العنفات الغربية ضعفت بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات واضطراب سلسلة التوريد وزيادة التكاليف العامة والعقود الثقيلة. في المقابل، بدأ مصنعو العنفات الريحية الصينيون ينافسون الغرب في الأسواق الدولية من خلال تقديم أسعار أقل، والابتكارات التكنولوجية، والاستثمارات الجديدة في سلسلة التوريد.
ومن الجدير بالذكر أن إنتاج العنفات الذي أعلنت عنه الصين مؤخراً يتفوق على إنتاج نظرائها الغرب بما لا يقل عن 30% من السعة المصنفة، بينما ازدادت الفجوة في الأسعار إلى ما يقارب 70% بين كلا المجموعتين.
ومع استمرار سباق التكنولوجيا وضغط التسعير، سيضع صانعي العنفات الغرب أمام تحدٍ مزدوج مستمر لاستعادة الربحية وحماية حصتهم في السوق.
- اهتمام العالمي بالهيدروجين منخفض الكربون كمادة خام لإنتاج الأمونيا والميثان الاصطناعي والسوائل الاصطناعية
بدأت الاستثمارات في الهيدروجين كمادة خام تتزايد في الولايات المتحدة بفضل القوانين والتشريعات المحفزة والدعم المالي. وفي الدنمارك، تم بيع إنتاج الهيدروجين الأخضر في مزاد علني إلى منشآت الوقود الكهربائي والميثانول الأخضر.
وبالنسبة للشرق الأوسط يوجد هناك عدد من المرافق لإنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر قيد التنفيذ وتهدف إلى تلبية الطلب من أوروبا و/أو اليابان.
- 2024 يعد عامًا بارزاً لإزالة ثاني أكسيد الكربون
يدفع التطور السريع في منهجيات التحقق من أرصدة الكربون إلى جانب التمويل الكبير لإزالة الكربون بناءً على التقنيات بالمشاريع إلى مستويات غير مسبوقة (المشاريع الحالية لديها القدرة على احتجاز 88 مليون طن متري سنوياً من ثاني أكسيد الكربون). فقد تم الإعلان عن سبع منهجيات للتحقق من أرصدة الكربون تخضع حالياً للتحقق والتصديق، وعند الانتهاء منها، سيتم حساب أرصدة الكربون بشكل أكثر دقة من السابق.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتبنى الاتحاد الأوروبي إطار عمل لإصدار شهادات إزالة الكربون في عام 2024.
- ستستمر الجهود المبذولة للتخفيف من ازدحام الشبكة والقيود المفروضة على التراخيص في تسهيل تطوير الطاقة المتجددة
أحد الالتزامات الرئيسية التي نشأت عن مؤتمر المناخ كوب 28 COP28 هي مضاعفة سعة الطاقة المتجددة العالمية بمعدل ثلاث مرات بحلول عام 2030 لتصل إلى 11 تيراواط.
ومن المتوقع أن تكون معظم إضافات في القدرات المتجددة هي من الطاقة الشمسية، والتي تعتبر أسرع تكنولوجيا نظيفة يتم تركيبها. ونظراً لانقطاع الطاقة الشمسية وعدم وجود سعة تخزينية الكافية، فإن الإضافات من الطاقة الشمسية بأي درجة كبيرة لن تؤدي إلا إلى زيادة ازدحام الشبكة وتقليل الإمكانيات الكهربائية المتاحة.
ومن المتوقع أن تركز الأسواق العالمية على وسيلتين رئيسيتين لتسريع اعتماد الطاقة المتجددة:
– زيادة الاستثمار في النقل والتوزيع والتخزين
– تسهيل تطوير تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى (مثل طاقة الرياح البحرية، والطاقة الحرارية الأرضية)، التي تعاني من ارتفاع التكاليف والتحديات في الربط مع الشبكة والتصاريح.
- يتعين على مشغلي أنظمة النقل في عام 2025 تقدير احتياجات المرونة، مما سيؤدي إلى مشتريات إضافية لتخزين الطاقة على نطاق واسع.
من المقرر أن يتم تثبيت أكثر من 1 تيراواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مستوى العالم خلال السنتين القادمتين، مما يرفع الإجمالي العالمي إلى 3.5 تيراواط ويشدد على الحاجة الملحة لأنظمة طاقة أكثر مرونة. كما سيتطلب نظام الطاقة الذي يعتمد بشكل كبير على توليد الطاقة المتجددة المتقطعة (مثل الرياح والطاقة الشمسية) زيادة في “المرونة” لضمان توازن توريد الكهرباء مع الطلب.
يعد عام 2024 بأن يكون عاماً حافلاً بالتقدم والابتكار في مجال الطاقة النظيفة، وإن التحول نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة والمستدامة تعكس الالتزام بحماية كوكب الأرض وتأمين مستقبلٍ مستدامٍ أكثر اخضراراً للأجيال القادمة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصدر: S&P Global Commodity Insights