سولارابيك – تونس- 18 يوليو 2025: تسعى تونس حاليا إلى ترسيخ موقعها كوجهة استثمارية متميزة في شمال إفريقيا، من خلال استراتيجية وطنية طموحة تمتد من عام 2024 حتى عام 2030، وتهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن مخطط التنمية 2026-2030، الذي يركّز على تعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وتحقيق التوازن التنموي بين مختلف الجهات.
وووفقًا لـ”الصباح نيوز”، تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط، بالتعاون مع اللجان الحكومية والبرلمانية ووكالة النهوض بالاستثمار، على تنفيذ إصلاحات هيكلية، ودعم القطاعات الواعدة، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ملامح مخطط التنمية 2026-2030
أعلنت الحكومة التونسية عن الخطوط العريضة لمخطط التنمية 2026-2030، الذي يستهدف تحقيق معدل نمو اقتصادي يتراوح بين 4% و5% سنويًا، مقارنة بالمعدل الحالي البالغ نحو 2.4%. ويركز المخطط على تقليص الفوارق التنموية، وتعزيز الاستثمارات في المناطق الداخلية ذات البنية التحتية الضعيفة.
ويهدف إلى رفع نسبة الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. وقد خُصصت استثمارات ضخمة لقطاع الطاقة منخفضة الكربون حتى عام 2035 بقيمة 18 مليار دولار، ترتفع إلى 43.5 مليار دولار بحلول عام 2050.
وفي عام 2025، خُصصت 7.1 مليار دينار تونسي (2.2 مليار دولار) لتطوير قطاع الطاقة، بما يشمل الطاقة الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر، مع مشاريع أولية لتوليد 500 ميجاواط من الطاقة الشمسية، تتطلب استثمارًا سنويًا يقارب 900 مليون دينار. وتوزّع هذه الاستثمارات بين الحكومة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أداء الاستثمار الأجنبي المباشر
وفقًا لبيانات وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي (FIPA)، سجلت تونس زيادة بنسبة 18% في الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2023، حيث استقطبت أكثر من 2.5 مليار دينار تونسي (حوالي 700 مليون دولار). توزعت هذه الاستثمارات على الصناعات التحويلية (40%)، الطاقة (35%)، والخدمات (20%).
وفي عام 2024، بلغت الاستثمارات الأجنبية 2956.6 مليون دينار، مقارنة بـ2533.3 مليون دينار في 2023، أي بزيادة قدرها 16.7%. وتجاوزت تونس الأهداف المرسومة لعام 2024، وتسعى إلى تعبئة 3400 مليون دينار في 2025، والوصول إلى 4000 مليون دينار بحلول 2026.
نحو اقتصاد متنوع ومستدام
تُقدّم الاستراتيجية الاستثمارية التونسية رؤية واضحة لتعزيز القطاعات ذات الأولوية، بما يتماشى مع التوجهات الاقتصادية العالمية ويستند إلى الموارد المحلية. وتُعد الطاقات المتجددة محورًا أساسيًا، حيث تهدف تونس إلى رفع نسبة إنتاجها من الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول عام 2030، باستثمارات تُقدّر بنحو 10 مليارات دينار تونسي، تشمل إنشاء محطات طاقة شمسية وريحية بالتعاون مع مستثمرين دوليين.
كما يشهد قطاع التكنولوجيا نموًا ملحوظًا، مع تسجيل أكثر من 1100 شركة ناشئة حتى نهاية عام 2024. وتسعى الحكومة إلى تعزيز هذا العدد من خلال حوافز ضريبية وتمويلية، وإنشاء مناطق تكنولوجية متخصصة.
ويُعد قطاع الصناعات التحويلية من أبرز محركات النمو، ويستقطب أكبر نسبة من الاستثمارات الأجنبية، خاصة في الصناعات الميكانيكية، الإلكترونية، والدوائية. وتستهدف الحكومة رفع مساهمة هذا القطاع إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
وفي مواجهة التحديات المناخية، تركز الاستراتيجية على الزراعة الذكية، وتحسين الإنتاجية، وتقليل استهلاك المياه، إلى جانب تعزيز الصناعات الغذائية الموجهة للتصدير نحو الأسواق الإفريقية والأوروبية.
إصلاحات هيكلية وأهداف طموحة
تشكل الإصلاحات الهيكلية حجر الأساس في إستراتيجية الاستثمار، وتشمل تحديث قانون الاستثمار لعام 2016، تبسيط الإجراءات الإدارية، تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد. وتعمل تونس على تحسين تصنيفها في مؤشر مدركات الفساد من خلال تبني أنظمة رقمية، إلى جانب إصلاح النظام الجبائي لتوفير حوافز للمستثمرين في المناطق الداخلية.
كما تشمل الاستثمارات الكبرى تحديث شبكات النقل، الموانئ، والمناطق الصناعية، بما يعزز جاذبية البلاد للاستثمار.
وتسعى تونس إلى رفع معدلات الاستثمار إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقليص البطالة من 15.2% إلى أقل من 10% بحلول عام 2030، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام بمعدل 4-5% سنويًا، إلى جانب تقليص العجز التجاري عبر تعزيز الصادرات وتنويع الأسواق.
تحديات قائمة وآفاق واعدة
رغم الطموحات، تواجه تونس تحديات كبيرة، أبرزها الصراعات الجيوسياسية الإقليمية، وارتفاع نسبة المديونية التي تجاوزت 80% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب استمرار البيروقراطية كعائق أمام تنفيذ المشاريع الكبرى.
ومع ذلك، تشير البيانات إلى أن السياسات المتبعة بدأت تؤتي ثمارها، مع تزايد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتقدم قطاع التكنولوجيا، وارتفاع عدد الشركات الناشئة.
وتبقى قدرة تونس على التكيّف مع المتغيرات المحلية والدولية، وتحقيق تنفيذ فعّال للأهداف، العامل الحاسم في نجاح إستراتيجيتها الاستثمارية.
تابعونا على لينكيد إن Linked-in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية..
المصدر: الصباح نيوز (سفيان المهداوي)