تنطلق اليوم فعاليات مؤتمر الأطراف للتغير المناخي بدورته السابعة والعشرين «COP27»، والذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة الممتدة بين 6-18 من نوفمبر. فما هو هذا المؤتمر ولماذا يحظى بهذا الاهتمام العالمي؟
يعد مؤتمر الأطراف للتغير المناخي لقاءً أمميّاً ومؤتمراً سنويّاً ينعقد تحت إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي «UNFCC». إذ يعدّ هذا المؤتمر أعلى هيئة لصنع القرار في هذه الاتفاقية، ويتم خلاله مراجعة وتقييم تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.
التاريخ
بدأ الأمر عندما نظمت الأمم المتحدة عام 1992 قمة الأرض في ريو دي جانيرو، والتي تم فيها تبني اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، بهدف تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. ومنذ عام 1994، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، ليُعقد منذ ذلك الحين اجتماع سنويّ يضم حاليّاً 197 دولة وقعت على الاتفاقية.
عُقد المؤتمر بنسخته السادسة والعشرين العام الماضي في غلاسكو. ويتطلع العالم اليوم إلى انعقاده هذا العام لاتخاذ القرارات المناخية الحاسمة والخروج ببعض التوصيات أو الاتفاقيات. كما حدث بنسخته الواحدة والعشرين عام 2015 في باريس.
بدون اتخاذ إجراءٍ حاسم، فإننا نراهن على فرصتنا الأخيرة –بالمعنى الحرفي للكلمة- لتغيير المسار. ولكن لماذا قد تكون هذه الفرصة الأخيرة؟
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، COP26
للحصول على الانفوغراف بدقة عالية اضغط هنا
اتفاقية باريس للمناخ ومؤتمر الأطراف 21
تعد اتفاقية باريس «Paris Agreement» من أبرز وأهم الاتفاقيات المتعلقة بالعمل المناخي عالمياً، إذ تبنتها 197 دولة في مؤتمر الأطراف الواحد والعشرين COP 21 في باريس بتاريخ 12 ديسمبر من العام 2015. وبعد أقل من عام، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ.
تهدف الاتفاقية بشكلٍ رئيسي إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من الزيادة المستمرة في درجات الحرارة العالمية كيلا تزيد عن 1.5 درجة مئوية بنهاية هذا القرن.
كما وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التزام الدول في خفض انبعاثاتها. وتنص على مساعدة الدول المتقدمة للدول النامية في التكيف مع آثار التغيرات المناخية ومواجهتها. ولعلّ من أبرز مخرجات هذه الاتفاقية ما يُسمّى بالمساهمات المحددة وطنيّاً.
المساهمات المحددة وطنيّاً «NDCs»
تعد المساهمات المحددة وطنيّاً «National Determined Contributions» خطط عمل وطنية تهدف إلى المساهمة في العمل المناخي وتخفيض الانبعاثات الكربونية، بحيث يُلزم كل طرف في اتفاقية باريس بوضع خطته الخاصة وتحديثها دورياً كل خمس سنوات. ومن ثم يقوم كل طرف بعرض خطته ومستوى تقدمه سنوياً خلال انعقاد مؤتمر الأطراف.
تشمل المساهمات المحددة وطنيّاً خطة عملٍ واضحة مع آليات لتحقيق الأهداف التي تضعها الدول. إلى جانب أنظمة تقييم لرصد مستوى التقدم في تحقيق تلك الأهداف. فضلاً عن تقديم كل دولة استراتيجية لتمويل مبادرات العمل المناخي فيها.
أهداف المساهمات
وتعد الأهداف التي تضعها هذه المساهمات أهدافاً طموحة تسعى إلى تحقيق انتقالاتٍ تحولية في اقتصادات الدول، وإعادة هيكلة أنماط الاستهلاك والإنتاج فيها. إلى جانب التركيز على النواحي الاجتماعية في الدولة كتمكين النساء في عمليات التغيير ودمج كافة فئات المجتمع في العمل المناخي. وهو ما يضمن التحول نحو مجتمعات مستدامة من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهذا أيضاً ما يتقاطع في جوهره مع أهداف التنمية المستدامة SDGs. لذلك تقوم بعض الدول حول العالم حالياً بالربط بين كلّ من NDCs وSDGs لتحقيق أكبر قدرٍ من المصلحة العامة.
ونظراً للفجوة الكبيرة بين خفض الانبعاثات اللازم للحد من زيادة درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية والمستوى الحالي من الانبعاثات الكربونية، فقد تقرّر ومن خلال ميثاق غلاسكو للمناخ المنعقد في نوفمبر العام الماضي، إعادة النظر في الخطط والأهداف الخاصة بكل دولة وعرضها هذا العام خلال مؤتمر الأطراف. ولذا فإننا نتوقع عرض خطط أكثر طموحاً فيما يتعلق بنسب تخفيض الانبعاثات الكربونية.
نماذج من المساهمات الوطنية في المنطقة العربية
وللدول في منطقتنا العربية إسهامات أيضاً في تحقيق انبعاثات أقل. فعلى سبيل المثال، عملت الأردن على تنفيذ خطة العمل المقترحة من قبل لجنة التنسيق الوطني لتنفيذ إجراءات NDCs والتي تم تقديمها إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي في عام 2016 والتي تشمل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 14% مع خفضٍ بنسبة 12.5% بشروط وبتوافر الدعم المالي الدولي. ومن ثم تمّت مراجعة هذه الأهداف في أكتوبر من العام الماضي لتنص على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 31% بحلول عام 2030. وهو ما يعني أن الأردن تهدف إلى خفض انبعاثاتها بشكلٍ غير مشروط بنسبة 5%. في حين تخضع النسبة المتبقية والبالغة 26% لشروط توافر الدعم المالي .
أما المغرب، فقد حددت هدفها بتخفيض انبعاثاتها بنسبة تصل إلى 46% بحلول عام 2030.
COP27 في مصر
قريباً وخلال الفترة الممتدة بين 8-16 نوفمبر، سيجتمع عدد من رؤساء الدول والوزراء والناشطين في مجال العمل المناخي في مدينة شرم الشيخ المصرية، لمناقشة تنفيذ التعهدات الدولية وبالاعتماد على نتائج الدورة السابقة من المؤتمر المنعقدة في غلاسكو. كما سيتم تنظيم سلسلة من الجلسات الحوارية ومناقشة مواضيع متنوعة طوال أيام المؤتمر.
المواضيع المطروحة للنقاش
وفقاً للترتيبات المعلن عنها، سيتضمن المؤتمر المواضيع التالية وعلى مدار عدة أيام:
- سيبدأ المؤتمر بالحديث عن التمويلات المالية باعتبارها حجر الأساس للمشاريع المناخية. ومناقشة الأدوات التمويلية والسياسات التي من شأنها أن توسع من نطاق التمويل الأخضر للدول النامية.
- يتم تخصيص يومٍ مستقلٍ للعلوم والذي سيتيح للأوساط العلمية والأكاديمية مشاركة وجهات نظرهم وآخر ما توصلوا إليه في أبحاثهم في علوم المناخ والبيئة.
- ضمان سماع صوت الشباب والأجيال القادمة هو أحد أهداف رئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف. إذ سيتم تخصيص يوم مستقل لعرض قصص نجاح مبادرات شبابية وإتاحة الفرصة للشباب لمناقشة صناع القرار.
- بما أن تقليل الانبعاثات الكربونية هو أحد أهم محاور المؤتمر، فستتم مناقشة واستعراض أحدث التقنيات والأساليب الهادفة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية والوصول إلى الحياد الكربوني.
- سيتناول المؤتمر موضوع الأمن الغذائي. لما يشهده العالم في الوقت الراهن من أزمات في سلاسل توريد الغذاء، وخسائر في الأنظمة الزراعية.
- سيناقش المؤتمر دور المرأة وتمكينها اجتماعياً وتعزيز دورها في المبادرات البيئية.
- لِملف العجز المائي نصيب من الجلسات الحوارية أيضاً. إذ سيتم تخصيص يوم مستقل لمناقشة جميع القضايا المتعلقة بالإدارة المستدامة لموارد المياه، إذ سيشمل يوم المياه مواضيع مختلفة مثل ندرة المياه والجفاف وتحسين أنظمة الإنذار المبكر عالميّاً.
- ولن يتم تجاهل محور الطاقة. إذ سيتم مناقشة دور قطاع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في التقليل من الانبعاثات الكربونية وتخفيف تداعيات أزمة المناخ. مع التركيز بشكلٍ خاص على الانتقال العادل للطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر كمصدر محتمل للطاقة في المستقبل.
- التنوع الحيوي، سيتم التطرق إليه أيضاً من خلال مناقشة تأثيرات تغير المناخ على التنوع الحيوي خاصة في المحيطات، والأنواع المهددة بالانقراض، والشعاب المرجانية، واستدامة المناطق المحمية لتقديم خدمات الأنظمة البيئية للإنسان.
وفي اليوم الأخير والذي سيصادف 18 نوفمبر، وبعد استعراض كافة المشاكل المطروحة على طاولة النقاش. يتم الخروج بمجموعة من الحلول الممكنة بدءاً من إعلان التمويلات الخضراء الوطنية، والحلول الشاملة الأخرى التي تتضمن المدن المستدامة، النقل المستدام، إدارة النفايات والأبنية الخضراء، والعمل متعدد المستويات في القطاعات المتنوعة. فضلاً عن فرص التعاون المحتملة من قبل ممثلين من شركات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والشركات الناشئة والمنظمات غير الحكومية وما تنطوي عليه من اتفاقيات مستقبلية من أجل مصلحة الكوكب.
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة…
المصدر: COP27, UN Climate Change