تعد الألواح الشمسية المصنوعة من المونو كرستالاين أو البولي كرستالاين هي الأكثر انتشاراً وشهرة في العالم حيث تشكل حوالي ال 90% من الألواح الشمسية الكهروضوئية التجارية. و لكن دائما ما كان هنالك تقنية منافسة تدعى بخلايا الفلم الرقيق Thin Film Solar Cells و التي عانت عبر السنوات الماضية من إنخفاض كفاءتها نسبيا و بالتالي إقتصر تطوير هذه التقنية على بضع شركات منها شركة فيرست سولار الأمريكية First Solar و سولار فرونتير اليابانية Solar Frontier.
فهرس
تاريخ خلايا الفلم الرقيق:
تعد خلايا الفلم الرقيق من خلايا الجيل الثاني للألواح الشمسية الكهروضوئية وظهرت للمرة الأولى في سبعينيات القرن العشرين، ومنذ ذلك الوقت سعى العلماء إلى تطوير تقنيات هذه الخلايا ورفع كفاءتها حيث تتميز هذه الخلايا عن خلايا المونو أو بولي كريستالاين بإنخفاض تكلفة التصنيع بشكل واضح.
يمكن تقسيم خلايا الفلم الرقيق إلى نوعين:
تقنيات خلايا لا عضوية: مثل خلايا الثلاثة – خمسة III – V – ، خلايا CIGS وخلايا CdTe.
تقنيات خلايا عضوية: تحتوي على مركبات عضوية في تركيبها مثل الخلايا الشمسية العضوية – Organic Solar Cells وخلايا صبغية شمسية – Dye Sensitized Solar Cells وخلايا البيروفسكيت Perovskite.
سنتعرف اليوم على تقنيات الخلايا اللاعضوية كونها تصنع بشكل تجاري و تنتشر في أسواقنا العربية.
خلايا الثلاثة – خمسة – III – V Solar Cells:
ترمز الثلاثة III – خمسة V إلى أن العناصر المستخدمة في تركيب النصف الناقل في الخلية وهي عناصر تملك ذراتها في مدارها الأخير ثلاثة الكترونات وعناصر تملك في مدارها الأخير خمسة الكترونات، كما يوضح ذلك في صورة الجدول الدوري.
يوجد عدة أنواع من أنصاف النواقل التي تعتمد على الربط بين هذه العناصر ومن أشهرها:
أرسنات الغاليوم GaAs، فوسفات الغاليوم GaP، فوسفات الإنديوم InP، أرسنات الإيديوم InAs، أرسنات الإنديوم غاليوم GaInAs، فوسفات الإنديوم غاليوم GaInP، أرسنات الإنديوم غاليوم ألمنيوم AlGaInAs، وفوسفات الإنديوم غاليوم ألمنيوم AlGaInP.
وأكثرها انتشاراً واستخداماً هو أرسنات الغاليوم GaAs.
إن بنية هذا المركب مشابهة لبنية السيلكون ولكن ذرات الأرسين والغاليوم هي أثقل من ذرات السيلكون ويكون معامل الامتصاص للضوء لخلية مكونة من نصف ناقل من الأرسنات والغاليوم أكبر من معامل الامتصاص لخلية من السيليكون.
يعتمد مبدأ عمل الخلايا المصنوعة بتقنية الثلاثة – خمسة على مبدأ الوصلات المتعددة حيث يتم وضع عدة طبقات من هذه العناصر بحيث نحصل على أكثر من وصلة p-n موضوعة فوق بعضها البعض ويكون الترتيب بحسب نوع العنصر المكون للطبقة وقدرته على امتصاص جزأ من الضوء (وهذا يتعلق بقيمة الفجوة الطاقية للعنصر)، وفي الصورة التالية نجد خلية بتقنية الثلاثة – خمسة تتألف من طبقة سفلى من الجيرمانيوم Ge (بفجوة طاقية 0.67eV) وطبقة وسطى من أرسنات الغاليوم GaAs (بفجوة طاقية 1.4eV) والطبقة العليا من فوسفات الإنديوم غاليوم GaInP (بفجوة طاقية 1.86eV).
وتعمل الخلايا بالوصلات المتعددة بالشكل التالي:
إن الضوء الأزرق الموجود ضمن الضوء المرئي يتمتع بمدى اختراق صغير وقدرة ضئيلة على الاختراق و لذلك تتمتع الطبقة العليا بفجوة طاقية كبيرة نسبياً ليتم امتصاص طاقة الضوء في هذه الطبقة مما يسبب تتحرر الالكترونات.
بينما الأشعة تحت الحمراء والقريبة من حدود الضوء المرئي تتمتع بمدى اختراق كبير لذلك تكون الطبقة السفلى ذات فجوة طاقية صغيرة نسبياً ليتم فيها امتصاص هذه الأشعة.
تقوم الفوتونات التي تحملها هذه الأشعة بمنح الالكترونات في أنصاف النواقل الطاقة الكافية لتتحرر من مدارها وبالتالي لتولد الطاقة الكهربائية.
يتم وصل أنصاف النواقل هذه على التسلسل بحيث يمر في الدارة المكونة التيار المساوي لقيمة أصغر تيار من أنصاف النواقل الثلاثة والتوتر يكون مساويا لمجموع توترات الأنصاف النواقل الثلاثة.
إن تكاليف تصنيع هذه الخلية عالية نسبياً لذلك لا نشاهدها كثيراً في التطبيقات التجارية بينما تنتشر بكثرة في تطبيقات الفضاء الخارجي والأقمار الاصطناعية بسبب كفاءتها العالية.
وفي الجديد في هذه الخلايا وجد الباحثون في المخبر الوطني للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة الأمريكية NREL طريقة جديدة لتخفيض تكلفة تصنيع هذا النوع من الخلايا وقاموا بتصنيع خلايا بكفاءة قدرها 25.3% مما يفتح المجال لاستخدام هذه الخلايا بشكل أكبر وزيادة انتشارها خارج التطبيقات المعتادة لها في الفضاء والأقمار الاصطناعية
خلايا سيلينيد نحاس إنديوم غاليوم – CIGS Solar Cells:
تشكل طبقة من الزجاج الطبقة الأساس للخلية وفوقها توضع طبقة من عنصر المولبيدنيوم Mo والتي تشكل طبقة الوصل الخلفي وتكون سماكتها حوالي 1 مايكرون.
يلي ذلك طبقة الامتصاص وتكون مكونة من CIGS نوع P (تكون حاملات الشحنة الأغلبية فيها هي الثقوب) وبسماكة تتراوح بين 2 ل 4 مايكرون.
لتشكيل وصلة p-n يتم وضع طبقة من كبريتات الكادميوم CdS والتي تكون من نوع n (تكون حاملات الشحنة الأغلبية فيها هي الالكترونات) سماكتها حوالي 15 نانومتر، وهكذا نكون حصلنا على نصف الناقل الخاص بالخلية. هنالك طرق أخرى لتشكيل وصلة p-n خالية من مادة الكادميوم السامة.
يلي هذه الطبقة طبقة من أوكسيد الزنك النقي ZnO وتكون الطبقة الأخيرة من أوكسيد الزنك الذي تمت إشابته بذرات من الألمنيوم مما يجعل هذا الأوكسيد من نوع n، ويمثل طبقة الوصل الأمامي الشفافة.
أحد أهم ميزات خلايا CIGS هو تأثير الصوديوم Na، حيث لوحظ أن وجود ذرات من الصوديوم في الخلية يسبب في زيادة قدرتها على الوصل الكهربائي وزيادة إمكانية استخدام لفجوة الطاقة، تكون النسبة المثالية للصوديوم في طبقات خلية CIGS هي 0.1%.
تتم إضافة الصوديوم إلى الخلية إما باستخدام زجاج الصودا والجير (Soda – lime glass) عوضاً عن الزجاج العادي في الطبقة الأساس، أو تتم إضافته أثناء عملية الإشابة وتركيب الخلية في حال عدم توفر زجاج الصودا والجير.
حققت شركة Global Solar التابعة لمجموعة هانيرجي الصينية خلايا من نوع CIGS بكفاءة تحويل وصلت حتى 23.5% وحققت كفاءة للألواح وصلت إلى 17.5%، وهي تسعى في خطوات جدية للوصول إلى خلايا بكفاءة 30%.
خلايا تيلوريد الكادميوم – CdTe Solar Cells:
هنا توضع طبقة الموصل الأمامي فوق طبقة الزجاج وتكون شفافة أيضاً وهذه الطبقة تكون إما من أكسيد القصدير SnO2 أو من سبائك ستانات الكادميوم CdSnO.
وتضاف طبقة من كبريتات الكادميوم CdS من نوع n، وفوقها تكون طبقة تيلوريد الكادميوم CdTe من نوع p وتمثل طبقة الامتصاص.
يعد من الصعب اختيار نوع طبقة الوصل الخلفي في هذه التقنية كون أن خصائص تيلوريد الكادميوم لا تسمح بخيارات كثيرة للمعادن التي يمكن اختيارها كطبقة وصل خلفي.
بالرغم من أن زيادة الإشابة في نقطة الارتباط يزيد الارتباط ولكن من الصعب تحقيق قيمة عالية من الإشابة بسبب المشاكل التي تسببه طبيعة تيلوريد الكادميوم.
أحد الأمثلة على صعوبة التعامل مع تيلوريد الكادميوم:
يمكن استخدام وصلات النحاس كطبقة وصل خلفي ولكن يمكن أن تتعرض لحالة عدم استقرار وذلك بسبب انتشار النحاس عبر طبقة تيلوريد الكادميوم حتى يصل إلى طبقة كبريتات الكادميوم.
من ميزات هذه الخلايا أنها تعتبر أرخص أنواع تقنيات الفلم الرقيق وتعد أقل تكلفة من غيرها من التقنيات.
بينما التحديات التي تواجهها هذه التقنية هي قلة عناصرها حيث لا يوجد أبحاث كثيرة لاستخراج التيلوريد Te بالإضافة إلى احتواء هذه الخلايا على مادة الكادميوم السامة إلا أن وجود الكادميوم مرتبطاً كما في كبريتات الكادميوم وتيلوريد الكادميوم يقلل من تأثيره كمادة مسممة، ومن الخطوات أيضاً للتعامل مع سمية هذه الخلية تم وضع خطط أعادة تدوير تشمل على الألواح المصنوعة من خلايا تحتوي على الكادميوم في تركيبتها.
وحققت شركة First Solar كفاءة مخبرية لهذه الخلايا بقيمة 22.1% أما الألواح الشمسية التي تصنعها بتاريخ كتابة هذا المقال فلا تتجاوز كفاءتها ال 18%.
خلاصة:
تعرفنا اليوم على تقنيات خلايا الفلم الرقيق ذات التركيب اللاعضوي، وتعد هذه الخلايا بدايات خلايا الفلم الرقيق وتعمل مختبرات الطاقة على رفع كفاءتها وذلك لميزاتها الكثيرة بالمقارنة مع الألواح التقليدية حيث بالإضافة إلى تكلفة التصنيع المنخفضة، فأن إمكانية استخدام أساس مرن في صناعة هذه الخلايا يجعل من السهل إدخالها في مختلف تطبيقات الحياة مثل الأبنية وغيرها لتكون بديلاً لأجزاء من البناء مما يؤمن قدرة توليد أعلى واستفادة أكبر من المساحة التي تتعرض لأشعة الشمس بينما في الألواح التقليدية فيجب الاكتفاء بمساحة سطح البناء أو أرض مجاورة له.
تابعونا لنتعرف في الجزء الثاني من خلايا الفلم الرقيق على الخلايا ذات المركبات العضوية.
نتمنى لكم يوماً مشمساً.
المراجع:
- NREL : National Energy Research lab.
- Edx Course : Solar Energy.
- Green, Martin A., et al. “Solar cell efficiency tables (version 50).” Progress in Photovoltaics: Research and Applications.