سولارابيك، المغرب- 13 سبتمبر 2025: كشفت حكومة المغرب عن اختيارها لمجموعة من المستثمرين المحليين والدوليين لبدء مفاوضات استثمارية ضخمة تهدف إلى تأسيس صناعة وطنية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته. وتصل القيمة الإجمالية لهذه الحزمة من المشاريع الاستثمارية إلى ما يناهز 319 مليار درهم (32.6 مليار دولار)، في خطوة استراتيجية تضع المملكة في قلب سباق الطاقة النظيفة العالمي، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع الناشئ.
مشاريع عملاقة وطموحات استراتيجية
أعلنت السلطات المغربية أن هذه المشاريع العملاقة، التي تعد باكورة الاستثمارات في هذا القطاع الواعد، ستتركز في الأقاليم الجنوبية الثلاث للبلاد. وضمت قائمة الشركات التي وقع عليها الاختيار للتفاوض أسماء بارزة في قطاع الطاقة العالمي، مثل “أكوا باور” السعودية، و”طاقة” الإماراتية، و”توتال إنرجي” الفرنسية، مما يعكس الثقة الدولية في الرؤية المغربية. وبالإضافة إلى ذلك، تقود جهوداً محلية مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، الذي يرى في الهيدروجين الأخضر حلاً استراتيجياً لتعزيز استقلاليته في إنتاج الأسمدة منخفضة الكربون. كما أنه من المخطط ألا تقتصر هذه المشاريع على إنتاج الهيدروجين فحسب، بل ستشمل أيضاً مركبات متنوعة مثل الأمونيا الخضراء الموجهة لصناعة الأسمدة، والوقود الاصطناعي، والفولاذ الأخضر الذي يحظى باهتمام متزايد من الصناعة الأوروبية.
بيئة استثمارية متكاملة ومنهجية حذرة
يعمل المغرب على توفير بيئة استثمارية جاذبة لدعم هذه الطموحات الكبرى، حيث خصصت الدولة مليون هكتار من الأراضي لتطوير مشاريع القطاع، تم إتاحة 300 ألف هكتار منها كمرحلة أولى. وتترافق هذه الجهود مع تطوير بنية تحتية داعمة تشمل تأهيل أربعة موانئ استراتيجية لتخزين وتصدير الهيدروجين، وإنشاء شبكة أنابيب متخصصة، ومحطات ضخمة لتحلية مياه البحر. في حين أنه يتم بالتوازي إطلاق مشاريع كبرى لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية والريحية، مع تقديم حوافز ضريبية وجمركية ودعم مالي مباشر للمستثمرين. وعلى الرغم من حجم الطموحات، أكد مسؤول حكومي مطلع أن الدولة تتبع نهجاً متأنياً ومدروساً لتفادي أي اندفاع غير محسوب، حيث شكلت الحكومة لجنة متخصصة تتولى مهمة التدقيق في الملفات الاستثمارية من كافة الجوانب التقنية والمالية والتجارية، مشدداً على أنه لن يتم اتخاذ أي قرار استثماري نهائي أو ضخ للأموال ما لم يتم تأمين عقود بيع طويلة الأمد مع مشترين محليين أو دوليين لضمان جدوى المشاريع.
تحديات عالمية ورؤية مستقبلية
يصطدم هذا الطموح المغربي الكبير بواقع السوق العالمية التي لا تزال في مراحلها الأولى، حيث بدأ الطلب على الهيدروجين الأخضر بالتشكل بالكاد. وقد أدت التكاليف المرتفعة وضعف الطلب إلى قيام شركات عالمية بمراجعة خططها، بل وإلغاء مشاريع قائمة، حيث كشفت البيانات أن عدد مشاريع الهيدروجين الملغاة عالمياً قفز بنسبة 233% خلال العام الماضي. ومن ناحية أخرى، تبرز أمثلة لهذا التوجه الحذر، كقرار شركة “مصدر” الإماراتية تحويل تركيزها الاستثماري من الهيدروجين إلى قطاع الذكاء الاصطناعي. ورغم هذه التحديات، يهدف المغرب إلى الاستفادة من إمكاناته الهائلة في مجال الطاقة الشمسية والريحية لتلبية أكثر من 4% من الطلب العالمي المستقبلي على الهيدروجين الأخضر، مع التركيز بشكل خاص على السوق الأوروبية القريبة جغرافياً، والتي وضعت هدفاً طموحاً لاستيراد 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
تابعونا على لينكيد إن Linked–in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصدر: العمق المغربي