سولارابيك- عمّان، الأردن- 9 مارس 2025: يتطلع الأردن، الذي يمتلك احتياطيات من اليورانيوم تقدر قيمتها بنحو 6.3 مليار دولار، على تنفيذ خطط لتحويل ثروته المعدنية الهائلة إلى حجر الزاوية في أمن الطاقة والنمو الاقتصادي، بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة “جوردان تايمز“.
ومع اقتراب إنتاج اليورانيوم إلى نطاق تجاري، تهدف المملكة إلى الحد من الاعتماد على الطاقة المستوردة، وإنشاء صناعات عالية القيمة، وترسيخ مكانتها كقائد إقليمي في سوق الطاقة النووية العالمية.
وتعمل مذكرة التفاهم التي تم توقيعها حديثًا مع كازاخستان، وهي دولة رائدة عالميًا في إنتاج اليورانيوم، على تسريع رؤية الأردن من خلال تسهيل نقل أحدث التقنيات والخبرات في مجال التعدين.
وفي مقابلة مع صحيفة “جوردان تايمز”، سلط محمد الشناق، المدير العام لشركة تعدين اليورانيوم الأردنية (JUMCO)، الذراع الاستثماري لهيئة الطاقة الذرية الأردنية (JAEC)، الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه كازاخستان في نقل تقنيات تعدين اليورانيوم المتقدمة إلى الأردن.
وقال إن الشراكة مع كازاخستان تؤكد التزام الأردن بتعزيز التعاون الدولي مع إعطاء الأولوية لبناء القدرات المحلية والممارسات المستدامة والاعتماد على الذات من الناحية التكنولوجية.
وقال إن شركة كازاتومبروم الكازاخستانية، أكبر منتج لليورانيوم في العالم، ستشارك بخبراتها في مجال الاستكشاف والاستخراج والممارسات المستدامة، مضيفاً أن الشراكة تهدف إلى تحسين عمليات الأردن من خلال الإنتاج الفعال من حيث التكلفة وتقليل التأثير البيئي.
إمكانات اليورانيوم في الأردن
تحتوي احتياطيات اليورانيوم في الأردن -وهي تتركز في الصخور الكربونية والرواسب الفوسفاتية في وسط البلاد- على حوالي 42 ألف طن من أكسيد اليورانيوم بدرجة متوسطة تبلغ 150 جزءًا في المليون.
وأوضح الشناق: “على الرغم من أن هذه الخامات أقل من المتوسطات العالمية، إلا أن العمق الضحل لهذه الخامات يقلل من تكاليف الحفر بشكل كبير”.
وأشار إلى أن الصخور الفوسفاتية التي تحتوي على اليورانيوم في مناطق مثل الحسا والقطرانة والشيدية والريشة والرويشد تحتوي على ما يقدر بنحو 200 ألف طن من أكسيد اليورانيوم، مع إمكانات كبيرة غير مستكشفة. وأضاف: “إن هذه الرواسب، إلى جانب جهود الاستكشاف الجارية، تضع الأردن كمورد مستقبلي لليورانيوم”.
ومع وصول أسعار اليورانيوم الحالية إلى 150 دولارا للكيلوغرام، تقدر احتياطيات الأردن بنحو 6.3 مليار دولار، وهو رقم يتوقع الشناق أن يتضاعف وسط ارتفاع الطلب العالمي، مشيرًا إلى أن “عشرات المفاعلات النووية الجديدة في جميع أنحاء العالم ونضوب الاحتياطيات في أماكن أخرى تدفع هذا الارتفاع”.
ويتوقع الخبراء أن تتجاوز أسعار اليورانيوم 300 دولار للكيلوغرام في السنوات المقبلة، مما يعزز الإمكانات الاقتصادية لقطاع اليورانيوم في الأردن.
وأكد الشناق، التزام الأردن بإنتاج الكعكة الصفراء محليا بدلا من تصدير الخام، قائلًا “هذا يتماشى مع إستراتيجيتنا الوطنية لإنشاء صناعات ووظائف عالية القيمة”. وأضاف أن شركته قامت بالفعل بتشغيل مصنع تجريبي في منطقة السواقة، والذي عالج عشرات الأطنان من الخام في عام 2021، وأنتج عدة كيلوغرامات من الكعكة الصفراء.
“وتقوم الشركة حاليًا باختبار تقنية الاستخلاص من الكومة لمعالجة مئات الأطنان من خامات اليورانيوم الكربونية، بهدف إنتاج أكثر من 100 كيلوغرام من الكعكة الصفراء لكل عملية استخلاص من الكومة. وستوفر هذه التجارب بيانات أساسية لتوسيع نطاق الإنتاج التجاري.”
التمويل وعائد الاستثمار
وتستعد شركة JUMCO لإعداد دراسة جدوى قابلة للتمويل لتحديد العائد المتوقع على الاستثمار وتأمين التمويل للتعدين على نطاق تجاري. وقال الشناق “سترشد هذه الدراسة بقراراتنا الاستراتيجية وتساعدنا في تأمين التمويل اللازم”.
وأضاف أن مصادر التمويل المحتملة تشمل القروض المحلية والدولية، والدعم المالي من المؤسسات العالمية مثل البنك الدولي، واستثمارات القطاع الخاص من شركات التعدين. وأكد أن “الارتفاع الحاد في أسعار اليورانيوم العالمية جذب اهتمام الشركات الإقليمية والدولية؛ مما يجعل قطاع اليورانيوم في الأردن فرصة استثمارية واعدة”.
تحدي المياه
وفي حديثه عن مشكلة ندرة المياه في الأردن، أوضح بالتفصيل خطط استخدام المياه الجوفية المالحة المعالجة في التعدين. وقال: “هذه المياه غير صالحة للاستهلاك البشري، ولكن مع المعالجة المناسبة، يمكن استخدامها في عملياتنا. كما سيتم تنفيذ تقنيات إعادة تدوير المياه الصناعية لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والحد من استهلاك المياه بشكل عام”.
وأكد على الالتزام بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلًا: “سيتم معالجة مخلفات الاستخلاص وتخزينها بشكل آمن، بعيدًا عن مصادر المياه الجوفية والسطحية. وستتضمن المراقبة البيئية الصارمة فحوصات إشعاعية منتظمة للهواء والتربة والمياه لمنع التلوث”.
كما ربط الشناق بين استخراج اليورانيوم وإستراتيجية الطاقة النووية في الأردن. قائلًا: “سيعمل اليورانيوم المحلي على تغذية المفاعلات النووية في المستقبل، مما يقلل من الاعتماد على الواردات وتكاليف التشغيل”.
كما سلط الضوء على طموحات التصدير، مستشهداً بالطلب المتزايد في آسيا وأوروبا. “تعمل دول مثل الصين والهند وتركيا وبولندا وسلوفاكيا على توسيع قدراتها النووية، مما يخلق فرص تصدير كبيرة للأردن”.
وأوضح أن الموقع الإستراتيجي للأردن في الشرق الأوسط يوفر مزايا لوجستية لتصدير اليورانيوم عبر الموانئ البحرية أو الطرق البرية.
وأضاف أن “الالتزام بمعايير السلامة والجودة الدولية، التي تسهلها الشراكات مع منظمات مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيكون أمرًا بالغ الأهمية للوصول إلى الأسواق العالمية”.
الاستثمار في القوى العاملة في الأردن
وقامت JUMCO بتدريب أكثر من 150 متخصصًا في استكشاف اليورانيوم واستخراجه والدراسات البيئية وتقييم البيانات. “نحن نعمل بنشاط على تطوير الخبرات المحلية لتقليل الاعتماد على المتخصصين الأجانب”. تتضمن برامج التدريب العمل الميداني العملي في مواقع التعدين والشراكات مع المؤسسات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمات التدريب المتخصصة في التعدين.
وأضاف أن “هذه المبادرات تهدف إلى تزويد الشباب الأردني بالمهارات اللازمة لإدارة موارد اليورانيوم بكفاءة واستدامة”. ومن خلال رعاية المواهب المحلية، تهدف الأردن إلى تعزيز قدرتها على تحقيق طموحاتها في مجال الطاقة النووية بشكل مستقل.
خطوة ثاقبة نحو سيادة الطاقة
يمثل مشروع اليورانيوم في الأردن خطوة محورية نحو سيادة الطاقة والمرونة الاقتصادية. ومن خلال الاستفادة من التقنيات المتطورة والممارسات المستدامة والقوى العاملة المحلية الماهرة، فإن الأردن على استعداد لتحويل احتياطياته من اليورانيوم إلى حجر الزاوية لمستقبل الطاقة النظيفة.
ومع ارتفاع الطلب العالمي على الوقود النووي، فإن التزام المملكة بالابتكار والمسؤولية البيئية لا يضعها في موضع قائد إقليمي فحسب، بل ومساهم مسؤول في انتقال العالم إلى الطاقة النظيفة. وبفضل التخطيط الدقيق والشراكات الدولية، قد تعيد طموحات الأردن في مجال اليورانيوم تعريف المشهد الجيوسياسي والاقتصادي لعقود قادمة.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: The Jordan Times