يعد استخدام الوقود البديل في وسائط النقل أحد أشهر الحلول في تخفيف الانبعاثات الكربونية وغيرها من الغازات الدفيئة التي تساهم في زيادة الاحتباس الحراري. وبالرغم من أن النسبة الكبرى من وسائط النقل هي برية وجوية، مازالت السفن والناقلات البحرية هي الوسائط الأشهر لنقل البضائع حول العالم وتعد أحد أكبر مستهلكي الوقود في العالم ومصدراً أساسياً للانبعاثات، لذلك توجهت الدراسات مؤخراً لتحليل مدى الأثر الناتج عن النقل البحري وما الحلول التي يمكن تقديمها لتخفيف هذه الانبعاثات.
قامت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA و التي تتخذ أبو ظبي مركزاً لها بنشر دراسة جديدة عن موضوع تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة في قطاع النقل البحري، و سنقوم في هذا المقال بتزويدكم بأهم ما ورد في هذه الدراسة.
فهرس
تحليل
قطاع النقل
يرتبط حوالي 50% من استهلاك الوقود في العالم بقطاع النقل وتم تسجيل 2523 مليون طن من الوقود المستهلك عالمياً وتشكل الطاقة التي يستهلكها قطاع النقل حوالي الـ 30% من الاستهلاك العالمي للطاقة، ومع بعض التدقيق تبين أن الشحن البحري مسؤول عن حوالي 12% من اجمالي استهلاك الطاقة.
بالرغم من أن استهلاك الطاقة بالشحن البري قد يصل إلى ضعفي القطاع البحري، فإن حوالي 80-90% من عمليات نقل البضائع بين الدول تتم بواسطة السفن وتشكل 9.3% من انبعاثات غاز CO2.
وبشكل مشابه أيضاً تشكل انبعاثات غاز CO2 المرتبطة بالشحن حوالي 3% من نسبة الانبعاثات العالمية لغاز CO2 وكذلك يعد قطاع الشحن مسؤولاً عن 15% من انبعاثات NOx (3.2 مليون طن بالسنة) عالمياً و13% من انبعاثات غاز SOx (2.3 مليون طن بالسنة) وذلك بسبب استخدام الوقود الثقيل (HFO – Heavy Fuel Oil).
قطاع الشحن البحري
يمكن تصنيف السفن بطرق عديدة أشهرها نوع العمل الذي تقوم به والحجم والعمر ويقدر عدد السفن العاملة عالمياً بـ 90715 سفينة وتشكل غالبيتها السفن متوسطة الحجم MS بنسبة 43% وتنقسم السفن المتوسطة الحجم إلى سفن تقوم بنقل البضائع بشكل عام (30%) وقسم يقوم بنقل الوقود والمواد الكيميائية (18%) وقسم يقوم بنقل الوقود والبضائع إلى المنصات البحرية (13.6%).
بينما تشكل السفن الصغيرة SS نسبة 37% مكونة من قاطرات (52%) وسفن نقل بضائع (13%) وسفن نقل ركاب (12%) وتشكل السفن الكبيرة LS (13%) والسفن الكبيرة جداً VLS (7%) ويتألف اسطول هذه السفن من سفن تقوم بنقل البضائع التي لا يمكن توضيبها وناقلات الحاويات بالإضافة لناقلات الوقود والمواد الكيميائية وتشكل هذه الأنواع (86%) من كل أنواع السفن الكبيرة والكبيرة جداً.
بالرغم من العدد الكبير للسفن الصغيرة والمتوسطة بالمقارنة مع السفن الكبيرة والكبيرة جداً ولكن من حيث وزن البضائع الإجمالي الذي يتم نقله في العالم بواسطة هذه السفن فإن السفن الكبيرة والكبيرة جداً تقوم بنقل حوالي 82% من إجمالي وزن البضائع المنقولة عالمياً.
طرق تقليل الانبعاثات الكربونية من السفن
يتوقع من معظم السفن أن تستبدل الوقود الأحفوري بوقود تنخفض فيه نسبة الكبريت مثل الغاز الطبيعي السائل LNG – Liquid Natural Gas أو تعديل أنظمة التنظيف لتقليل انبعاثات SOx.
هذه الحلول قصيرة الأمد وغير كافية لتحقيق هدف منظمة الملاحة العالمية IMO – International Maritime Organisation والتي تهدف إلى تخفيض انبعاثات غاز CO2 الناتجة عن السفن البحرية إلى النصف بحلول عام 2050، لذلك لابد من استخدام أنواع أخرى من الوقود مبنية على مصادر طاقة متجددة أو طرق إنتاج تعتمد على طاقة متجددة أو تأمين حل لتخفيض أو إزالة الكربون بشكل نهائي.
ومن ضمن هذه الحلول الأخرى نذكر: الوقود الحيوي التقليدي والمحسن، والوقود الصناعي مثل الهيدروجين والميثانول والأمونيا NH3، محركات دفع تعمل بالطاقة الكهربائية باستخدام البطاريات، واستخدام الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
نذكر هنا بعض الخيارات لاستبدال الوقود الأحفوري لتشغيل السفن:
الوقود الحيوي – Biofuel
يعد استخدام الوقود الحيوي في السفن قليلاً جداً في الوقت الحالي ولكنه يشكل بديلاً جيداً حيث يتميز بانبعاثات أقل للغازات الدفيئة مثل SOx و NOx ويتم تحقيق ذلك بتكاليف محدودة نسبياً وذلك بسبب خصائصه التوافقية التي تسمح باستخدام الوقود الحيوي في العديد من السفن الموجودة حالياً دون إجراء تعديلات تذكر على السفن.
يوجد العديد من تقنيات المحركات الخاصة بالسفن الآن و التي تعمل على الغاز الطبيعي بشكله السائل والعديد من محركات العاملة على الديزل تستطيع أن تعمل باستخدام أنواع محددة من الوقود الحيوي دون أي إجراءات أو تعديلات مثل SVO HFO FAME FT-diesel والزيت المنحل حرارياً، ولكن استخدام هذه الأنواع من بدائل الوقود في هذه المحركات يسبب ظهور مشاكل مثل قصر عمر المحرك والتلوث بالماء والذي يسبب لاحقاً ضياعات في الكفاءة وإن استخدام الوقود الثقيل HVo يقلل من هذه المشاكل وذلك لانخفاض نسبة الاوكسجين فيه حيث يتمتع بكفاءة أعلى وفترة حياة أطول.
من جهة أخرى يمكن استخدام الكحوليات والوقود الغازي مثل Bio-Methanol والوقود السائل الحيوي الطبيعي Bio – LNG ولكنها تأتي مع تكاليف إضافية حيث نحتاج إلى تعديلات إضافية على المحركات لتصبح قادرة على العمل على الغاز الحيوي.
E-fuel
يوجد بعض البدائل الأخرى وهي عبارة عن وقود اصطناعي لما يملكه هذا الوقود من الإمكانيات على تخفيض نسبة الانبعاثات مثل الميثانول والهيدروجين والأمونيا (النشادر).
يمكن انتاج هذه الأنواع المختلفة من الوقود بطرق عديدة مثل إنتاج الوقود الصناعي عن طريق الكهرباء ويتم تسميتها تحويل الطاقة إلى سائل power to liquid حيث يمكن الحصول على الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي للماء وتصنيعه مع أحادي أوكسيد الكربون لإنتاج الميثانول او مع النيتروجين لإنتاج الأمونيا وتعرف هذه الأنواع من الوقود أيضاً باسم E-fuel.
خلاصة
إن الجزء الكبير الذي تشغله السفن من النشاطات التجارية يفتح المجال بشكل كبير لإمكانية تقليل الانبعاثات باستخدام طرق مختلفة كما ذكرت الدراسة من IRENA. وكما يمكن أن تشمل التحسينات المرافئ أيضاً وذلك لتحقيق هدف منظمة الملاحة العالمية IMO في تقليل الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2050.
نتمنى لكم يوماً مشمساً.