سولارابيك، الولايات المتحدة الأمريكية– 23 ديسمبر 2025: حقق مشروع إعادة تطوير ضخم في مدينة دنفر الأمريكية تحولاً جذرياً في مفاهيم الطاقة المستدامة، بعدما نجح مهندسون في تحويل معضلة تقنية تتعلق بأنابيب الصرف الصحي إلى مصدر مبتكر للتدفئة والتبريد. واجه المخططون أثناء تشيد مركز “ناشيونال ويسترن” التعليمي عائقاً يتمثل في أنبوبي صرف صحي بقطر 1.8 متر (6 أقدام) تعذر دفنهما بسبب الحاجة لتصريف الحرارة، وهو ما استغله المهندسون لبناء نظام يغذي حالياً قاعات الدراسة ومركزاً للفروسية ومستشفى بيطرياً بالاعتماد على الحرارة المستخرجة من المياه العادمة. ويؤكد الخبراء أن هذه التقنية، التي تعتمد على استقرار درجة حرارة مياه الصرف عند 21 درجة مئوية (70 فهرنهايت) طوال العام، تمثل مورداً طاقياً مهملًا يتفوق على المصادر المتجددة المرتبطة بتقلبات الطقس، كما أنها تعمل فعلياً في ولايات كاليفرونيا ونيويورك وواشنطن وكندا، موفرةً معظم احتياجات المنشآت من الطاقة دون الحاجة للغلايات التقليدية إلا في حالات الذروة المناخية.
هندسة ذكية لاستخلاص الطاقة بلا روائح
تعتمد الآلية التقنية لهذا النظام على تدفق مياه الصرف من الاستخدامات المنزلية المختلفة إلى خزان تجميع يعمل على عزل المواد الصلبة، ليمر السائل المتبقي عبر مبادل حراري محكم من الصفائح المعدنية يقوم بنقل الطاقة إلى دورة مياه نظيفة منفصلة تماماً دون حدوث أي تلامس بين السائلين، مما يضمن انعدام الروائح الكريهة. وتتولى مضخة حرارية متطورة بعد ذلك ضبط درجات حرارة الغرف أو تسخين مياه الشرب، بينما تعود مياه الصرف لمسارها الطبيعي نحو محطات المعالجة، كما أنه لا يتم استخدام الكهرباء في هذه الدورة إلا لتشغيل المضخات والمبادل فقط، مما يجعلها أقل استهلاكاً للطاقة بكثير من الأنظمة المركزية التقليدية. وبالإضافة إلى ذلك، يرى آرون ميلر، المدير الإقليمي لشركة “شارك إنرجي”، أن مياه الصرف هي “الآفاق الواعدة الأخيرة للطاقة المستدامة”، مؤكداً وجود فوائد مالية ملموسة يمكن تسويقها لأصحاب الأعمال حتى في البيئات التي لا تولي اهتماماً كبيراً بالقضايا البيئية، نظراً للجدوى الاقتصادية العالية الناتجة عن تقليل تكاليف التشغيل.
آفاق عالمية لإزالة الكربون من المدن
كشفت بيانات وزارة الطاقة الأمريكية أن ما يقرب من 350 مليار كيلوواط/ساعة من المياه الساخنة تُهدر سنوياً عبر المصارف، وهو رقم يعكس حجم الفرص الضائعة التي تسعى مدن مثل فانكوفر لاستغلالها، حيث أعلنت المدينة الكندية أن 60% من طاقة مرافقها لعام 2025 ستأتي من استعادة حرارة مياه الصرف. ومن ناحية أخرى، شدد براد بوكانان، الرئيس التنفيذي لمركز دنفر، على أن كل مدينة في العالم تمتلك هذه الميزة في مناطقها المنخفضة التي تمر عبرها خطوط الصرف الرئيسية، في حين أنه يمكن للمباني السكنية التي تضم 50 وحدة فأكثر، والمصانع، ومغاسل السيارات، الاستفادة القصوى من هذه التقنية نظراً لحاجتها الكبيرة للمياه الساخنة. وفي سياق متصل، تؤكد آنيا كمارجو كورتيس، عضو مجلس إدارة منظمة “HEET”، أن استخدام الأنابيب الموجودة مسبقاً يوفر مليارات الكيلوواط ويقلل من تكاليف الإنشاءات الضخمة، بينما يعتقد البروفيسور آرون براون من جامعة ولاية كولورادو أن بساطة التكنولوجيا وفعاليتها ستدفع نحو تبني عالمي واسع لتقليل الانبعاثات الكربونية، وهو ما أكده آرون تارتاكوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة “إبيك كلينتك”، بإشارته إلى أن النظرة العامة تجاه مياه الصرف بدأت تتغير من كونها نفايات يجب التخلص منها إلى مورد طاقة استراتيجي غير مستغل.
تابعونا على لينكيد إن Linked–in لمعرفة كل جديد في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية…
نتمنى لكم يوماً مشمساً!
المصدر: interesting engineering

