سولارابيك – الرياض، السعودية- 4 أغسطس 2024: تتجه السعودية إلى تعزيز استثماراتها في الموارد الطبيعية؛ لكونها من أكثر القطاعات التي تجذب اهتمام الدول الساعية إلى تنويع اقتصاداتها.
ويعدّ الليثيوم من الموارد الأكثر أهمية في الوقت الحالي؛ لاستخدامه بشكل رئيس في صناعة البطاريات القابلة للشحن، والتي تعتبر ضرورية في تطوير التكنولوجيا الحديثة، مثل السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية.
كما تسعى السعودية جاهدة لضمان الحصول على الليثيوم والمعادن الأخرى في إطار خطتها للتحول إلى مركز رئيس لتصنيع البطاريات والمركبات الكهربائية؛ في محاولة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط.
تنافس عالمي
وتتنافس الولايات المتحدة والصين على تأمين معدن الليثيوم الحيوي. وبدورها، انضمت المملكة إلى هذا السباق، حيث تأمل استخدامه لتطوير بطاريات محلية الصنع، بهدف أن تصبح مركزاً لصناعة السيارات الكهربائية.
ويعد قطاع التعدين المتنامي في المملكة جزءاً أساسياً من “رؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
وتمتلك تشيلي ثاني أكبر احتياطيات من الليثيوم في العالم، ما يجعلها هدفاً استثمارياً محتملاً لعديد من الدول، وضمن ذلك شركات التصنيع السعودية.
كما تأتي أهمية استثمارات الليثيوم مع ما يشهده العالم من تحول كبير نحو السيارات الكهربائية كجزء من الجهود العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق الاستدامة البيئية.
وإضافة إلى السيارات الكهربائية، يتم استخدام الليثيوم في مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، ومع التزايد المستمر في استخدام هذه الأجهزة، يظل الطلب على الليثيوم مرتفعاً، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في هذا القطاع.
شراكة مهمة
ومن خلال الاستثمار في مناجم الليثيوم التشيلية، بإمكان السعودية ضمان إمدادات مستدامة من هذا المعدن الحيوي، ويساعد ذلك في تأمين المواد الخام الضرورية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة في المملكة، ويعزز قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.
وفي العام 2023 أسس صندوق الاستثمارات العامة السعودي شركة “منارة للمعادن”، التي تعمل بمجال الاستثمار في أصول التعدين على مستوى العالم.
وخلال زيارته لتشيلي في 29 يوليو الماضي، قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، إن “شركة منارة المعادن السعودية تبحث فرص الاستثمار في إنتاج الليثيوم في تشيلي”، مشيراً إلى أن “الشركة تمثل مشروعاً مشتركاً بين (معادن) وصندوق الاستثمارات العامة، وتقوم حالياً بتحليل الخيارات المختلفة المتاحة أمامها”.
كما أكد الخريف أن “معادن” تبدي اهتماماً كبيراً بتشيلي، التي تعد ثاني أكبر منتج عالمي للليثيوم المستخدم في صناعة البطاريات، مضيفاً: “أعتقد أننا سنرى تطوراً مهماً مع منارة بشأن الأصول التشيلية، فهذا يبدو منطقياً جداً”، كما أنه لاحظ “التزاماً كبيراً” من الحكومة التشيلية بدعم هذا الاستثمار وتأمينه.
وشارك الخريف في عدة اجتماعات شملت الرئيس التنفيذي لشركة منارة، بيير تشينارد، في اجتماعات يوم 29 يوليو الماضي، مع وزارة التعدين التشيلية، بحضور ممثلين من شركة كوديلكو.
كما اجتمع في 30 يوليو الماضي، مع رئيس مجلس إدارة “كوديلكو”، ماكسيمو باتشيكو، إضافة إلى ممثلين عن شركات التعدين “إس.كيو.إم” و”أنتوفاجاستا” و”سي.إيه.بي”.
وأفادت وزارة التعدين التشيلية بأن “الخريف اقترح إنشاء مجموعة عمل مشتركة بين الحكومتين لاستكشاف فرص التعاون المحتملة”.
سر الاهتمام السعودي
ونظراً إلى توجه “رؤية المملكة 2030” نحو تقليل اعتماد الاقتصاد على إيرادات النفط، استثمرت الرياض ما لا يقلّ عن عشرة مليارات دولار في شركة “لوسيد” لصناعة السيارات الكهربائية، وأطلقت علامتها التجارية الأولى “سير”، وأنشأت مصنعاً متخصصاً في معادن بطاريات السيارات الكهربائية.
ويهدف صندوق الاستثمارات العامة، الذي تتجاوز قيمة أصوله 700 مليار دولار، إلى إنتاج 150 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2026، وزيادة هذا العدد إلى 500 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030.
كما سبق أن قال الخريف خلال لقائه مع شبكة “رويترز”، في مارس الماضي، إن “المملكة مهتمة بالحصول على معدن الليثيوم من الخارج، فهي تهدف إلى الاستثمار في قطاع السيارات الكهربائية”.
وأواخر أبريل الماضي، أكد الخريف أيضاً، على هامش الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، أن “الليثيوم معدن مهم للغاية، ويصادف أنه جزء مهم للغاية من سلسلة التوريد، لا سيما بالنسبة للبطاريات”.
وفي هذا الصدد قال الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي لـ”الخليج أونلاين”:
- اهتمام المملكة الجدّي بمادة الليثيوم والاستثمار فيها يأتي لما فيها من عوائد مهمة؛ نظراً إلى أهميتها الكبرى في تصنيع الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوترات المحمولة وبطاريات السيارات.
- الاهتمام السعودي يأتي أيضاً ضمن الاهتمام العالمي المتجدد بالليثيوم في السنوات الأخيرة، بالتوازي مع اتجاه ازدياد مصانع السيارات لتصنيع المركبات الكهربائية، التي أصبح الاستثمار فيها وإنتاجها محل اهتمام عالمي كبير.
- توجه المملكة للاستثمار في إنتاج الليثيوم سببه الفوائد الاقتصادية عالية القيمة من هذا القطاع، ولأنها من أهم المواد التي تحتاجها صناعة البطاريات اللازمة لإنتاج السيارات الكهربائية، في ظل المساعي السعودية نحو التحول لصناعة البطاريات والمركبات الكهربائية.
- يعود الاهتمام بالسيارات الكهربائية المعتمدة على بطاريات الليثيوم، لتصاعد الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، إذ استوردت السعودية بين عامي 2022 و2023 نحو 1450 سيارة، وسط توقعات بأن تتضاعف الأرقام خلال السنوات القادمة.
- التوجه إلى الاستثمار في إنتاج الليثيوم لصناعه البطاريات، سيسهم في صناعة السيارات المعتمدة على بطاريات الليثيوم، وكذلك في كل الصناعات الأخرى التي تعتمد على هذه المادة.
- الهدف الأساسي من هذا الاستثمار هو زيادة نسبة مساهمة القطاعات الصناعية غير النفطية في الناتج المحلي، وعدم استمرار ارتهان الناتج المحلي للمملكة على النفط، بسبب ما يواجهه من تقلبات في الأسعار وانخفاض الطلب.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: الخليج أونلاين