سولارابيك، السعودية- 17 أبريل 2025: تُطوّر جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالتعاون الوثيق مع شركة أرامكو السعودية العملاقة، بطاريات ثورية قابلة لإعادة الشحن مقاومة للحرارة إذ تتميز بقدرتها على العمل بكفاءة في أقسى الظروف المناخية، متجاوزةً بذلك تحديات درجات الحرارة القصوى التي تتراوح بين التجمد عند -20 درجة مئوية وصولًا إلى الحرارة المرتفعة التي تبلغ +130 درجة مئوية. يهدف هذا التعاون الاستراتيجي إلى معالجة واحدة من أكبر العقبات التقنية في قطاع الطاقة، وتوفير حلول تخزين طاقة موثوقة للتطبيقات الصناعية الحيوية، بدءًا من عمليات التنقيب عن النفط والغاز تحت سطح الأرض وصولًا إلى شبكات الكهرباء والمركبات الكهربائية.
تجاوز قيود الليثيوم: ابتكار في المواد ومقاومة الظروف القاسية
تُواجه بطاريات الليثيوم-أيون التقليدية، المسيطرة حاليًا على السوق، تحديًا كبيرًا يتمثل في تدهور أدائها وسلامتها عند تجاوز درجة الحرارة 60 درجة مئوية، مما يجعلها غير عملية للتطبيقات الحيوية كأدوات الحفر والاستشعار في آبار النفط والغاز، حيث تتراوح الحرارة بين 65 و 200 درجة مئوية. يتصدى فريق البحث المشترك من كاوست وأرامكو لهذا التحدي عبر ابتكار كيمياء بطاريات جديدة، ترتكز على تطوير كهرليتات وفواصل وأقطاب كهربائية قادرة على الصمود والعمل بفعالية في هذه البيئات القاسية.
يؤكد البروفيسور حسام الشريف، رئيس مركز التميز للطاقة المتجددة وتقنيات التخزين (CREST) في كاوست، أن “التحدي الرئيسي يكمن في تحديد الكهرليتات والفواصل التي يمكنها تحمل درجات الحرارة المرتفعة”. وقد أثمرت الجهود بالفعل عن تطوير نماذج أولية بأشكال مختلفة (قرصية، وأسطوانية)، وتمكنت بعض البطاريات التجارية المطورة من العمل المتواصل عند 130 درجة مئوية لقرابة ثمانية أشهر مع احتفاظ ممتاز بالسعة. وتمثل بطاريات ليثيوم-كبريت، إنجازًا لافتًا للفريق بقدرتها على العمل بأمان وموثوقية في نطاق غير مسبوق يمتد من -20 إلى 100 درجة مئوية، وهي بطاريات غير قابلة للاشتعال وتتميز بكثافة طاقية عالية.
من أعماق الآبار إلى المركبات الكهربائية: مرونة تشغيلية وخطط طموحة
تتجاوز فوائد هذه التقنية الوليدة قطاع النفط والغاز لتَعِدَ بمرونة تشغيلية عالية ووفورات اقتصادية في تطبيقات متعددة. ففي قطاع الاستكشاف والإنتاج، ستُسهم البطاريات الجديدة في تقليل الاعتماد على البطاريات الأولية غير القابلة لإعادة الشحن والمُكلفة المستخدمة في تطبيقات باطن الأرض، مما يُخفض التكاليف التشغيلية ويُحسّن البصمة الكربونية ويدعم نشر تقنيات “الآبار الذكية”. وبالقدر نفسه من الأهمية، يفتح استقرار هذه البطاريات في درجات الحرارة المرتفعة الباب لتحسين أداء المركباتالكهربائية وأنظمة تخزين طاقة الشبكات؛ حيث يُقلل استقرارها الحراري الحاجة لأنظمة تبريد معقدة ومكلفة، خاصة في المناخات الحارة التي تتسم بها المنطقة، مما يزيد من كفاءة المركباتالكهربائية ويطيل عمر بطارياتها التشغيلي ويعزز من سلامتها بشكل كبير. يعمل الباحثون حاليًا على تطوير نماذج خلايا أسطوانية متقدمة تهدف للعمل عند 130 درجة مئوية لمئات الدورات مع الحفاظ على كثافة طاقتها لمدة عام كامل. ويُشدد الدكتور جهاد الدملاوي، مدير البحث والتطوير والعمليات في مركز (CREST)، على أن الهدف المزدوج هو تحقيق “مرونة طويلة الأمد في درجات الحرارة المرتفعة وكثافة طاقة معززة”. وتشمل الخطط المستقبلية الطموحة، كما ذكر الدملاوي، العمل على “زيادة حجم الإنتاج، والاختبار الميداني، والنشر العملي للتكنولوجيا، بالإضافة إلى تطوير قدرات الشحن السريع الضرورية للتطبيقات الميدانية وضمان توافق البطاريات المبتكرة مع المعدات والبنية التحتية القائمة“.
رؤية 2030 تقود الابتكار: تآزر صناعي-أكاديمي لفتح آفاق جديدة
يُجسّد هذا التعاون بين كاوست وأرامكو نموذجًا للتآزر بين البحث العلمي المتطور والخبرة الصناعية العريقة، وهو ما أشار إليه الدكتور محمد أرسلان من مركز التنقيب وهندسة البترول (EXPEC) بأرامكو، مؤكدًا أن “الخبرة التشغيلية الراسخة لأرامكو تكمل القدرات البحثية المتطورة لكاوست” للتغلب على التحديات الملحة. يتماشى المشروع بشكل مباشر مع تطلعات رؤية السعودية 2030 وأولويات هيئة البحث والتطوير والابتكار (RDIA)، الهادفة إلى تعزيز الابتكار التكنولوجي، وتطوير حلول الطاقة المستدامة، ودفع عجلة التنوع الاقتصادي. ومع توقع نمو سوق البطاريات العالمي إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2030، فإن هذه الجهود تضع المملكة في موقع متقدم لتلبية الطلب المتزايد على حلول تخزين طاقة متقدمة وموثوقة. ويؤكد الدكتور غيثان المنتشري، مدير مركز (EXPEC)، أن هذه الابتكارات “تفتح آفاقًا جديدة في تخزين الطاقة”، بينما يرى الدكتور عبد الوهاب الغامدي، رئيس مركز أبحاث الاستكشاف والإنتاج في أرامكو بكاوست، أن هذه الجهود المشتركة “تدفع حدود البحث إلى ما هو أبعد” لإطلاق الإمكانات الكاملة في مجال البطاريات.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصدر: kaust
image source: kaust