سولارابيك – عواصم– 6 سبتمبر 2024: يتطلب تحويل إمدادات الكهرباء في العالم إلى طاقة خالية من الكربون سوف يتطلب أكثر من الألواح الشمسية وطواحين الهواء التي تعتمد على أشعة الشمس لتوليد الطاقة. ويوفر تخزين الطاقة على نطاق الشبكة حلاً لمشكلة الانقطاعات، ولكن هناك القليل جدًا منها، وفق تقرير لمجلة “ذي إيكونوميست”.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية ( IEA )، وهي جهة تنبؤ رسمية، أن القدرة العالمية المركبة لتخزين البطاريات سوف تحتاج إلى الارتفاع من أقل من 200 جيجاواط ( GW ) في العام الماضي (2023) إلى أكثر من تيراواط (1000 جيجاواط) بحلول نهاية العقد، ونحو 5 تيراواط بحلول عام 2050، إذا كان العالم سيصل إلى انبعاثات صافية صفرية. ولكن لحسن الحظ، فإن أعمال تخزين الطاقة على الشبكة أصبحت أخيرًا منتعشة.
تقليديا، اعتمد تخزين الكهرباء لأغراض الشبكة على الأنظمة الكهرومائية التي تنقل الماء إلى خزَّانين عند أعلى وأسفل منحدر (يحدث هذا التخزين بتحويل الكهرباء الفائضة إلى طاقة كامنة في شكل مياه مخزَنة في أعلى المنحدر ثم تحويلها إلى كهرباء مرة أخرى عند الحاجة وذلك بضخها عبر توربينات موجودة في أسفل المنحدر- المترجم).
هذه الأيام الطريقة المفضلة باطِّراد هي وضع بطاريات عملاقة في صفوف داخل حظائر. فوفقا لوكالة الطاقة الدولية تم تركيب بطاريات تخزين تبلغ سعتها الإجمالية 90جيجاواط على نطاق العالم في العام الماضي. هذا يساوي ضعف السعة المركبة في عام 2022 والتي خُصِّص ثلثاها للشبكة والباقي لتطبيقات أخرى مثل الطاقة الشمسية المنزلية.
الأسعار تنخفض ويتم تطوير مكوِنات كيماوية جديدة للبطاريات. ووفقا لتقدير شركة “بَيْن” الاستشارية يمكن أن تنمو القيمة السوقية لتخزين الكهرباء في الشبكة من حوالي 15 بليون دولار في عام 2023 إلى ما بين 200 بليون إلى 700 بليون دولار بحلول عام 2030 وتريليون إلى ثلاثة تريليونات دولار في عام 2040.
الهبوط الحاد في سعر بطاريات ايونات الليثيوم يحفز على استخدامها في تغذية شبكات الكهرباء. وحسب مجموعة الأبحاث “بلومبيرج ان أي اف” انخفض متوسط سعر بطاريات الليثيوم الثابتة لتخزين واحد كيلوواط ساعة بنسبة حوالي 40% في الفترة بين 2019 و2023. لقد قاد التباطؤ العالمي في تبني السيارات الكهربائية التي تدار بواسطة تقنية شبيهة شركاتِ تصنيع البطاريات إلى الاهتمام أكثر بتخزين الكهرباء لتغذية الشبكة.
في عام 2019 كانت بطاريات ايونات الليثيوم الثابتة أغلى بما يقرب من 50% من تلك التي تستخدم في السيارات الكهربائية. وتقلص هذا التفاوت في السعر إلى أقل من 20% مع تدافع المنتجين لتصنيعها.
ووفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية تنافس الآن الطاقةُ الشمسية إلى جانب البطاريات توليدَ الكهرباء بواسطة الفحم الحجري في الهند. وهي في سبيلها إلى أن تكون أرخص من توليد الكهرباء بالغاز في أمريكا بعد سنوات قليلة.
حاليا، فإن الصين مركز الإنتاج العالمي للبطاريات. فهي مقرُّ ستّ من بين أكبر عشر شركات في العالم بما في ذلك شركتا كاتل وبي واي دي. في الصين ارتفع إنتاج البطاريات المخصصة لشبكات الكهرباء من لا شيء تقريبا في عام 2020 إلى حوالي الخُمس (20%) متفوقا على الحصة التي تُستخدم في الإلكترونيات الاستهلاكية. ساعدت على هذا النمو السياسات الداخلية التي أوجبت على مشروعات توليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح تركيب سعاتٍ تخزينية أيضا.
شركات البطاريات الصينية تكثف جهود الابتكار. فشركة “كاتل” زادت إنفاقها على البحث والتطوير بحوالي ثمانية أضعاف منذ عام 2018 إلى 2.5 بليون دولار في العام الماضي. وشركة “بي واي دي” التي استثمرت بشدة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي شيدت مصنعَ بطاريات “مؤتْمَتَا” كله تقريبا في مدينة هيفي.
لكن صناعة البطاريات تسبح في بحر من فائض الإنتاج. فحسب “بلومبيرغ ان إي اف” تنتج الصين لوحدها بطاريات ليثيوم تكفي لمقابلة الطلب العالمي على كل أنواعها. وأعلنت صناعتها عن خطط لإنتاج سعة إضافية تبلغ 5.8 تيراواط ساعة بحلول عام 2025 أو أكثر من ضعف السعة العالمية الحالية والتي تصل إلى 2.6 تيراواط ساعة. وسيكون ذلك كارثيا لشركات عديدة في صناعة البطاريات بما في ذلك تلك التي تنتجها لشبكات الكهرباء.
حسب “بينشمارك مينرال انتيليجينز” وهي شركة أبحاث أخرى، تم إلغاء أو تأجيل إنشاء 19 مصنعا ضخما لبطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة في الصين في أول سبعة أشهر من هذا العام. الانهيار في الأسعار أضر أيضا بشركات بطاريات غربية ناشئة. أحد الأمثلة لذلك شركة “نورثفولت” السويدية والتي اعتبرها البعض ردَّ أوروبا على شركات الصين.
ففي العام الماضي أبلغت عن ارتفاع خسائرها إلى 1.2 بليون دولار من 285 مليون دولار في عام 2022. ومن المرجح أن تكون نتيجةَ ذلك موجةُ اندماج بين الشركات على نحو ما توقع روبين زينج الرئيس التنفيذي لشركة كاتل في وقت مبكر من هذا العام.
مع ذلك “مذبحة” شركات صناعة البطاريات يمكن أن تساعد في تبني تخزين الكهرباء في البطاريات بدلا من أن تؤذيه. فالأسعار قد تهبط أكثر مع حصول الشركات الأكثر إنتاجا على حصة أكبر من السوق. واقع الحال، المنافسة الطاحنة تحفز سلفا على الابتكار مع سعي الشركات وراء تقنيات جديدة تعينها على تقديم الأفضل.
في هذا الجانب، بطاريات أيونات الصوديوم أحد البدائل الواعدة. فهي لا تتطلب استخدام مادة الليثيوم الغالية الثمن. وعلى الرغم من أن كثافة الطاقة التي تقدمها أقل من كثافة طاقة بطاريات ايونات اللوثيوم إلا أن ذلك ليس مشكلة كبيرة للبطاريات الثابتة مقارنة بتلك التي تُستخدَم لتشغيل محركات السيارات الكهربائية.
تسارع الشركات الحالية لتطوير تقنية بطاريات لاستخدامها في إمداد شبكات الكهرباء وتراهن عدة شركات ناشئة على هذه التقنية بقدر كبير. فشركة “ناترون” الأمريكية التي تدعمها شركة شيفرون النفطية العملاقة تستثمر 1.4 بليون دولار في تشييد مصنع لإنتاج بطاريات ايونات الصوديوم في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة. ومن المقرر افتتاحه في عام 2027.
لاندون موسبورغ الرئيس التنفيذي لشركة “بيك انيرجي” وهي شركة ناشئة أخرى لتصنيع بطاريات ايونات الصوديوم يقول إنه يريد أن تكون شركته “كاتل أمريكا”. (كاتل شركة صينية لصناعة وتقنية البطاريات، تأسست في عام 2011 وهي أكبر شركة لصناعة بطاريات ايونات الليثيوم للسيارات الكهربائية. كما تتخصص أيضا في أنظمة تخزين الطاقة – المترجم).
يعتقد توم جينسن الرئيس التنفيذي لشركة “فراير” وهي شركة ناشئة أخرى أن شركات البطاريات الغربية يمكنها المنافسة فقط بالتقنيات الجديدة. في الواقع يزداد طول قائمة المقاربات الابتكارية. فشركة “انير فينيو” الناشئة أيضا تسوِّق بطارية النيكل -الهيدروجين. لقد جمعت 400 مليون دولار وستشيد مصنعا في ولاية كنتاكي الأمريكية وتأمل في استخدامه لإنتاج بطاريات رخيصة يمكنها تخزين الكهرباء لفترات طويلة.
هذه التقنيات ملائمة جدا للوفاء بالطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات والتي تتلهف شركات التقنية العملاقة لتشغيلها بالطاقة المتجددة. (مراكز البيانات منشآتٌ حاسوبية تتولى إدارة وتخزين ومعالجة كميات ضخمة من البيانات- المترجم) وحقيقة أن بطاريات ايونات الصوديوم أقل تعرضا للحريق من البطاريات التي ترتكز على الليثيوم تجعلها جذابة على نحو خاص لشركات التقنية ليس أقله لأنها تقلل تكلفة التأمين، بحسب جيف شامبرلين الرئيس التنفيذي لشركة “فولتا انيرجي تكنولوجيز” والتي تركز على الاستثمار في تخزين الطاقة.
يشير كولين ويسيل الرئيس المشارك لشركة ناترون أن شركته الناشئة تخطط إلى حد كبير لتزويد مراكز البيانات بالبطاريات.
كما يقود التدشين السريع لمراكز البيانات إلى فجوات في البنية التحتية المستخدمة لتوليد ونقل الكهرباء والتي يمكن سدَّها ببطاريات أطول عمرا من النوع الذي تأمل شركة “انير فينيو” في إنتاجه.
يتوقع آرون زوباتي الرئيس التنفيذي لشركة تطوير الطاقة المتجددة “ايوليان” ازدهارا في حلول تخزين الكهرباء لمدة أربع إلى ثماني ساعات لمقابلة الطلب المتزايد لشبكات الكهرباء خلال العقد القادم.
إذن تخزين الكهرباء لتغذية الشبكات يتقدم بسرعة. يقول محلل مخضرم لازدهار الطاقة الشمسية “البطاريات حققت خلال خمس سنين ما احتاجت الطاقة الشمسية إلى 15 عاما لإنجازه”. ولخّص فاتح بيرول رئيس وكالة الطاقة الدولية ذلك بقوله “البطاريات تغيِّر اللعبة أمام أعيننا”.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
نتمنى لكم يوماً مشمساً..
المصدر: The Economist