سولارابيك – باكو، أذربيجان- 4 سبتمبر 2024: تفصل العالم أسابيع قليلة عن انعقاد مؤتمر «cop 29» والمقرر استضافة أذربيجان له خلال الفترة بين 11 و22 نوفمبر المقبل.
المؤتمر الذى تعقد فعاليته الرئيسية بمقر «إستاد باكو» فى قلب العاصمة الأذرية، يعتبر فرصة لأكثر من طرف لتكريس إنجازات سياسية وبيئية جوهرية. وهو ما كشفت عنها مشاهدات ومقابلات أجرتها صحيفة «الأهرام» المصرية مؤخرا فى أذربيجان. وتخللها لقاءات مع عدد من مسؤولي الدولة، فى مقدمتهم الرئيس الأذري إلهام علييف، والنور سلطانوف، نائب وزير الطاقة فى أذربيجان والرئيس التنفيذي لـ «cop 29».
العدالة بتوزيع المسؤولية المادية
تلك الرحلة وهذه التصريحات انتهت إلى مجموعة من الملاحظات، أولها وأهمها، تركيز «cop 29» على ملف التمويل، وتحديدًا تفعيل الاتفاقية التي توصل لها « cop 27» فى «شرم الشيخ» بشأن «صندوق الخسائر والأضرار». فقد اتفقت تصريحات النور سلطانوف على حتمية سلك سبيل العدالة في توزيع المسؤولية المادية عن حل أزمة الانبعاثات الكربونية، فالدول النامية تتحمل المقدار الأكبر من الأضرار والخسائر رغم كونها خارج إطار المسؤولية الرئيسية عن زيادة الانبعاثات الكربونية. ذلك الإطار الذى تحتله الدول المتقدمة حتى آخره.
ويشير سلطانوف الى ضرورة تفعيل مبدأ الـ NCQG أو «الهدف الكمي الجماعي الجديد» والذى حددته « اتفاقية باريس» للمناخ، والمتعلق بتجاوز الهوة فيما يتعلق بتمويل جهود مكافحة التغيرات المناخية، دون ترك أى طرف دون مشاركته ضمن هذه المساعي. وبذلك، فإن إجمالي المبالغ التى تم إقرارها لدعم «صندوق الخسائر والأضرار» حتى الآن، لا تتوافق مع إجمالي الاحتياجات الفعلية عالميا، وتحديدا فى أوساط الدول النامية. ذلك الصندوق ومعدلات تمويله يفترض أن تبلغ إنجازاته مستوى «حجر زاوية» بانطلاق جلسات «cop 29» فى غضون فترة لا تزيد على أسابيع قليلة. خاصة عقب الجدل المتفجر حتى اليوم بشأن مبلغ المئة مليار دولار التي كان يفترض تخصيصها من قبل الدول الأكثر تقدما لدعم جهود الدول النامية فى مواجهة التغيرات المناخية بحلول 2020. والتى انتهت إلى تأكيدات بتأمين مبلغ 116 مليار دولار عام 2022، وسط تشكيك واسع حول مدى دقة توفر هذا المبلغ والسبل الآمنة لوصوله إلى الدول الأكثر تضررًا.
مشاريع طاقة متجددة ضخمة
والملاحظة الثانية، تتعلق بإدراك الرئاسة الأذرية لـ «cop 29» بضرورة استغلال فرصة استضافة الحدث العالمي في دعم سياساتها المناخية وطموحاتها فى مجال الطاقة. فقد استعدت أذربيجان لاستضافة «cop 29» بوعي كامل لحجم الانتقادات التى توجه لها من قبل النشطاء فى مجال البيئة، لكون اقتصادها يعتمد فى الأساس على عائدات الوقود الأحفوري. والذى يشكل حوالى 50% من إجمال الناتج المحلي، وأكثر من 90% من عائدات الصادرات وفقا لبيانات عام 2022.
لكن محورية مصادر الطاقة التقليدية بالنسبة للاقتصاد الأذري، جعل سياسة باكو التمهيدية لـ «cop 29» تقوم على ما يمكن وصفه بـ «التوازن المنطقي» بين استمرار الاستغلال لتلك المصادر من جانب. خاصة، مع زيادة الاعتماد الأوروبي على واردات الغاز الأذرية، في ضوء التوتر القائم والمستمر مع روسيا.
لكن هذا الاستمرار يتزامن مع اتخاذ خطوات كبرى وفعالة من أجل توظيف عائداتها في مكافحة التغييرات المناخية، وتعضيد الاقتصاد الأخضر. على أن يتخذ ذلك التوجه مسارا عالميا برعاية أذرية انطلاقا من «cop 29».
يتباهى مسؤولو أذربيجان بمجموعة من المشروعات التى بدأ العمل عليها مؤخرا، وفى مقدمتها محطتان عملاقتان لإنتاج الطاقة الشمسية، ومحطة لتوظيف طاقة الرياح، بقدرة إجمالية على توليد نحو واحد جيجاوات. المشروعات الثلاثة تمهد إلى تحقيق هدف أذربيجان بخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40% بحلول العام 2050، على أن يزيد نسبة إسهام مصادر الطاقة المتجددة فى توليد الكهرباء بنسبة 30% وذلك بحلول 2030.
تخزين الطاقة المتجددة
ذلك التوجه يكتمل بما كشف عنه النور سلطانوف، من استعداد أذربيجان إلى تطوير قدراتها على تخزين الطاقة المتجددة، خاصة بعد اتفاقها الأخير بإقامة منظومة بطاريات لتخزين الطاقة الخضراء بسعة 200 ميجاوات. ذلك التوجه المحلي، ستدفع به أذربيجان كملف أساسى على طاولة «cop 29» ، خاصة أن مسألة «تخزين الطاقة المتجددة» تعد من أكثر العقبات المعرقلة للجهود العالمية فيما يخص تبنى الطاقة الخضراء. وثانيا، كشف الرئيس إلهام علييف عن تشكيل» ثلاثية كوب»، فى إشارة إلى الدول المستضيفة لـ «cop 28» فى 2023، وهى دولة الإمارات العربية المتحدة، وأذربيجان بوصفها مستضيفة « كوب 29» فى العام الحالى 2024، والبرازيل بوصفها ستستضيف « كوب 30» العام المقبل. فكرة «ثلاثية كوب» تعكس حرصا أكبر على تنسيق الجهود وتواصلها من دورة « كوب» إلى أخرى، حتى يتم إدماج الجميع في عملية التفاوض واتخاذ القرار وتطبيقه.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: صحيفة الأهرام
