سولارابيك – بكين، الصين- 18 يوليو 2025: شهد استهلاك وقود النقل البري في الصين – البنزين والديزل – خلال العام الماضي انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بالمستويات المسجلة قبل عامين، حين كانت البلاد تخرج من فترة الإغلاق المرتبطة بجائحة كوفيد-19 التي استمرت نحو ثلاث سنوات.
ولا يُعزى هذا التراجع فقط إلى الطلب المكبوت في عام 2023، بل يعود بشكل كبير إلى ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية، والشاحنات الكهربائية، والمركبات الثقيلة العاملة بالغاز الطبيعي المسال، مما أدى إلى تقليص الطلب على الوقود التقليدي.
ورغم هذا الانخفاض الواضح في استهلاك وقود الطرق، تظل الصين – أكبر مستورد للنفط الخام في العالم – عنصرًا حاسمًا في تحديد اتجاهات الطلب العالمي على النفط، ومحركًا رئيسيًا لأسعاره.
حتى الآن في عام 2025، تجاوز النمو الاقتصادي الصيني الهدف الرسمي البالغ نحو 5%. فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني 5.2%، متجاوزًا توقعات المحللين البالغة 5.1%، رغم تباطؤه مقارنة بالربع الأول الذي سجل نموًا بنسبة 5.4%.
كما حافظت الصادرات على قوتها حتى الآن، رغم استمرار الحرب التجارية والرسوم الجمركية الأمريكية.
وبحسب تحليل أجرته شركة “إنيرجي إنتليجنس” استنادًا إلى بيانات المكتب الوطني للإحصاء والجمارك الصينية، من المتوقع أن يكون نمو الطلب على النفط في الصين خلال عام 2025 مماثلًا تقريبًا للعام السابق، بزيادة طفيفة تبلغ نحو 100 ألف برميل يوميًا.
وأظهرت تقديرات “إنيرجي إنتليجنس” للطلب الظاهري على النفط – باستخدام بيانات التكرير الرسمية وتقديرات إنتاج المنتجات والواردات الصافية – أن الطلب على البنزين والديزل في الصين ظل مستقرًا نسبيًا في مايو مقارنة بأبريل. إلا أن استهلاك البنزين انخفض بنسبة 9%، والديزل بنسبة 6% مقارنة بشهر مايو 2024.
ويرتبط هذا الانخفاض بشكل مباشر بارتفاع مبيعات السيارات الجديدة. فقد ذكرت شركة الأبحاث “Rho Motion” في تقريرها هذا الأسبوع أن مبيعات السيارات الكهربائية في الصين ارتفعت بنسبة 32% على أساس سنوي، لتصل إلى 5.5 مليون وحدة خلال النصف الأول من العام.
وعلّق تشارلز ليستر، مدير بيانات الشركة، قائلاً: “أكثر من نصف السيارات الكهربائية المباعة عالميًا تُشترى في الصين، ونحو نصف السيارات الجديدة المباعة في البلاد هي كهربائية”. وأضاف: “رغم بعض التوترات بشأن الدعم، نتوقع استمرار هذا الاتجاه القوي في مبيعات السيارات الكهربائية طوال العام”.
وبسبب ضعف استهلاك البنزين والديزل، تتوقع “إنيرجي إنتليجنس” أن ينمو الطلب على النفط في الصين بمقدار 120 ألف برميل يوميًا هذا العام، وهو ما لا يزيد كثيرًا عن النمو المسجل العام الماضي والبالغ 110 آلاف برميل يوميًا.
في المقابل، يُتوقع أن يتجاوز نمو الطلب في الهند نظيره في الصين، حيث يُرجّح أن يرتفع الطلب على النفط في الهند بنحو 180 ألف برميل يوميًا في عام 2025 مقارنة بعام 2024.
وقد بدأت شركات الطاقة الحكومية الكبرى في الصين تدرك أن المركبات العاملة بالطاقة الجديدة – التي لا تعتمد على المنتجات البترولية المكررة – بدأت تلتهم الطلب المحلي على وقود الطرق، والذي بلغ ذروته بالفعل.
وفي توقعاتها السنوية الصادرة في أبريل، أقرت مؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC)، المساهم المسيطر في شركة بتروتشاينا، بهذا التحول. وأوضح معهد أبحاث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع للمؤسسة أن النمو الاقتصادي الأقوى من المتوقع والطلب المتزايد على البتروكيماويات سيرفعان الطلب على النفط بنسبة 1.1% هذا العام، إلا أن استهلاك وقود النقل قد بلغ ذروته.
وتتفق وكالة الطاقة الدولية مع هذا التقييم، معتبرة أن الطلب على النفط المستخدم في وقود الطرق بالصين قد وصل إلى مرحلة الاستقرار.
وفي تحول كبير في سوق النفط العالمية، أصبحت الهند الآن تتفوق على الصين كمحرك رئيسي لنمو الطلب العالمي على النفط، بعد أن هيمنت الصين على هذا النمو طوال أكثر من 25 عامًا.
ومع ذلك، فإن سياسة الصين في تخزين النفط الخام، وسعي مصافي التكرير للحصول على صفقات بأسعار منخفضة، وتوجيهات السلطات للشركات الحكومية بزيادة المخزونات، أسهمت في تعزيز احتياطيات النفط الخام خلال الأشهر الأخيرة. ورغم أن هذه المشتريات تدعم أسعار النفط، فإن ضعف استهلاك البنزين والديزل يُحد من نمو الطلب الإجمالي في أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: Oil Price